أكدت تقارير عالمية صدرت في عام 2020 أن فنلندا حازت على المركز الأول عالميًا في قائمة الشعوب الأكثر سعادة برصيد 7.809 درجة، وذلك في قائمة تضم 153 دولة عربية وعالمية، في حين احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 26 في القائمة نفسها، بمعدل 6.440 درجة، وجميع المؤشرات تدل على تقييم الشعب لجودة الحياة داخل دولتهم.
وبالنسبة لرفاهية الحياة والتحديات التي تواجه الشعوب فإن كل شعب له نمط الحياة التقليدية التي يتميز بها بغض النظر عن تفاوت الطبقات الفردية، فعلى سبيل المثال: الشعب الفرنسي، والذي احتل المرتبة 23 عالميًا بقائمة الشعوب الأكثر سعادة، امتاز بالوحدة والقوة رغم انقسام شعبه ووجود عدد كبير من المهاجرين.
من جهتها تقول ميريام كريبس؛ من جامعة “نبراسكا – أوماها”، إن وجهة نظر “إقليم موحد (أرض واحدة منذ بداية الحضارة) وشعب موحد” في فرنسا أزالت كل الفوارق؛ إذ لم تصنف الدولة الأشخاص وفقًا لأصولهم العرقية المزعومة بل تم إضفاء الطابع الرسمي من قبل الدستور الفرنسي الذي ينص على أن “الفرنسية” هي جنسية وليست إثنية محددة.
أما الشعب الذي تفرد بعبقرتيه وابتكاراته واحتل المرتبة الـ 61 عالميًا في تقييم جودة الحياة فهو الشعب الكوري، وجميعنا يدرك الامتيازات التي يمتلكها هذا الشعب من ثقافة معرفية، والاستعداد لمُستقبل واعد. لكن رغم توفر كل ذلك إلا أن الشعب الكوري لا يصل سقف توقعات السعادة لديه كما ينبغي؛ حيث تشهد كوريا أعلى نسبة انتحار بسبب ضغوط الحياة، إضافةً إلى انخفاض معدلات المواليد؛ إذ تتحمل الأمهات العاملات الجزء الأكبر من مسؤوليات تربية الأطفال.
ومن المعروف أن الكوريين الجنوبيين يقضون في العمل عددًا من الساعات أطول من أي شعب آخر، فطبقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هم يعملون لأكثر من 50 ساعة في الأسبوع، ومن النادر أن يحصل 20% من الموظفين على نصف أيام العطلات المخصصة لهم.
ولا يخفى عن الجميع مستوى السعادة المُنخفض لدى الشعب الإفريقي، وتحديدًا دولة بوروندي في وسط إفريقيا، التي احتلت المرتبة 149 من بين الشعوب الأخرى؛ وذلك لارتفاع نسبة المجاعة، الفقر ، ووطأة العقوبات السياسية التي تعصف بالشعب الإفريقي، لتصبح السعادة حلمًا له.
يقول غاندي: “نحن نبحث عن السعادة بِعُمق ثم نجدها في أبسط الأشياء”. فالرفاهية التي يتمتع بها الشعب الفنلندي رغم تحديات الحياة، وجهلهم لأسباب سعادتهم تحققت بسبب قوة التحمل والصبر، فهو شعب يؤمن بأن السعادة ليست في الماديات وإنما هي قيمة عاطفية تتلخص في مفهوم “سيسو”، وهي كلمة فنلندية تعني: إظهار القوة، الصبر، التحمل، والتي أصبحت ضمن هوية ذلك الشعب.
وقد أثبتت الدراسات أن الدافع الأساسي لبناء جودة الحياة للفرد هو الرضا أكثر من السعادة، والكثير من الشعوب تملك الرضا على مستوياتٍ عدة، وتطلق العنان في تفسيره بنواحٍ عدة.
على سبيل المثال: في ظل الحراك والتطور وازدهار الاقتصاد والنمو الفكري والتشعب الاجتماعي انتقلت المملكة العربية السعودية من المرتبة 33 في عام 2018 إلى المرتبة 27 خلال عام 2020؛ من خلال قيادة التمكين، توفير سبل المعيشة، التطور الحضاري، رضا الشعب ومدى تقبله لرؤية 2030ىالناجحة التي يدعم استدامة جودة الحياة والرفاهية التي يستحقها الفرد بالمجتمع.
فالشعب السعودي امتاز بولائه التام لدولته العظيمة، إضافة إلى عوامل التآزر بين أفراد المجتمع الواحد، وحرية اتخاذ القرارات الفردية، وبالمقابل الدعم السخي لقيادتنا الرشيدة لمحاربة الفقر، وتوفير جودة التعليم الجيد، والتمتع برفاهية وصحةٍ جيدة.
ودولتنا العظيمة أطلقت مبادرات للشباب في سوق العمل؛ حتى تجعلهم وجهة محلية وعالمية للنهوض بالناتج المحلي والعالمي للمملكة.
يقول الخبير العالمي الرائد في علوم السعادة “ميك ويكينغ”: “هناك عوامل مثل: التوتر الناتج عن نقص المال، العوائق أمام الرعاية الصحية، عدم توفر المأوى والمسكن، تجعلنا نشعر بالتعاسة”.
ولأننا شعب طموح نحمل رؤية هادفة فإننا نستطيع التغلب على هذه العوائق وتحويلها إلى ثروة نبني عليها الأساس للأجيال القادمة.
وكوني أحد الشباب الذي عاصر التغيير وعاش السعادة، التي رُبما كانت طموح الكثيرين من شباب وشابات الأوطان الأخرى، فإنني أرى أننا مستقبل هذا العالم الجديد، ونحن عجلة القيادة المُتحولة وازدهار الأوطان المُتقدمة؛ فالقادم السعيد أجمل من الماضي الراحل، والناتج المُتوقع هو احتلال دولتنا المراكز الأولى للسعادة من بين الشعوب خلال السنوات المُقبلة.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
البطالة وريادة الأعمال.. آثار اقتصادية واجتماعية
الاستثمار الرياضي.. أهميته وكيف يتحقق؟
ما هو مفهوم البطالة؟ وما أسبابها؟