يعد تحديد المواهب داخل أي مؤسسة ركيزة أساسية للنمو المستدام، ولهذا برزت أهمية مصفوفة المواهب كأداة إدارية حيوية. هذه المصفوفة، التي تعرف أيضًا بشبكة التسعة مربعات، تتيح للشركات تقييم موظفيها بناءً على محورين رئيسيين، هما: الأداء الحالي والإمكانات المستقبلية.
وهكذا تمكّن المصفوفة من تصنيف الموظفين إلى فئات مختلفة؛ ما يساعد الإدارة على اتخاذ قرارات مدروسة حول التخطيط للخلافة، وتطوير القيادات، وتوجيه جهود التدريب بفاعلية.
ولبناء خطة إستراتيجية فعالة لإدارة المواهب لا بد من الاستعانة بـ”مصفوفة المواهب” لتحديد المسارات المهنية المناسبة لكل موظف. علاوة على ذلك تساهم المصفوفة في تعزيز الشفافية والعدالة في بيئة العمل.
ومن خلالها يتمكن المديرون من إجراء حوارات بناءة مع فرقهم حول نقاط القوة، والمجالات التي تحتاج إلى تطوير.
مصفوفة المواهب
تصبح مصفوفة المواهب مرجعًا أساسيًا لصناع القرار؛ حيث تقدم رؤية واضحة عن رأس المال البشري المتاح. وهو ما يضمن استمرارية الأعمال وقدرتها على تحقيق أهدافها طويلة المدى.
هذه الرؤية تساعد المؤسسات على تجنب فجوات الكفاءات في المستقبل، وتضمن وجود قادة مؤهلين لتولي المناصب الإدارية.
كذلك تمثل مصفوفة المواهب أداة لتحديد الموظفين ذوي الإمكانات العالية، والذين يشكلون قادة المستقبل للشركة.
من ناحية أخرى تمكّن المصفوفة من تحديد الموظفين الذين يحتاجون إلى دعم إضافي أو تدريب. ما يعزز من قدراتهم ويُقلل من مخاطر فقدان المواهب.
من التقييم إلى المراجعة الجماعية
الخطوة الأولى لإنشاء مصفوفة المواهب تبدأ بتقييم الأداء والإمكانات. هذا التقييم يتضمن الإجابة عن أسئلة محورية مثل: هل يحقق الموظف أهدافه؟ وإلى أي مدى يظهر قيادة ودافعية؟ هل يمتلك المهارات والمعرفة اللازمة؟ هذه الأسئلة تشكل أساسًا موضوعيًا لتقييم الموظفين، بعيدًا عن التحيز الشخصي.
تتبع هذه الخطوة وضع مقاييس واضحة؛ حيث يجب ربط الأداء بمؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، مع الأخذ في الاعتبار أن الأداء العالي لا يعني بالضرورة نجاحًا كقائد.
وبعض الموظفين قد يكونون خبراء في مجالهم، لكنهم يفتقرون إلى مهارات القيادة. ما يؤكد أهمية التمييز بين المحورين.
بناء المصفوفة
الخطوة الثالثة هي إنشاء الجدول؛ حيث تتم مقارنة الأداء والإمكانات في شبكة من تسعة أو ستة عشر مربعًا. كل مربع يمثل فئة معينة من الموظفين، مثل: “نجوم المستقبل” أو “المؤدون الأساسيون”. هذا التصنيف يسهل على الإدارة رؤية الصورة الكاملة، واتخاذ القرارات المناسبة لكل فئة.
تلي هذه الخطوة مراجعة جماعية. إذ ينبغي عقد اجتماع مع المديرين لمناقشة تقييماتهم؛ ما يقلل من التحيز، ويعزز من دقة التقييمات.
تقدم تلك الجلسة رؤى متعددة حول أداء الموظفين. كما تضمن أن التقييمات تستند إلى مجموعة من الآراء، وليس رأيًا فرديًا.
التغذية الراجعة والتطوير
الخطوة الخامسة والأخيرة تتمثل في عقد جلسة فردية مع كل موظف. فإذا كان الموظف يتمتع بإمكانات عالية يجب وضع خطة تعاقب واضحة له، وتقديم فرص ترقية تناسب طموحاته. هذا يحفزه على الاستمرار في تقديم أفضل ما لديه، ويُعزز من ولائه للمؤسسة.
أما إذا كان الموظف يتمتع بأداء منخفض فيجب وضع خطة تطوير وتدريب تساعده على تحسين أدائه. هذا يظهر أن المؤسسة تؤمن بإمكانات موظفيها، وتقدم لهم الدعم اللازم للتطور. هذه الجلسات الفردية تعزز من الشفافية، وتبني جسور الثقة بين الموظف والإدارة.
المنهجية المتكاملة
تعد مصفوفة المواهب جزءًا من منهجية متكاملة لإدارة المواهب، ولا تقتصر على التقييم فقط، بل تمتد لتشمل التخطيط الإستراتيجي، والتطوير، وتحفيز الموظفين.
هذه المنهجية تتيح للمؤسسات بناء ثقافة عمل قائمة على الأداء والنمو. كما تعزز من قدرتها على جذب أفضل الكفاءات والاحتفاظ بها.




