تمر حياة رائد الأعمال بمراحل حافلة بالتحديات؛ من صنع الفكرة إلى دراسة الجدوى إلى خطة العمل إلى صنع فريق عمل يتيح تحقيق أهداف المشروع ونجاحه.
في هذه المرحلة، يصبح رائد الأعمال قائدًا لمجموعة يعتمد عليها لتحقيق رؤيته، ويصبح من الضروري عليه أن يعرف كيف يقود هذه المجموعة. ولأن أنماط القيادة عديدة، وتتطلب مساحة كبيرة لتغطيتها؛ لذا سأختار الأسلوب الأمثل لتحقيق التغييرات اللازمة والمخططة لديك، والتي ترغب من خلالها في الوصول إلى أعلى القمة؛ ألا وهي القيادة التحويلية(Transformational Leadership) .
إن التغييرات العديدة والمتلاحقة والمتقاربة في زماننا هذا- وخاصة في عالم الأعمال- تجعل مهمة رائد الأعمال صعبة إن لم يدرك بها ويعرف كيف يواكبها مع فريق عمله؛ ما يحتم عليه المراجعة الدائمة لعمل إدارته وتطويرها؛ لكي يتكيف مع متغيرات المحيط الداخلي والخارجي للشركة؛ الأمر الذي يكفل له الاستمرارية في السوق والمنافسة على نيل أعلى الحصص السوقية في عصر غير مستقر، وحافل بالتحديات.
من هذا المنطلق، جاءت القيادة التحويلية كأسلوب مناسب لتحويل المنشآت من الأساليب القيادية التقليدية إلى الأساليب الحديثة التي تعتمد على العنصر البشري كأهم رأس مال لديها، كما أبرز ذلك الكاتب فينيت نايار(Vineet Nayar) في كتابه
(Employees First, Customers Second) بقوله:” إن المنشأة يجب أن تعطي الأهمية الأولى لموظفيها، ثم يأتي العميل على عكس الفكر التقليدي السائد”.
والقيادة التحويلية -حسب موسوعة ويكيبيديا- هي مفهوم حول القيادة، يشرح الآليات المتبعة لتحقيق تغييرات مخططة مرغوبة من خلال مشاركة القادة والمرؤوسين في تحقيق أهداف عالية المستوى، وإيجاد طرق للنجاح.
من خلال هذا التعريف، يتضح أن القائد التحويلي أو قائد التحول هو الذي يلتحم مع الآخرين بطريقة ترفع من مستويات السلوكيات الإيجابية التي تحقق عملية إدراك الحاجة للتغيير وصنع رؤية جديدة وأهداف محددة ومثالية للمنظمة، وتدفع أيضًا الموظفين إلى تعزيز المثل العليا والقيم الأخلاقية لتحقيق ازدهار ومصلحة المنظمة.
ويتميز القائد التحويلي بست خصال:
الرؤية: وتعني القدرة على خلق رؤية تربط الناس ببعضهم البعض، وخلق مستقبل جديد للمنشأة؛ إذ يكون لدى القائد التحويلي السبل لتحقيق الرؤية، وكيفية إشراك فريق عمله في وضعها وتنفيذها.
الشخصية والأخلاق: والشخصية تعني التمتع بصفات ملهمة يمكنها التأثير على الآخرين؛ فيكون حريصًا على الاستماع بعناية لأتباعه، وتوفير الدعم المتواصل لهم، كما يتمتع بأخلاق رفيعة، ويكون مرنًا ومنفتحًا على النقد، علاوة على قدرته على اكتشاف قادة آخرين يدعم وصولهم إلى المراكز الأمامية في المؤسسة.
المسؤولية: يتحلى القائد التحويلي بالصدق حتى تحت الضغط، ويلتزم بالحفاظ على الالتزامات، ويظهر الثقة في أتباعه من خلال تمكينهم في وظائفهم، وتفويض صلاحياته للآخرين، ويشجع التواصل في الاتجاهين الأفقي والعمودي.
عمق التفكير: يشجع أتباعه على الابتكار، ويشجع التفكير الإيجابي، ويحتضن المخاطر استنادًا إلى التحليل المدروس للأوضاع والمناقشة، وطرح الأسئلة والفرضيات والتركيز على ” ماذا ” و “لماذا” بدلًا من “من الذي”.
احترام مشاعر الغير: من أولويات قائد التحول الاهتمام بحاجات الآخرين والاستماع لمشاغلهم، وتحمل المسؤولية وعدم تحميل أخطائه على الآخرين، فلا يبحث عن كبش فداء لأخطائه، وكذلك يحترم ويقدر قيمة إنجازات موظفيه.
الثقة في النفس: يظهر القائد التفاؤل، ويكون متحمسًا للرؤية المستقبلية للمنشأة، ومتواضعًا، ويضع الثقة في أتباعه.
إن رائد الأعمال الناجح يدرك كيف يقود بنجاح فريق عمله، ويجب أن يُعدَّ نفسه بأن يكون قائدًا تحويليًا؛ وذلك بوضع الرؤية المستقبلية للمنظمة، وتطوير أساليب التواصل والاتصال مع الآخرين، وتدريب وتحفيز وخلق بيئة عمل جيدة لتابعيه، وتشجيع التفكير الإيجابي لديهم وتطويرهم؛ لكي يسهل الوصول إلى الرؤية.