عالم الاستثمار يشبه رحلة شاقة تحمل في طياتها مخاطر وفرصًا لا حصر لها؛ لذا يحرص كل ذي بصيرة على الاستعانة بخبرات من سبقوه في هذا الدرب، باحثًا عن خيوط النجاة من براثن الخسائر، راجيًا قطف ثمار الأرباح الوفيرة.
إن الاستثمار يزخر بتجارب غنية وأخرى قاسية، وحكايات نجاح وخيبات أمل، تشكّل نبراسًا هاديًا للمستثمرين الجدد، فمن خلال الاستماع إلى نصائح من سبقونا نمكن أن نقلل من مخاطره ونعزز فرص النجاح.
وهو يعد بوصلة ترشدنا في خضم أمواج الأسواق المتلاطمة؛ لهذا فإن الاستعانة بنصائح المستثمرين الخبراء تساعدنا على رسم طريق استثماري سليم، يراعي ظروف السوق وتقلباته، ويحقق لنا أهدافنا المالية على المدى الطويل.
ما نصائح الاستثمار؟
يقدم لنا الخبراء العالميون في هذا المجال نصائح تنير لنا دروب المال وترشدنا إلى أفضل السبل لتنمية أموالنا؛ حيث تعلمنا كيفية تحليل الأسواق وفهم تقلباتها، وكيفية اختيار المجالات والقطاعات المناسبة لاحتياجاتنا وأهدافنا.
ونظرًا لأن الاستثمار رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر فإن الاستعانة بنصائح المستثمرين المحنكين تجنبنا الوقوع في فخ الخسائر، وتعزز من فرصنا في تحقيق النجاح.
فخبرة هؤلاء المستثمرين تمثل كنزًا ثمينًا لا يقدر بثمن تساعدنا في اتخاذ القرارات الاستثمارية الصائبة، وتحقيق أهدافنا المالية على المدى الطويل.
أفضل نصائح المستثمرين
يقدم كبار المستثمرين نصائح قيّمة لتحقيق النجاح، ونُلخص بعضًا من أهم هذه النصائح كما يلي:
-
استغل أموال المزاوجة
يحث روبرت سترومبيرج؛ مؤسس شركة “ماونتن ريفر” المالية، على الاستفادة القصوى من برامج المزاوجة التي تقدمها الشركات في خطط التقاعد 401 (ك) و403 (ب).
ويؤكد سترومبيرج أهمية هذه البرامج، مشددًا على أنها “فرصة ذهبية للحصول على أموال مجانية”؛ حيث تعادل الشركات مساهمات الموظفين في خطط التقاعد حتى سقف محدد؛ ما يضاعف من قيمة أموالهم المستثمرة.
للتوضيح: لنفترض أن شركة تعادل 100 % من مساهمات الموظف في خطة 401 (ك) حتى 4 % من راتبه، وأن الموظف يكسب 50 ألف دولار سنويًا، فإن ساهم الموظف بنسبة 4 % من راتبه؛ أي 2000 دولار، ستُقدم الشركة مساهمة مماثلة بقيمة 2000 دولار أيضًا؛ ليصبح إجمالي مساهمته السنوية 4000 دولار، وبالتالي فإن تفويت فرصة المزاوجة من صاحب العمل يعني التنازل عن أموال مجانية.
-
كلما بدأت مبكرًا كان ذلك أفضل
تُشدد تارا أونفيرزاجت؛ مؤسسة شركة “ساوث باي المالية”، على أهمية بدء الأعمال الاستثمارية في سن مبكرة، مؤكدة أن “قوة العوائد المركبة” مفتاح تحقيق الثروة على المدى الطويل، وهي تُشجع الأفراد على تعلم مبادئها للاستفادة من فوائدها.
وتُقول “تارا” إن العالم الاستثماري يتيح لأموالك النمو بشكل مطرد بدلًا من الركود، فعندما تستثمر تضاف أي عائدات تحققها إلى رصيدك، وتُصبح قاعدة لحساب العوائد المستقبلية؛ ما يُؤدي إلى نمو أسي.
للتوضيح: لنفترض أنك تستثمر 10 آلاف دولار وتحصل على عائد سنوي متوسط قدره 6 %، بعد 10 سنوات ستنمو أموالك إلى أكثر من 18 ألف دولار، وإذا تركت هذه الأموال تُستثمر لمدة 30 عامًا ستصل قيمتها إلى أكثر من 60 ألف دولار.
