في عالمٍ يعج بالمسؤوليات والمهام المتنوعة، تصبح مهارات تنظيم الوقت من الضروريات التي تضمن إنجاز المزيد من الأهداف وتحقيق النجاح.
من هذا المنطلق، تبرز نظرية جرة المخلل كأداة عملية تساعدنا في الأساس على تنظيم الوقت بفعالية، ما يتيح لنا إنجاز المهام الأكثر أهمية وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
نظرية جرة المخلل
في عام 2002، ابتكر “Jeremy Wright” نظرية جرة المخلل، المعروفة أيضًا باسم “نظرية دلو الحصى” أو “نظرية جرة الحياة”. وتعتمد هذه النظرية على أسلوب لإدارة الوقت يميز بين المهام والالتزامات وفقًا لأهميتها.
فهم النظرية
كما تعتمد نظرية جرة المخلل على تشبيه بسيط، تخيل مرطبانًا يمثل يومك، ويمثل الرمل والحصى والاحجار المهام والالتزامات المختلفة، وتصنف المهام وفقًا لأهميتها:
- الرمال: تمثل المهام الصغيرة التي قد تبدو عابرة، مثل: إرسال الرسائل النصية، أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو إعداد القهوة.
- الحصى: تمثل المهام ذات الأهمية المتوسطة، مثل: الرد على رسائل البريد الإلكتروني، أو حضور الاجتماعات، أو إنجاز بعض الأعمال الروتينية.
- الأحجار: تمثل المهام ذات الأهمية العالية، والتي قد يكون لها عواقب وخيمة إذا لم يتم إنجازها، مثل: إعداد تقرير هام، أو إنجاز مشروع رئيسي، أو حضور لقاء مهم.
تطبيق النظرية
يعتمد تطبيق نظرية نظرية جرة المخلل على مبدأ أساسي وهو إعطاء الأولوية للمهام الأكثر أهمية قبل البدء بالمهام الأقل أهمية.
- التخطيط: خصص وقتًا في بداية كل يوم أو أسبوع لترتيب المهام وتحديد أهميتها، واستخدم قائمة مهام أو تطبيقًا إلكترونيًا لتنظيم مهامك.
- البدء بالأحجار: ابدأ يومك بإنجاز المهام الأكثر أهمية (“الاحجار” قبل أن يتشتت انتباهك بالمهام الأصغر “الرمال والحصى”.
- ملء المرطبان: بعد إنجاز المهام ذات الأهمية العالية، يمكنك الانتقال إلى المهام ذات الأهمية المتوسطة “الحصى” ثم المهام الصغيرة “الرمال”.
- التفويض والتأجيل: لا تتردد في تفويض بعض المهام للآخرين أو تأجيلها إذا لم تكن ضرورية في الوقت الحالي.
- التقييم والمراجعة: في نهاية كل يوم أو أسبوع، قم بتقييم مدى فعالية تطبيقك للنظرية. حدد نقاط قوتك وضعفك، وقم بإجراء التعديلات اللازمة على خططك المستقبلية.
مزايا نظرية جرة المخلل
وتوفر نظرية جرة المخلل أداة فعّالة لإدارة أو تنظيم الوقت وتحقيق الأهداف، من خلال تشبيه الوقت بجرة، والمهام بأحجام مختلفة من الصخور والحصى والرمل.
وبحسب النظرية، يجب البدء بوضع “الصخور” المهام الكبيرة في الجرة، ثم “الحصى” المهام المتوسطة، وأخيرًا “الرمل” المهام الصغيرة.
وتتيح هذه النظرية جملة من المزايا، تشمل:
-
تخطيط يوم العمل بذكاء
تقدم نظرية جرة المخلل أسلوبًا مبتكرًا لتخطيط يوم العمل؛ إذ تعتمد على تصنيف المهام إلى فئتين رئيسيتين: “الصخور” و “المخللات”، وتمثل “الصخور” المهام الأكثر أهمية وذات الأولوية، بينما تشير “المخللات” إلى المهام الأقل أهمية أو تلك التي يمكن تأجيلها.
وتكمن فائدة هذه النظرية في مساعدتك على تقدير الوقت اللازم لإنجاز كل مهمة بدقة، ما يتيح لك تخصيص جدول زمني واقعي ليومك، وبذلك، تصبح قادرًا على تحديد فترات زمنية محددة للتركيز على كل مهمة من مهامك “الصخرية” دون تشتت، ما يُعزز إنتاجيتك بشكل ملحوظ.
-
التغلب على فخ تعدد المهام
يعد تعدد المهام من العوامل الرئيسية التي تعيق الإنتاجية وتقلّل من جودة العمل، وتهدف نظرية جرة المخلل إلى مكافحة هذه الظاهرة من خلال مساعدتك على التركيز على مهمة واحدة في كل مرة.
