تعمل الخطة العملية للمشاريع على تحويل المشروع من مجرد أفكار وتنظيرات على ورق إلى عمل قائم بالفعل، وقد درج الباحثون على تشبيه المشروع بسفينة، ومن ثم فهو بحاجة إلى كل شيء من شأنه إبقاؤه على السطح دون أن يغرق، لكن ذلك كله غير مهم ما لم تعرف إلى أين تتوجه؟ وما هو هدفك؟
ذلك بالضبط هو دور الخطة العملية للمشاريع أو الخطة التشغيلية؛ تلك التي تعمل على تلبية أو تحقيق أهداف قصيرة المدى لكنها في الوقت نفسه تعزف على ذات اللحن الأساسي للمشروع ككل؛ ومن ثم فهي تحقق أهدافًا بعيدة المدى حتى وهي تصب تركيزها على أهداف آنية وقصيرة المدى.
وصحيح أن الخطة العملية للمشاريع لا بد أن تكون تفصيلية، لكن هذا لا يعيبها، بل إن عكس ذلك هو الخطأ؛ فمن شأن فكرة المشروع النظرية أن تكون دقيقة، مختصرة ومحددة، أما الخطة التشغيلية للمشاريع فيجب أن تكون شديدة التفصيل والوضوح؛ فنحن إزاء تحويل فكرة مجردة إلى واقع عملي، فكيف ترانا ننجح في أمر كهذا؟!
اقرأ أيضًا: متى تتخطى الشركة الناشئة هذه المرحلة؟
الخطة العملية للمشاريع
الخطة العملية للمشاريع أو الخطوة التشغيلية تسميتان لمسمى واحد؛ وهي تلك الخطة التي توضح بالتفصيل الإجراءات التي يجب أن يقوم بها فريق العمل أو الإدارات المختلفة؛ ابتغاء تحقيق أهداف الشركة على المدى القصير.
ويتعين علينا أن نشير هنا إلى أن فحوى هذا التعريف تشير إلى أنه لا مجال لفصل الخطة العملية للمشاريع عن الخطة الإدارية؛ فالأولى هي الأصل والأساس والثانية فرع وتبع لها.
فالخطة التشغيلية توضح ما يجب فعله، ومن سيقوم بماذا، أما الخطة الإدارية فهي متابعة الأداء ومراقبة الإنتاج.
ولسنا هنا نفاضل بين الخطتين، ولا نقدّم إحداهما على الأخرى، وإنما نقول إن كلًا منهما مبنية على الأخرى، كما أن المنطق القويم يقول “إنه لا نهوض للمشروع من دون هاتين الخطتين معًا”.
ومن شأن الخطة العملية للمشاريع أن توضح المحاور التالية: الأهداف التي يجب الوفاء بها؛ من أجل تحقيق الأهداف قصيرة المدى، وكذا تحديد أي المشاريع يجب أن يكون مستدامًا من بين المشاريع التي تنهض بها المؤسسة في الوقت الحالي، كما تضع الخطة التشغيلية في اعتبارها قيود الوقت وحدوده؛ كيما تتمكن فرق العمل من إنجاز مهامها في الوقت الأمثل؛ ومن ثم لا تتخلف الشركة عما لا يجب عليها التخلف عنه.
وتحدد الخطة العملية للمشاريع كذلك فرق العمل الخاصة بكل مشروع، وما هو متوقع من كل عضو بكل فريق على حدة، وترسم الخطة التشغيلية كذلك مخاطر عدم تحقيق الأهداف، وطرق تجنبها، بالإضافة إلى النظر في التكلفة المالية والوقتية لتحقيق الهدف قصير المدى.
وعلى ذلك فنحن أمام «كتالوج» عملي لنجاح المشروع، وإذا نجح المشروع على صعيد التخطيط التشغيلي فلا شك أن النجاح سيكون حليفه على صعيد التخطيط الإداري، وهذه مسألة لا مرية فيها، ويمكن التأكد منها عن طريق تأمل التحديد الذي سقناه قبل قليل للخطة العملية للمشاريع.
اقرأ أيضًا: الإدارة تحت ضغط والتعامل مع المواقف الصعبة
أهمية الخطة التشغيلية
الحق أنه لا يمكن أن نتصور نجاحًا ما _على الصعيد التجاري_ من دون وجود تلك الخطة العملية للمشاريع المحكمة والدقيقة؛ إذ إنها تساعد في تقييم وتحسين أداء الموظفين بشكل مستمر؛ فمن خلال وضع الأهداف قصيرة المدى وتقسيم المهام، وتحديد ما هو مطلوب من كل فرد في الفريق على حدة؛ سيكون من السهل معرفة من يعمل ومن لا يعمل، وإدراك مكامن الخلل، ومن ثم معرفة أنسب الطرق للعلاج.
علاوة على أن الخطة العملية للمشاريع _بما هي محاكمة دائمة للمشروع ومنجزاته_ تعمل على تحديد المجالات التي تسبب خسائر للشركة أو لا تدر ربحًا على المستوى المأمول، وبالتالي محاولة استبعاد هذه المجالات _كأن يكون خط إنتاج يكبد الشركة خسائر ضخمة ولا يرجي ربح من خلاله_ أو تطويرها بما يتلاءم وأهداف الشركة.
ومما فات يظهر أن الخطة العملية للمشاريع تدفع باتجاه التطوير والتحسين المستمر للمشروع؛ فكل شيء موضوع على منضدة المساءلة، وتطويره أمر لازم متى دعت الضرورة لذلك.
ولعل المنحى الأهم في الخطة العملية للمشاريع أنها تضع أجندة من الأهداف قصيرة المدى التي يمكن الرجوع إليها بشكل مستمر؛ كي نضمن عدم انحراف المشروع عن الأهداف الموضوعة له، وعدم خروجه عن سكته الاستراتيجية التي وضعها له القائمون عليه.
اقرأ أيضًا:
التواصل في مكان العمل.. هل تناسب كلماتك ثقافة الشركة؟
الإدارة من المنزل.. بين الإيجابيات والسلبيات
الاتصال التعاوني.. ثقافة إدارية للشركات الناشئة