يُعد تفويض المهام إحدى أهم الأدوات التي يجب على القائد إتقانها؛ لما له من تأثير هائل في كفاءة العمل وتحقيق الأهداف؛ فتفويض المهام بذكاء ينتج عنه تحسين إنتاجية الموظفين، واكتشاف نقاط قوتهم، وتخفيف عبء العمل عن المدير، وتعزيز روح العمل الجماعي.
وفي هذا السياق يقول إيلي برود؛ رائد الأعمال الأمريكي المُخضرم: “عدم القدرة على تفويض المهام هي من كبرى المشكلات التي يواجهها المديرون على جميع المستويات”، فما بين 40% و50% من الشركات تعاني من ضعف مهارات التفويض لدى قياداتها؛ ما يعوق الإنتاجية والتقدم.
ما معنى تفويض المهام؟
يتلخص تفويض المهام في عملية تكليف أعضاء الفريق بمسؤوليات محددة، مع منحهم الصلاحيات اللازمة لإنجازها بنجاح. ويُعدّ اختيار الموظف المناسب لكل مهمةٍ عنصرًا مهمًا لضمان النتائج المُرضية؛ حيثُ يعتمد ذلك على مهاراته وخبرته وكفاءته في أداء المهام المُوكلة إليه.
وتشير دراسة حديثة أجرتها شركة “جالوب” الأمريكية إلى أن الرؤساء التنفيذيين الذين يُتقنون فن التفويض يُحققون إيرادات أعلى بنسبة 33 % مقارنة بغيرهم، ويعود ذلك إلى إدراكهم التام بأن إنجاز جميع المهام بمفردهم أمر مستحيل؛ لذا يركزون على تمكين فرقهم من تحمل مسؤولية المهام التي يثقون في قدرتهم على إنجازها بكفاءة.
فوائد التفويض
تقدم عملية التفويض العديد من الفوائد التي تُساهم في تعزيز الإنتاجية وتمكين الموظفين، ومن أهمها:
- تحرير وقت المدراء: يُتيح التفويض للمدراء التحرر من مهام محددة؛ ما يسمح لهم بالتركيز على الأنشطة ذات القيمة العالية مثل: الاستراتيجية والتخطيط وتطوير الأعمال.
- تعزيز انخراط الموظفين: يشجع التفويض الموظفين على الشعور بالمسؤولية والاستقلالية، وهذا يحفزهم على بذل المزيد من الجهد وتحقيق أفضل النتائج.
- زيادة الإنتاجية: يؤدي شعور الموظفين بالمسؤولية والاستقلالية إلى تحفيزهم على العمل بجدية أكبر؛ ما يساهم في زيادة الإنتاجية وتحقيق الأهداف بشكلٍ أسرع.
- تحسين الروح المعنوية: يُعزز التفويض ثقة الموظفين بأنفسهم وقدراتهم، وبالتالي تحسين الروح المعنوية وزيادة الإيجابية في بيئة العمل.
نصائح لتفويض المهام في مكان العمل
في رحلة العمل لا بد من أن يواجه القائد تحديات جمة، أهمها توزيع المهام على فريقه بكفاءة؛ بحيث تُنجز الأعمال بدقة وسرعة في ظل قدرات أعضاء الفريق وتحفيزهم، ويُعد تفويض المهام أداة فعالة لتحقيق ذلك، لكن إتقان فنها يتطلب مهارات استثنائية.
ونظرًا لهذه الأهمية فإن كلية هارفارد للأعمال حددت جملة من النصائح المهمة للتفويض الصحيح في بيئة العمل، وتشمل الآتي:
اختر الرجل المناسب للمكان المناسب
كقائد ملهم عليك أن تفهم نقاط قوة كل عضو في فريقك، وتوكل إليه المهام التي تناسب مهاراته وإمكانياته، فالموظف المتفوق في مجال محدد سينجز المهمة ببراعة أكبر؛ ما يساهم في رفع كفاءة العمل وتحقيق أفضل النتائج.
وإليك بعض الأفكار:
- فوّض المهام الجماعية إلى الموظفين الذين يتقنون العمل الجماعي.
- أوكل المهام البحثية المكثفة إلى الموظفين الذين يفضلون العمل الفردي ويبرعون في تحليل البيانات.
- شجع الموظفين على تحديد نقاط قوتهم وضعفهم.
- امنحهم حرية اختيار بعض مهامهم.