وعندما يكون لديك رؤية واضحة لحجم عملك وتقديرات واقعية للوقت المطلوب لإنجازه، تصبح أكثر قدرة على تحديد أولويات مهامك وتجنب الانجراف نحو تعدد المهام. وبالتالي، تتمكن من إنجاز كل مهمة بكفاءة ودقة دون الشعور بالإرهاق أو التشتت.
-
إبعاد المشتتات عن طريق جدولة الوقت
لا شك أن نظرية جرة المخلل تساعدك على التخلص من المشتتات التي تعيق تركيزك وتقلّل من إنتاجيتك، فعند تخصيص فترات زمنية محددة لمهامك “الصخرية” في جدولك اليومي، تصبح أكثر وعيًا بضرورة التركيز على هذه المهام خلال تلك الفترات، ما يقلل من رغبتك في الانشغال بأمور أخرى مثل: تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو الرد على رسائل البريد الإلكتروني غير المُهمة.
وبالتالي، تساعدك هذه النظرية على خلق بيئة عمل هادئة خالية من المشتتات، ما يتيح لك إنجاز مهامك بكفاءة أكبر وتحقيق أهدافك في وقت أقصر.
-
مكافحة المماطلة من خلال التنظيم والتخطيط
تعد المماطلة من أكبر التحديات التي تواجه الكثير من الأشخاص في بيئة العمل. كما تقدم نظرية جرة المخلل حلولًا فعّالة لمكافحة هذه الظاهرة من خلال التركيز على أهمية التنظيم والتخطيط الجيد.
وعندما تقوم بتحديد أهدافك وتقدير الوقت اللازم لإنجاز مهامك، ترسل إشارات قوية إلى دماغك تحفزه على التركيز والانتباه. وبالتالي، تساعدك هذه النظرية على التغلب على مشاعر التسويف والمماطلة، ما يتيح لك إنجاز مهامك في الوقت المحدد وتحقيق أهدافك بكفاءة.
عيوب نظرية جرة المخلل
صحيح، لا توجد طريقة مثالية لإدارة أو تنظيم الوقت، ونظرية جرة المخلل ليست استثناءً، وإليك بعض سلبيات هذه النظرية:
-
محدودية إنجاز المهام
تواجه نظرية جرة المخلل بعض التحديات في ضمان إنجاز جميع المهام المُدرجة على قائمة المهام اليومية، فتركيزها على العمل بمهمة واحدة في كل مرة قد يعيق إنجاز جميع المهام، خاصةً إذا كان لدى الفرد قائمة مهام طويلة.
-
سهولة الانحراف عن المسار
تصنف النظرية المهام إلى فئتين رئيسيتين: “الصخور” و “المخللات”، بينما تمثل “الصخور” المهام الأكثر أهمية، وتشير “المخللات” إلى المهام الأقل أهمية أو تلك التي يمكن تأجيلها.
وتكمن إحدى سلبيات هذه النظرية الأكثر انتشارًا في سهولة انحراف الفرد عن التركيز على المهام “الصخرية” والانشغال بالمهام “المخللات” بدلاً من ذلك.
ويعود ذلك إلى سهولة تصنيف المهام وتحديدها، ما قد يشجع الفرد على البدء بالمهام الأقل أهمية أولًا، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان التركيز على الأهداف الرئيسية وإضاعة الوقت في مهام غير ذات قيمة حقيقية.
-
عدم ملاءمتها للجميع
تشكل نظرية جرة المخلل أداة فعّالة لإدارة أو تنظيم الوقت بالنسبة للعديد من الأشخاص، إلا أنها قد لا تناسب الجميع، ففي حال كان الفرد شخصًا مبدعًا يميل إلى العمل على مشاريع متعددة في نفس الوقت، فقد لا تناسب هذه النظرية أسلوب عمله.
كما قد تواجه بعض الأشخاص صعوبة في التكيف مع نظام العمل بمهمة واحدة في كل مرة، ما قد يُعيق تحقيقهم للنتائج المرجوة.
ختامًا، تقدم نظرية جرة المخلل أداة فعّالة وسهلة التطبيق لـ “تنظيم الوقت” وتحقيق المزيد من الأهداف. كما تحقيق النجاح في مختلف جوانب الحياة.
ومع التطبيق الصحيح، يمكن لهذه النظرية أن تساعدنا على:
– إنجاز المزيد من المهام؟
– تحسين الإنتاجية.
– تقليل التوتر.
– تحقيق أهدافنا على المدى القصير والطويل.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
تنظيم الوقت للمدراء.. مجهود أقل وإنتاجية أكثر
التخطيط الأسبوعي.. الطريق الصحيح إلى التنظيم وزيادة الإنتاجية
نظريات تنظيم الوقت.. وسيلتك لإنجاز مهامك اليومية