المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية واحدة من أكثر القضايا الملحة اليوم، سواءً من جهة كونها ذات أهمية كبرى بالنسبة لهذه الشركات ذاتها أو بالنسبة للمجتمع ككل.
تضعنا المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية أمام رهان أساسي؛ فإغفالها يعني هدرًا لتراث ثقافي ضخم، والطبيعة النقية غير الملوثة والمناظر الطبيعية الجميلة والتراث الثقافي والثقافات الأجنبية والبنية التحتية السليمة تمثل العناصر الأساسية لجانب العرض للسياحة. ولكن للحفاظ على هذه العناصر يجب إدارة الموارد الحيوية للسياحة بطريقة مستدامة، وينبغي تشجيع تفضيل المنتجات والخدمات المستدامة.
ومن المعروف أن صناعة السياحة/ الضيافة تؤثر، بشكل كبير، في القضايا البيئية والقانونية أيضًا، والظروف الاجتماعية لمكان معين بطريقة كبيرة.
اقرأ أيضًا: دور رائد الأعمال في دعم القضايا الاجتماعية
تعزيز الاستدامة
يمكن أن تقدم المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) مساهمة كبيرة نحو الاستدامة. ووفقًا لتعريف المفوضية الأوروبية فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات هي “مفهوم تقوم بموجبه الشركات بدمج الاهتمامات الاجتماعية والبيئية في عملياتها التجارية وتفاعلها مع أصحاب المصلحة على أساس طوعي”.
وكانت المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية جزءًا من استراتيجية أوروبا 2020 الخاصة بالذكاء والاستدامة والنمو الشامل (المفوضية الأوروبية).
إضافة إلى أن السياسات البيئية مدرجة على جدول أعمال جميع الشركات، كما أصبح التفكير في صناعة السياحة/ الضيافة كممارسة مستدامة مسألة ملحة بشكل متزايد، خاصة أن هذا القطاع يُعرف بتأثيره البيئي الضخم.
ومن أجل تعزيز الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية حوّل أصحاب الفنادق تركيزهم إلى الاستدامة وتحدياتها؛ حيث بدأوا في إدراك أن اتخاذ خيارات أكثر مراعاة للبيئة سيفيدهم على المدى المتوسط والبعيد على حد سواء.
فضلًا عن أن تلبية رغبة العملاء، خاصة من جيل الألفية، في تبني ممارسات استهلاكية أكثر وعيًا، عمل جيد من الناحية الاقتصادية البحتة، ومن المرجح أن يجذب المزيد من العملاء، ويعزز ولاء العملاء الحاليين.
اقرأ أيضًا: مبادرات المسؤولية الاجتماعية في وزارة الموارد البشرية
الجوانب الأخلاقية
الجوانب الأخلاقية حاضرة وبقوة في المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية؛ فقد حددت المدونة العالمية لأخلاقيات السياحة إطارًا مرجعيًا للاستجابة التنمية المستدامة في الممارسات السياحية.
وكذلك حماية الأطفال في السياحة قضية مهمة أخرى تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية.
وقد أنشأت منظمة السياحة العالمية فرقة عمل (وهي عبارة عن منصة عمل عالمية للاعبين الرئيسيين ذوي الصلة بالسياحة من الحكومة وقطاعات صناعة السياحة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الإعلامية) تركز على منع الاستغلال الجنسي للقصر وعمالة الأطفال والاتجار بالأطفال والشباب.
من جهتها قامت ECPAT، وهي شبكة عالمية من المنظمات والأفراد الذين يعملون معًا لحماية الطفل، بتطوير “مدونة قواعد السلوك لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي في السفر والسياحة”، وقد وقّعت عليها بالفعل العديد من شركات السياحة.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية للجامعات السعودية.. جدل البحث والمجتمع
تخفيف الآثار السلبية للسياحة
لا تتعلق المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية بجلب نفع فحسب، وإنما بدفع ضُر أيضًا؛ فمن المبادرات المهمة في سياق المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية “إعلان دافوس”، الذي يحتوي على استراتيجيات التكيف والتخفيف للسياحة؛ للاستجابة لتغير المناخ.
وتشمل تدابير المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية: الاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية والثقافية، التقليل من التلوث والنفايات، الحفاظ على المناظر الطبيعية والتنوع البيولوجي والتراث الثقافي، معاملة عادلة ومسؤولة للموظفين والموردين والضيوف، الاستخدام العادل للمنتجات والخدمات المحلية، فضلًا عن المشاركة والتعاون مع المجتمعات المحلية؛ من أجل تحسين نوعية حياة السكان المحليين.
وتُعتبر حماية البيئة وظروف العمل العادلة للموظفين والمساهمة في رفاهية المجتمعات المحلية من القضايا الرئيسية في استراتيجيات شركات السياحة الدولية؛ حيث تتمتع الشركات السياحية بعلاقات قوية مع المجتمعات المحلية التي تعمل فيها؛ لذلك فإن لها أيضًا تأثيرًا قويًا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لهذه المناطق.
وبالنسبة للعملاء وكذلك للموظفين أصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية أكثر أهمية من ذي قبل.
وللعمل بنجاح في المستقبل سيكون من الضروري لشركات السياحة أن تنفذ باستمرار وتؤسس بنجاح استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا:
المسؤولية الاجتماعية بالمملكة.. جهود متواصلة
أنماط الحوكمة.. المفاهيم والأبعاد
المسؤولية الاجتماعية للشركات الصناعية.. ما أهميتها؟
الاستثمار في المشاريع صديقة البيئة.. أرباح ومزايا