أعطِ الموظفين الوقت الكافي للتكيّف
لا تلقِ عبء المهام الجديدة على موظفيك دفعة واحدة، بل امنحهم الوقت الكافي للاستعداد والتكيف مع مسؤولياتهم الجديدة، فالموظف بحاجة إلى فهم ماهية المهمة، وتحديد متطلباتها، وتنظيم وقته لإنجازها بنجاح.
وإليك بعض النصائح:
- أخبر الموظف مسبقًا عن المهمة الموكلة إليه.
- اشرح له أهداف المهمة ومتطلباتها بوضوح.
- أجب عن أي أسئلة لديه.
- قدّم له الدعم والتوجيه.
اجعل التعليمات واضحة ومحددة
لا تترك مجالًا للالتباس، بل حدد للموظف بدقة ما هو متوقع منه؛ من المدة الزمنية للمهمة إلى تفاصيلها الدقيقة وتوقعاتك من حيث الجودة والإنجاز.
وإليك بعض العناصر التي يجب توضيحها:
- مدة المهمة.
- تفاصيل المهمة.
- التوقعات بشأن المهمة.
- مواعيد التسليم أو مواعيد المشروع النهائية.
وفّر التدريب والدعم
لا تتخلَ عن موظفيك في بيئة العمل أبدًا، بل كُن حريصًا على توفير كل ما يحتاجون إليه من تدريب ودعم لإنجاز المزيد من المهام التي تُوكل إليهم.
وإليك بعض الأفكار:
- قدم لهم دورات تدريبية عبر الإنترنت أو حضورية.
- زودهم بالمعلومات والمواد اللازمة.
- شجعهم على حضور الندوات والفعاليات المتعلقة بمجالات عملهم.
فوّض السلطة عند الحاجة
ثق بقدرات موظفيك، وامنحهم السلطة الكاملة لإنجاز المهام الموكلة إليهم، خاصة إذا أظهروا تفوقًا في مجالات محددة من المشروع؛ فالموظف المفوّض يصبح أكثر مسؤولية وإنتاجية، ويعزز ثقافة العمل المستقل في الفريق.
قدّم الملاحظات والتغذية الراجعة
لا تنتظر إنجاز المهمة لتقييم عمل الموظف بل قدّم له ملاحظات مفيدة بشكل منتظم، مع التركيز على نقاط قوته وتحفيزه على التقدم؛ فالملاحظات البناءة تساعد الموظف في تصحيح أخطائه وتطوير مهاراته.
شجّع على التواصل المفتوح
خلق بيئة عمل إيجابية تتيح للموظفين التواصل بسهولة مع بعضهم البعض ومعك، بحيث يتمكنون من طرح الأسئلة وتلقي المساعدة عند الحاجة، فالتواصل المفتوح يعزز التعاون والثقة بين أعضاء الفريق، ويساهم في حل المشكلات بكفاءة أكبر.
شجّع على التجريب والابتكار
لا تقيّد الموظفين بطرق تقليدية في إنجاز المهام بل شجعهم على التفكير الإبداعي وابتكار حلول جديدة للمشكلات؛ فالتجريب يمكن أن يُؤدي إلى اكتشاف طرق أكثر فعالية للعمل، ويساهم في تحسين الإنتاجية وتحقيق نتائج أفضل.
حدد الأهداف بوضوح
قبل تفويض أي مهمة تأكد من تحديد أهدافها بوضوح ودقة؛ بحيث يفهم كل عضو في الفريق دوره ومسؤولياته؛ فالأهداف الواضحة تساعد الموظفين في التركيز على العمل وتحقيق أفضل النتائج.
عبّر عن تقديرك
لا تنسَ شكر موظفيك على جهودهم وتقدير مساهماتهم في إنجاز المهام، سواء بشكل فردي أو جماعي؛ فالتقدير يعزز معنويات الموظفين ويحفزهم على بذل المزيد من الجهد.
في ختام رحلتنا عبر فن تفويض المهام نؤكد أن إتقان هذا الفن يعد مهارة أساسية لا غنى عنها لأي قائد أو مدير يسعى لتحقيق النجاح والتميز في عمله.
فمن خلال تفويض المهام بذكاء تتوفر بيئة عمل إيجابية تحفز الموظفين على بذل أقصى طاقاتهم، وتعزز روح العمل الجماعي، وتساهم في تحقيق أفضل النتائج للمنظمة، ولكن تذكر: إتقان هذا الفن لا يأتي من فراغ بل يتطلب صبرًا ومثابرة، مع الحرص على اتباع النصائح التي تم ذكرها سلفًا.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
السعادة في بيئة العمل.. خُطوات أساسية
الوظائف الأعلى أجرًا في 2024.. فرص استثنائية
تطوير فريق العمل.. من الفردية إلى التعاون