ما من شكٍ في أن الهيدروجين الأخضر سيكون عنصرًا أساسيًا ومُهمًا في نجاح تحول الطاقة، ليس فقط في المملكة العربية السعودية، ولكن في جميع أنحاء العالم؛ لهذا السبب أطلقت الحكومة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، استراتيجيتها الوطنية الطموحة لقيادة الهيدروجين؛ حيث حددت هدفًا واسعًا للاستحواذ على النسبة الأكبر من سوق الهيدروجين النظيف في العالم بحلول عام 2030.
لطالما كان يُنظر إلى الهيدروجين الأخضر على أنه مصدر طاقة مستقبلي ذو إمكانات كبيرة، وعادةً يتم إنتاجه من الماء باستخدام المحلل الكهربائي الذي يعمل بمصادر متجددة، ويُمكنه تشغيل خلايا الوقود التي تحوّل الهيدروجين إلى كهرباء نظيفة مباشرة؛ ما يتيح تخزين الطاقة ونقلها من محطات الطاقة المتجددة البعيدة إلى الأسواق العالمية، ويُمكن أيضًا تحويل الهيدروجين الأخضر إلى وقود اصطناعي وناقلات طاقة أخرى، مثل الأمونيا الخضراء.
ومع هذه المجموعة المتنوعة من الاستخدامات والمحتوى العالي للطاقة يُعتقد أن الهيدروجين الأخضر سيؤدي دورًا مركزيًا في إزالة الكربون من الصناعات التي يصعب تخفيفها مثل: الصناعات الثقيلة والنقل، ومساعدة البلدان في تحقيق أهدافها الصفرية الصافية. وبالنسبة للمملكة تُشير التقديرات إلى أن الهيدروجين الأخضر يُمكن أن يدر عائدات تصل إلى 35 مليار دولار بحلول عام 2050، ويوفر ما يصل إلى 250 ألف وظيفة.
إنتاج الطاقة والهيدروجين الأخضر
لدى المملكة العربية السعودية خطة واسعة لتطوير وإنتاج الهيدروجين الأخضر والاستفادة منه كميزة للوصول إلى صافي انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050، وبحسب محللي الطاقة فإن الهيدروجين الأخضر لا يُمكن أن يغذي قطاع النقل في البلاد فحسب، بل استخدامه أيضًا في العديد من المجالات الأخرى، مثل: التدفئة والطبخ وتوليد الطاقة وغيرها.
ونظرًا لمواردها وبنيتها التحتية وأراضيها المميزة فإن المملكة العربية السعودية تسعى إلى أن تكون أكبر مورّد للهيدروجين في العالم باستخدام الهيدروكربونات في المقام الأول جنبًا إلى جنب التقاط وتخزين انبعاثات الكربون، كوسيلة رئيسية لتنويع ملف صادراتها بعيدًا عن النفط الخام في عالم يتزايد تقييده بالكربون.
ويُوجد لدى المملكة أهداف لإنتاج الهيدروجين النظيف تبلغ 2.9 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030 و4 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2035.
اقرأ أيضًا: مركز واعد.. النافذة الأولى لتعزيز ثقافة ريادة الأعمال في المملكة
إنتاج الهيدروجين الأخضر في المملكة
ونتناول في «رواد الأعمال» عبر السطور التالية تطور قطاع الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر في المملكة.
إنتاج الهيدروجين الأخضر
كثّفت حكومة خادم الحرمين الشريفين جهودها لدعم وتطوير صناعة الهيدروجين في المملكة لتحقيق الكفاءة الاقتصادية والارتقاء بمستوى كفاءة الاستهلاك والريادة بأسواق الطاقة العالمية، ولعل مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر واستخدامه في مدينة “نيوم” هو الخطوة الأولى نحو قيادة المملكة لسوق الهيدروجين في العالم.
لم تقتصر مزايا مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر بمدينة “نيوم” على توفير فرص عمل للمواطنين والمواطنات السعوديين لكنه يعمل أيضًا على تعزيز قدرات المملكة في صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، إلى جانب تعظيم تنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة، والحد من الانبعاثات الكربونية، وفقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وبحسب تقارير وزارة الطاقة فإن مشروع “نيوم” سيحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدّل ثلاثة ملايين طن سنويًا.
