لا شك أن الموظفين الأكفاء من أهم الموارد التي تمتلكها أي شركة في ظل الصراع الكبير على المواهب الذي يشهده العالم في وقتنا الحالي، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون هؤلاء الموظفون من أكبر مصادر الخطر والتهديد على شركتك في بعض الأحيان؛ خاصة إذا كانت الشركة تعتمد على موظف أساسي يؤدي مهامًا متعددة ويتبعه كل أفراد الفريق.
وسواء كان هذا الموظف في أحد الأقسام داخل الشركة أو حتى ضمن المستويات الإدارية العليا فبدونه قد يتأثر الأداء بشكل كبير، أو يتعطل العمل في حالة غيابه، وربما تعجز الشركة عن التحرك خطوة واحدة للأمام إن كان في المستويات الإدارية العُليا.
ولنا في شركة من أكبر شركات الأدوية في العالم خير مثال على ذلك؛ ففي عام 2008 كانت الشركة الأمريكية تريد أن تصل للحد الأقصى من الانضباط والإنتاج في مصنعها في داليان في الصين بعد تقاعد مدير المصنع الرئيسي للشركة آنذاك، والذي أثر غيابه على العمليات الإنتاجية والانضباط داخل المصنع بشكل ملحوظ، وعجزت الشركة عن تسليم الطلبيات في موعدها المقرر وهو ما عرَّضها لخسائر باهظة.
وبعد وضع نظام مراقبة للإدارة من قبل الشركة؛ تبين لهم أن الحل الأمثل لكي يحقق المصنع أفضل النتائج وتنحل هذه المشكلة هو الاستعانة بفريق إداري متكامل له أدوار محددة بدلاً من الاستعانة بشخص واحد فقط تتمحور حوله كافة المهام الإدارية في المصنع.
وبالفعل قامت الشركة بتعيين فريق إداري للمصنع، وحددت أدوار رئيسية لكل فرد، وجعلتهم ملمين بباقي الأدوار الأخرى في الفريق؛ حتى لا يتكرر نفس السيناريو مرة أخرى وتتأثر الشركة في حالة رحيل أيِّ منهم.
وبعد توزيع الأدوار الإدارية على عدد أكبر من الموظفين استطاع المصنع أن يحقق زيادة كبيرة في حجم الإنتاج، وأن يُوفي بمواعيد التسليم المقررة، وأثبتت هذه الاستراتيجية فاعليتها.
وقد لا ينحصر خطر الموظفين على شركتك في هذا الشكل فقط، وإنما يصبح الموظفون خطرًا على الشركة أيضًا إذا كانوا يعتبرون – لسبب أو آخر- أن عملهم في الشركة مؤقتًا وأنها محطة قصيرة للتعلم واكتساب الخبرة.
ونتيجة لذلك يرتفع معدل دوران العمالة في الشركة، والذي يؤثر بدوره على الإنتاج ويخلق حالة من التشتت، بالإضافة إلى زيادة تكاليف التعيين والتدريب.
ما حدث مع شركة من أكبر الشركات في الوجبات السريعة في بريطانيا 2007 أبرز مثال تلك الأضرار؛ فقد كانت الشركة تُعاني من معدلات دوران عالية (وصلت إلى حوالي 20% سنويًا)، مما استدعى الإدارة إلى اتخاذ قرارات تصحيحية لتفادي المشكلة التي أثرت على جودة الخدمة التي تقدم في الفروع.
وكان من أهم تلك القرارات إعادة تدريب وتهيئة المديرين، والاهتمام بالتطوير والتدريب المستمر، بالإضافة إلى العمل على تحفيز الموظفين بشكل معنوي ومادي، وتطوير المسار الوظيفي لهم، وأيضًا الاهتمام بمقابلات الموظفين المستقيلين لمعرفة الأسباب الحقيقية والمشاكل التي واجهتهم في عملهم، وبالفعل نجحت الشركة في حل هذه المشكلة من جذورها، وقلت معدلات دوران الموظفين بشكل ملحوظ.
لكي تتمكن من تقليل مخاطر الموظفين على شركتك هناك العديد من الإجراءات التي يمكن أن تتبعها كعمل أنظمة تحفيز ومكافأة وتوفير التدريب والتطوير المستمر وخلق ثقافة عمل إيجابية، ولكن العامل الأهم هو قيامك بتشكيل لجنة لإدارة مخاطر الموظفين تضم فريقًا من الموارد البشرية، وحراس الأمن، وموظفي تكنولوجيا المعلومات، لأن هذا يوفر لك وسيلة فعالة لتحديد واكتشاف أي مشكلة وحلها بسرعة في الوقت المناسب.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
البطالة وريادة الأعمال.. آثار اقتصادية واجتماعية
الاستثمار الرياضي.. أهميته وكيف يتحقق؟
ما هو مفهوم البطالة؟ وما أسبابها؟