ما بين ريادة الأعمال وأهداف التنمية المستدامة تضافر وتكامل، بشرط أن نفهم الريادة على أنها مسعى لإصلاح المجتمع ونهوض الشركات بدورها المنوط بها نحوه. وتنبع أهمية مسعى كهذا من جملة المشاكل والتحديات التي يعاني منها العالم اليوم.
يلعب رواد الأعمال، بما هم الأقدر على الابتكار واقتراح الحلول الخلاقة، دورًا رئيسيًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
وينبغي، والحق يقال، أن تكون أهداف التنمية المستدامة -وهي 17 هدفًا و169 غاية- موضع اهتمام أي رائد أعمال يبغي أن يحدث أثرًا ويصنع بمشروعه فارقًا جوهريًا، ومن هذه الأهداف نذكر ما يلي: القضاء على الفقر والجوع، مكافحة تغير المناخ، دعم العمل اللائق والنمو، إنشاء مدن ومجتمعات مستدامة.
وفي سبتمبر 2015 طلبت الأمم المتحدة من الشركات والمنظمات غير الربحية والأفراد والوكالات الحكومية في جميع أنحاء العالم التعاون في حل أكبر مشاكل المجتمع العالمية بحلول عام 2030، ومن ثم العمل على تحقيق هذه الأهداف مجتمعة.
لكن لماذا نلقي بالمهمة على كاهل الريادة وحدها؟ أليست هناك شركات ومؤسسات تجارية وصناعية أخرى يمكنها أن تلعب الدور؟ مرد ذلك إلى كون ريادة الأعمال تسهم في تأسيس بنية تحتية مرنة، وتعزيز التصنيع الشامل والمستدام والابتكار.
ومع ذلك يحتاج رواد الأعمال إلى بيئة أعمال مواتية وتمكينية من أجل الازدهار وتوسيع نطاق تأثيرهم. يتطلب إنشاء مثل هذا النظام البيئي تعاون العديد من أصحاب المصلحة، وهو ما يعني أنه لكي تؤدي ريادة الأعمال دورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة فمن المحتم توفير المناخات الملائمة لمثل هذه الأعمال لكي تنشأ وتزدهر.
اقرأ أيضًا: مفهوم المسؤولية الاجتماعية.. كيف يُمكن تطبيقه في الشركات؟
تحويل الجهود وتحول الرؤى
تعمل ريادة الأعمال على البحث في مجموعة واسعة من التحديات العالمية والإقليمية والمحلية التي تواجه العمل وتحويلها إلى حلول تكنولوجية وسياسية متكاملة.
يتطلب ذلك اقتراح مناهج مبتكرة لنماذج الأعمال، والإدماج الاجتماعي، والتمويل.. وغيرها. تعمل ريادة الأعمال، علاوة على ذلك، كمحرك مهم لتحويل الأفكار إلى مشروعات واقعية والتأثير بها في المجتمع.
بالطبع لمواجهة التحديات الملحة في عصرنا على أفضل وجه يمكن توجيه أنشطة ريادة الأعمال بطرق تسرّع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، وبالتالي المساهمة في اقتصاد يعمل لصالح الناس والكوكب على حد سواء.
يتطلب هذا التحول على النسق الاقتصادي تضافر جهود مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة بمختلف القطاعات والعمل معًا، مع تأدية أدوار مختلفة في العملية (مثل: البحث والابتكار والتنظيم والوصول إلى السوق وتنمية المهارات).
ورغم ذلك غالبًا ما تكون التفاعلات بين هذه الجهات الفاعلة داخل النظام الإيكولوجي لريادة الأعمال غير مفهومة جيدًا، لا سيما في سياق أهداف التنمية المستدامة، ومن ثم تمسي هناك حاجة ماسة لاستكشاف الدور الذي يمكن أن يلعبه النظام البيئي لريادة الأعمال النابض بالحياة في الانتقال إلى هذا النمط الاقتصادي المأمول.
اقرأ أيضًا: الاستثمار في الاستدامة والابتكار.. المملكة ترسم طريق المستقبل الأخضر
ريادة الأعمال الموجهة نحو هدف
توفر مناهج ريادة الأعمال طرقًا جديدة لتحويل الأفكار إلى مشروعات ذات تأثير جيد في المجتمع، وبشكل أكثر تحديدًا: ترتكز ريادة الأعمال الموجهة للأغراض العامة على فهم الاحتياجات المحلية والتوصل إلى حلول مبتكرة مقترنة بنماذج الأعمال المناسبة التي تعزز الإدماج الاجتماعي والمرونة البيئية، كل هذا ينصب في قلب أهداف التنمية المستدامة.
وهناك اهتمام متزايد بالدور الذي يمكن أن يؤديه العلم والتكنولوجيا والابتكار في معالجة مجموعة واسعة من التحديات المجتمعية. ومع ذلك فإن تحديد أو تصميم الحلول المناسبة وتوسيع نطاقها ليس بالأمر الهين، ولكن على رواد الأعمال النهوض بدورهم في هذا الصدد.
يمكن القول كذلك إن أهداف التنمية المستدامة ليست بالأمر الملزم فحسب وإنما هي بمثابة التوجيهات التي يمكن أن تفتح لرواد الأعمال آفاقًا ورؤى جديدة تعينهم على تقديم أفكار ومشروعات ذات عوائد مرتفعة، وفي الوقت ذاته مفيدة على الصعيد الاجتماعي.
اقرأ أيضًا:
4 طرق لتعزيز دور المسؤولية الاجتماعية في رمضان
الدور الاجتماعي للمملكة في رمضان.. عطاء متواصل
البعد الاقتصادي للمسؤولية الاجتماعية.. آفاق أرحب
إنتاج الهيدروجين الأخضر في المملكة.. خطط طموحة لقيادة القطاع
ما هو هرم كارول للمسؤولية الاجتماعية؟