-
ضع خطة مالية
يؤكد تايلور فنانتسي؛ مؤسس شركة Activate Wealth، ضرورة وضع خطة مالية مدروسة، سواء بمفردك أو بمساعدة مختص، مشددًا على أن التخطيط المالي لا يقتصر على مرحلة التقاعد فقط، بل هو أداة ضرورية لضمان الاستقرار المالي على جميع مراحل الحياة، خاصة في بدايات المسيرة المهنية.
ويقر “فنانتسي” بأن اختيار الاستثمارات قد يكون مُربكًا، حتى تحديد نوع الحساب الأنسب ربما يطرح صعوبة، ولكنه يُؤكد أن التخطيط المالي المسبق يساعد في رسم خارطة طريق واضحة للمستقبل المالي، فمن خلال تحديد الأهداف المالية، وجدولها الزمني، ومستوى تحمل المخاطر، تصبح الإجابة عن أسئلة الاستثمارات المعقدة أسهل.
ويُشير إلى أن التخطيط المالي قد يكون مكلفًا لكن هناك خيارات ميسرة مثل: المستشارين الآليين وخدمات التخطيط المالي عبر الإنترنت؛ حيث يقدم بعض المستشارين الآليين خدمات إدارة الأعمال الاستثمارية مقابل نسبة من رصيد حسابك تصل إلى 0.25 % فقط.
-
لا تحاول توقع السوق
يحذر ويكفيلد هير؛ مؤسس شركة Greater Than Financial، من مخاطر الاستثمارات في قطاعات محددة بالسوق، مشددًا على أن تنويع الاستثمارات من خلال صناديق متنوعة ومنخفضة التكلفة هو الخيار الأمثل، مؤكدًا صعوبة توقع مسار السوق، حتى بالنسبة للمستثمرين المحترفين، وأن محاولة فعل ذلك دون فهم عميق للفائدة محفوفة بالمخاطر.
وينصح “هير” بالاستثمار في صناديق مؤشر السوق الكلي بدلًا من التركيز على سهم واحد أو قطاع محدد، فعن طريق الاستثمار في هذه الصناديق يحصل المستثمر على تعرض واسع لعدد كبير من الأسهم؛ ما يُساعد في تنويع محفظته الاستثمارية وتقليل مخاطرها بشكل كبير.
ولفت إلى أن صناديق المؤشرات تدار بشكل سلبي، بمعنى أنها تتبع مؤشرًا مرجعيًا مثل: S&P 500؛ ما يُؤدي إلى انخفاض رسومها مقارنة بصناديق الاستثمارات النشطة.
-
انظر إلى الأمور على المدى الطويل
يُحذر جوزيف ويبر؛ مؤسس Integrated Financial Solutions، من مخاطر الاستثمارات تحت تأثير المشاعر، ويُؤكد ضرورة تجاهل الضوضاء الإعلامية؛ فوسائل التواصل الاجتماعي ودورة الأخبار على مدار 24 ساعة تغرق المستثمرين بعناوين الأخبار المقلقة، بعضها مصمم خصيصًا لإثارة الخوف.
ويُنصح “ويبر” باعتماد منظور طويل المدى عند الاستثمارات، مشبهًا ذلك بماراثون بدلًا من سباق قصير المدى؛ فمن خلال التفكير في استثماراتك على المدى الطويل تُصبح التقلبات قصيرة الأجل في السوق أقل تأثيرًا؛ ما يُقلل من رغبتك في البيع عند انخفاض الأسعار.
ويُؤكد ضرورة تخصيص الأموال المحتاجة في أقل من خمس سنوات لأدوات استثمارية آمنة، مثل: حسابات التوفير ذات العائد المرتفع عبر الإنترنت، بدلًا من تعريضها لمخاطر السوق.
ختامًا يُشكل عالم الاستثمارات رحلة مليئة بالتحديات والفرص، ويصبح عبورها بنجاح مرهونًا بامتلاك البوصلة الصحيحة، المتمثلة في نصائح كبار المستثمرين وتجاربهم الثمينة.
إن الاستفادة من هذه النصائح، واستيعاب الدروس المستفادة من خبرات السابقين يتيحان لنا رسم خطة استثمارية مدروسة تراعي احتياجاتنا وأهدافنا.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
حلم الثراء الأمريكي.. حكايات من وراء الكواليس
الحفاظ على الإنتاجية بعد العودة من العطلات.. خطوات عملية
ما هي أفضل الأسهم للاستثمار في السعودية؟