تُشكل بيئة العمل جزءًا كبيرًا من حياتنا، ولها تأثير عميق في رفاهيتنا وسعادتنا الإجمالية، فإيجاد المتعة في حياتنا المهنية يُعزز شعورنا بالقيمة والإنجاز، ويُحفزنا على بذل المزيد من الجهد والعطاء.
ولكن في عالم يُفضل الإنتاجية والنجاح المالي عن الإنجاز الشخصي قد يكون من الصعب جدًا العثور على السعادة والحفاظ عليها في بيئة العمل الأكثر تنافسية.
فالأعباء المُتزايدة، وضغط المواعيد النهائية، والبيئة التنافسية، كلها عوامل تعوق تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وتُقلل من فرص الشعور بالمتعة والإبداع.
شعور يدفع الإنتاجية
السعادة في بيئة العمل ليست مجرد رفاهية بل هي استثمار مربح لكل من الموظف وصاحب العمل، وتشير إلى مدى رضا الموظف عن وظيفته على المستويين الشخصي والمهني، فالموظف السعيد يتمتع بتركيز عالٍ واسترخاء أكبر؛ ما يُساهم في زيادة إنتاجيته وفعالية أدائه لمهامه.
وينعكس ذلك إيجابًا على بيئة العمل ككل؛ حيث ترتفع معنويات الموظفين وتتحسن علاقاتهم ببعضهم البعض وبمدرائهم، وهذا يُؤدي في نهاية المطاف إلى بناء علاقات أكثر موثوقية وتعاونًا، وبالطبع يفيد بشكلٍ مؤثر في حل المشكلات وتحقيق المزيد من الأهداف المشتركة.
وبحسب دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة “ستانفورد” الأمريكية فإن الموظفين السعداء هم أكثر قدرة على إبراز نقاط قوتهم وإبداعهم أمام رؤسائهم؛ ما يُؤهلهم للتقدم في مناصبهم وتحقيق المزيد من الإنجازات.
وإلى جانب ذلك فإن الموظفين الذين يتعاملون مع العملاء بشكلٍ مباشر يكونون أكثر كفاءة ولباقة معهم إذا كانوا سعداء في عملهم، وهذا يقود بدوره إلى تحسين تجربة العملاء وزيادة رضاهم عن الخدمات المقدمة؛ ما ينعكس إيجابًا على سمعة الشركة ونموها.
أما العوامل التي تُساهم في شعور الموظف بالسعادة في عمله فتتعدد، ومن أهمها:
- الشعور بالتقدم: يُحب الموظفون الشعور بأنهم يُحققون إنجازات ويُطورون مهاراتهم، وذلك يُعزز ثقتهم بأنفسهم ويُحفزهم على بذل المزيد من الجهد.
- المكافآت: تعد المكافآت، سواء كانت مادية أو معنوية، من أهم العوامل التي تُحفز الموظفين وتُشجعهم على الاستمرار في العمل بجد وإخلاص.
- الاستقلالية: يُفضّل الموظفون أن يكونوا متحكمين بعملهم ولهم مساحة للإبداع والتعبير عن أفكارهم.
- العلاقات الجيدة: تتتيح العلاقات الإيجابية بين الزملاء بيئة عمل مريحة وداعمة؛ ما يُعزز شعور الموظف بالسعادة والانتماء.
كيف تحصل على المتعة في بيئة العمل؟
تكثر العوامل التي تُساهم في تعزيز شعور الموظفين بالسعادة في بيئة العمل، وتؤثر إيجابًا في الإنتاجية والانتماء والرضا الوظيفي، وفيما يلي بعض الخطوات العملية التي يمكن للموظفين اعتمادها لتحقيق ذلك:
شغف يُشعل نار السعادة
لا تُقيّد نفسك بوظيفةٍ لا تُثير حماسك، فالشغف هو وقود السعادة في العمل، وخذ الوقت الكافي لاستكشاف مهاراتك واهتماماتك، وابحث عن عمل يتوافق مع شغفك.
وحتى إن لم تكن وظيفتك الحالية مطابقة تمامًا لشغفك فحاول دمج بعض مهامك المفضلة في عملك الحالي، أو ابحث عن مشاريع جانبية تتيح لك التعبير عن شغفك، وتذكر أن الأنشطة التي تُشعرك بالرضا والإنجاز هي مفتاح سعادتك في العمل.
استفد من نقاط قوتك
لكل إنسان نقاط قوة تُميزه عن غيره؛ فاكتشف نقاط قوتك، ووظّفها في عملك بذكاء، فذلك يُشعرك بالحماس والإنجاز، وفي إطار ذلك أثبتت دراسة جامعة “ستانفورد” أن تنمية نقاط قوتك تُحسّن من سعادتك وصحتك النفسية، وتُقلل من التوتر، وتشعرك بالرضا عن حياتك.
كون عقلية إيجابية
لا تدع الروتين السلبي يسيطر على تفكيرك بل ركز على الجوانب الإيجابية في عملك، ومارس الامتنان بانتظام، وتذكر كل ما تُقدّره في وظيفتك، مثل: الزملاء الداعمين، أو فرص النمو، أو الشعور بالإنجاز؛ فذلك يُغيّر نظرتك للعمل ويُحسن من مزاجك.
حدد أهدافًا ذكية
ضع أهدافًا واضحة وقابلة للتحقيق في عملك، سواء كانت متعلقة بالتقدم الوظيفي أو تنمية المهارات أو النمو الشخصي، وقسّم أهدافك إلى خطوات صغيرة وقابلة للتنفيذ، واحتفل بإنجازاتك على طول الطريق؛ فتلك الخطوات تُحفزك على الاستمرار وتُشعرك بالإنجاز والسعادة.
احرص على التوازن
لا تُهمل صحتك ووقتك الشخصي؛ فالعمل لساعات طويلة قد يُؤدي إلى الإرهاق ويُؤثر سلبًا في سعادتك وصحتك. حدد وقتًا للراحة والاسترخاء، ومارس هواياتك، وخصص وقتًا للعائلة والأصدقاء؛ ما يُساعدك في إعادة شحن طاقتك والحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة.
أنشئ علاقات إيجابية
لا شك أن العلاقات الإيجابية مع الزملاء تُحسن بيئة العمل وتزيد من سعادتك. تعاون مع زملائك وكن داعمًا لهم، وشاركهم إنجازاتك، فتلك العلاقات الإيجابية ستُصبح مصدرًا للسعادة والدعم لك في العمل، وبتطبيق هذه النصائح سوف تتمكن من اكتشاف شغفك، وتحقيق التميز في عملك، والعيش بسعادة ورضا.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
دليل الاستثمار الصحيح.. نصائح مُهمة
احتراف العمل الحر.. المزايا والعيوب
حلم الثراء الأمريكي.. حكايات من وراء الكواليس