ما كان لنا اليوم أن نتحدث عن المدير الصغير ومعضلاته وتحدياته لو لم يحدث ذاك الانقلاب في البنية الإدارية للمؤسسات المختلفة؛ ذلك أن وجه العمل قد تغير بشكل جذري، وصرنا نرى شبابًا في مناصب إدارية رفيعة.
وعلى الرغم من أن أمرًا كهذا لم يكن متوقعًا ولا واردًا في الحسبان خلال سنوات قليلة مضت، فحداثة السن الآن _وإن انطوت على محدودية في سنوات الخبرة_ ميزة وليست عيبًا؛ فطالما أن العالم قد تغير فالمؤكد أن الأشخاص الأكبر في السن لن يكونوا هم الخيار الأمثل لتولي إدارة دفة الأمور.
أما من وُلد في خضم هذه التغيرات، ولم يعرف سوى هذه النسخة من العالم، فمن دون شك سيكون قادرًا على التعامل مع مشكلاته وتحدياته، ومن هنا كان الحديث عن المدير الصغير وما ينطوي عليه من مزايا وتحديات أيضًا.
أضف إلى ذلك أن رفض الشركة لتولي مثل هذا المدير الصغير دفة الأمور فيها، واشتراطها التقدم في السن كمعيار رئيسي في الترقي وتولي المناصب الإدارية الرفيعة يعني، من دون ما يعنيه، أن هذه الشركة ذات طراز قديم، وأنها تحارب ببنادق صدئة، علاوة على أنها _بما تتوفر عليه من أشخاص بعيدين عن ركب التطورات الحالية_ لن تكون قادرة على استيعاب متغيرات العالم ولا التعامل معها.
اقرأ أيضًا: ما هو العمر المناسب للمناصب الإدارية؟
معضلة المدير الصغير
وبالرغم من الطابع البراق للطرح الذي سقناه قبل قليل إلا أن المدير الصغير يعاني الكثير من المشكلات، خاصة في بداية توليه المنصب، ويواجه أيضًا الكثير من المشكلات والتحديات.
فأولًا كونك مديرًا _سواءً كنت حديث السن أو متقدمه_ يعني أنك أمام مسؤولية كبرى وجسيمة؛ ففي الغالب أنت مسؤول عن عدد ما من الناس، وميزانية معينة من الأموال، فما بالك إذا كان المدير الصغير هو موضع حديثنا؟! لا شك أن التحديات ستكون أكثر وأشد تعقيدًا.
فمن ضمن التحديات التي يواجهها المدير الصغير _على سبيل المثال لا الحصر_ أن الأشخاص الأكبر سنًا سوف يشككون فيه، وفي قدراته وكفاءاته. وهو ما قد يتسبب في انعدام ثقة فريق العمل في هذا المدير الصغير.
إذًا يمكن القول إن معركة كسب الثقة ستكون إحدى المعارك الكبرى التي يتوجب على المدير الصغير الفوز فيها، ولا مندوحة له عن ذلك، وإلا فيكف يعمل مع قوم لا يثقون في حكمه وآرائه وقراراته.
ناهيك عن تحدي إدارة الاختلافات بين الأجيال؛ فالشركة التي آثرت وجود المدير الصغير في سلمها الإداري لا شك أن لديها الكثير من الأشخاص من ذوي الأعمار المختلفة، ومن ثم يجب على المدير الصغير أن يكون قادرًا على إدارة الاختلافات التي هي واقعة لا محالة بين هؤلاء الأشخاص والخروج منها بنجاح.
اقرأ أيضًا: “الشخصية المنفتحة” هل تكون سببًا في نجاح رواد الأعمال؟
سبل الخروج من الأزمة
لقد أسهبنا في ذكر التحديات التي تعترض طريق المدير الصغير، وهي أكثر حتى مما قد أتينا على ذكره، لكن الصورة رغم ذلك ليست بالغة القتامة؛ إذ يمكن لهذا المدير الصغير أن ينجح في مهمته؛ عبر اتباع تلك النصائح التي يذكر «رواد الأعمال» بعضًا منها وذلك على النحو التالي..
-
لا تفترض شيئًا
المؤكد أن المدير الصغير سيكون مسؤولًا عن أشخاص أكبر منه سنًا، لكن عليه ألا يحمّل الأمر غير ما يحتمل، ولا يفترض أن هؤلاء الأشخاص لن يلبوا أمره أو سوف يستخفون برأيه، بل عليه أن يتصرف بشكل طبيعي.
فلا يفترض شيئًا، ولا يتوقع شيئًا، ولكن سيكون، في الوقت ذاته، مستعدًا لإدارة المواقف الصعبة. وباختصار ما نريد قوله في هذه النقطة: أن يتعامل المدير الصغير مع الأمر على أنه طبيعي حتى يتصرف الناس بشكل طبيعي أيضًا.
اقرأ أيضًا: سمات القائد التطويري الناجح
-
سياسة الباب المفتوح
عليك أن تتذكر أيها المدير الصغير أنك لم تعد الآن مسؤولًا عن نفسك وعن تطورك المهني فحسب، وإنما صرت مسؤولًا كذلك عن بقية الناس الذين يعملون معك، وبالتالي فأنت مضطر، إذا كنت تبغي النجاح في مهمتك حقًا، أن تفتح أبوابك للجميع.
ليس هذا فقط وإنما أن تكون ذا صدر رحب؛ حتى تسمع انتقادات الآخرين بأريحية تامة؛ كي تمنحهم الثقة بك من جهة وتتمكن من معالجة أخطائك من جهة أخرى.
-
حرية الأداء
نحن نعلم أن كونك مديرًا صغيرًا، لا سيما إذا كنت قد توليت المنصب حديثًا، قد يدفعك إلى التدخل في كل صغيرة وكبيرة من مهام موظفيك؛ إنك تريد أن تثبت نفسك في كل جانب من جوانب الوظيفة.
لكن ما هكذا تورد الإبل، فتصرف كهذا سيكون له عواقب وخيمة، ومن ثم ستفشل في مهتمك حين أردت فيها النجاح، وعوضًا عن ذلك عليك أن تترك مساحة كافية من الحرية في الأداء؛ حتى يتمكن موظفوك من الإبداع، ولكي يثقوا بك من الأساس.
اقرأ أيضًا:
الخطة العملية للمشاريع.. ما هي؟ وما أهميتها؟
5 عوامل تجعل ظاهرة العمل عن بُعد ناجحة
5 نصائح لقيادة الشركات الناشئة في أوقات الأزمات