ويهدف المشروع أيضًا إلى إنتاج 650 طنًا من الهيدروجين الأخضر يوميًا بدءًا من عام 2025، وهو يُجسد خطة المملكة الطموحة للتنويع بعيدًا عن النفط والغاز الطبيعي، ويعرض “نيوم” كمركز عالمي للتكنولوجيا والطاقة الخضراء.
قدرات سعودية لإنتاج الهيدروجين
تُشير التقارير الصادرة عن وزارة الطاقة، في منتصف العام الماضي، إلى أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى أن تُصبح الدولة الأكثر استحواذًا على سوق الطاقة النظيفة في العالم؛ من خلال إنتاج الهيدروجين الأخضر، خاصة أن الشواطئ الشمالية الغربية للمملكة تتمتع بمناخ مناسب لإنتاجه، حيث أشعة الشمس المتوفرة على مدار العام والرياح، ويُمكن من خلالهما تشغيل الألواح الشمسية وطواحين الهواء.
اقرأ أيضًا: مركز دلني للأعمال.. سد الفجوات غير المالية
أما بالنسبة للهيدروجين الأزرق فتسعى المملكة إلى إنتاجه من خلال فصل جزيء الميثان في الغاز الطبيعي واحتجاز الكربون، وتعزيزًا لفرص الإنتاج هذه أعلنت حكومة المملكة، مؤخرًا، عن أنها ستخصص حقل غاز لهذا الغرض.
ووفقًا لمسؤولي وزارة الطاقة تأمل السعودية في جذب استثمارات تزيد على 36 مليار دولار بحلول عام 2030 في إطار استراتيجيتها الوطنية للهيدروجين، والتي يجري الانتهاء منها خلال الفترة الحالية، وتُركز تلك الاستراتيجية على العناصر الرئيسية لسلسلة القيمة، بما في ذلك: الإنتاج والصادرات والاستخدام المحلي للهيدروجين النظيف، ومن منظور الصناعة تركز على البنية التحتية وقطاع النقل.
تعاون سعودي كوري لإنتاج الهيدروجين الأخضر
في خطوة هي الأولى من نوعها وقّع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في نوفمبر من العام الماضي، مذكرة تفاهم مع شركة الطاقة الكهربائية الكورية “كيبكو” وشركة كوريا ساوثرن للكهرباء، وشركة النفط الوطنية الكورية، وبوسكو القابضة، وسامسونج سي آند تي؛ بهدف بناء وتشغيل مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في مدينة ينبع بمنطقة المدينة المنورة.
وبحسب تقارير وزارة الطاقة فإن المشروع الذي يتم إنشاؤه على مساحة 396694 مترًا مربعًا في مدينة ينبع سيتم تشييده خلال الفترة بين 2025 و2029 وسوف يجري تشغيله لمدة 20 عامًا فقط؛ حيث من المتوقع أن ينتج حوالي 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر والأمونيا سنويًا، وتبلغ قيمته حوالي 6.5 مليار دولار.
تعاون سعودي يُوناني لإنتاج الهيدروجين
في مسعى آخر لتعزيز فرص الإنتاج أكدت المملكة العربية السعودية وجمهورية اليونان، في إطار الزيارة الرسمية الأخيرة التي أجراها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لليونان، التعاون الاستراتيجي بينهما في مجال الهيدروجين النظيف، بما في ذلك الهيدروجين منخفض الكربون، والهيدروجين الأخضر، وكذلك تعزيز التعاون في تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون وتقنياته.
اقرأ أيضًا:
منتدى مستقبل العقار.. اتفاقيات واستثمارات
الملتقى العلمي 22.. جهود لخدمة ضيوف الرحمن
منصة العمل الحر.. البرامج والخدمات
ملتقى الاستثمار البلدي.. الأهداف والفعاليات
مؤتمر التعدين الدولي.. منصة دولية شاملة