في ضوء التطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع التجارة الإلكترونية على مستوى العالم، تبرز مشاريع صغيرة ناجحة في الوطن العربي كقوة دافعة للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. إذ أصبحت المنطقة العربية، رغم التحديات الاقتصادية العالمية، وجهة جاذبة للمستثمرين ورواد الأعمال الطموحين. وذلك بفضل ما تتمتع به من مقومات فريدة وبيئة محفزة للأعمال.
أضف إلى ذلك أن الحكومات في الدول العربية تسعى جاهدةً لتهيئة بيئةٍ تشجع على تطوير الأعمال. وذلك من خلال تبني سياسات اقتصادية مرنة وتقديم حوافز للمستثمرين. في حين أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمنطقة، وعدد السكان الشباب والمتعطش للتكنولوجيا. يوفران منصةً واعدةً للشركات الناشئة والشركات القائمة على حد سواء.
مشاريع صغيرة ناجحة
من ناحية أخرى تشير الإحصائيات إلى أن الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية يشهد نموًا مطردًا. فوفقًا لموقع “World Economics” يبلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية أكثر من 8,500 مليار دولار في عام 2022. وهو ما يمثل 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
كذلك تتوقع شركة “Mordor Intelligence” أن تصل قيمة سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة العربية إلى 250.2 مليار دولار في عام 2029. ما يعكس قفزة بنسبة 36.41%. هذا النمو غير المسبوق يجعل المنطقة العربية من أسرع الاقتصادات الرقمية نموًا في جميع أنحاء العالم. وهو ما يحولها إلى بؤرة للفرص في عام 2025 وما بعده.
بينما تتصدر مدنٌ مثل: الرياض والقاهرة ودبي والدوحة وجدة وأبو ظبي قائمة الوجهات المثالية لإنشاء شركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أن قواعد الضرائب الصديقة للأعمال، وسهولة الوصول إلى الموارد، وقوة عاملة متعلمة. وزيادة عدد السكان، ووفرة الفرص التجارية ليست سوى بعض الأسباب العديدة التي تجعل الشرق الأوسط مكانًا مثاليًا لبدء أو توسيع عملك.
مشاريع صغيرة ناجحة في الوطن العربي
في ظل التدفق المتزايد للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة إلى الوطن العربي تلوح في الأفق فرصٌ تجارية واعدة. وإليكم أبرز المجالات التي يمكن للمرء استغلالها للاستفادة من سوق الوطن العربي المتنامية:
1. مشاريع التكنولوجيا المالية والبلوك تشين:
بينما يزدهر الاقتصاد الرقمي في الوطن العربي تبرز مشاريع التكنولوجيا المالية والبلوك تشين كفرص استثمارية واعدة. فقط في عام 2022 عالجت منصة “فوري” المصرية، الرائدة في مجال الدفع الإلكتروني، معاملات بقيمة 6.8 مليار دولار. فيما خدمت أكثر من 49 مليون عميل.
هذا النجاح يعكس التوجه المتزايد نحو الخدمات المالية الرقمية في المنطقة. مدفوعًا بالابتكار وثقة المستثمرين، كما يتضح من ظهور شركات يونيكورن جديدة، مثل: “إم إن تي- هالان” المصرية.
2. مبادرات الطاقة المتجددة:
في إطار التحديات البيئية والاقتصادية تتجه دول الوطن العربي نحو تبني مبادرات الطاقة المتجددة. هذه المشاريع لا تساهم فقط في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة. بل تعزز أيضًا التنويع الاقتصادي وتقلل من الانبعاثات الكربونية.
وبحلول عام 2050 من المتوقع أن توفر مصادر الطاقة المتجددة حوالي ربع إجمالي الطاقة الأولية في الشرق الأوسط. ما يجعلها فرصًا استثمارية واعدة للمستقبل.
3. التجارة الإلكترونية:
علاوة على ذلك تشهد صناعة التجارة الإلكترونية نموًا هائلًا في المنطقة العربية. ما يوفر فرصًا استثمارية كبيرة للشركات الناشئة. فوفقًا لشركة Statista سجلت أسواق التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة أحجامًا قياسية بلغت 13 و12.5 و10.7 مليار دولار على التوالي.
وتعكس تلك الأرقام الإمكانات الهائلة لهذا القطاع، الذي يشهد تطورًا مستمرًا وتوسعًا في قاعدة العملاء.
4. تكنولوجيا التعليم:
من ناحية أخرى اكتسبت تكنولوجيا التعليم أهمية متزايدة في الوطن العربي، بعد جائحة “كوفيد-19″؛ حيث تزايد الطلب على خدمات التعليم عبر الإنترنت. إضافة إلى ذلك يشكل المغتربون نسبة كبيرة من سكان المنطقة. وهو ما يوفر سوقًا واسعة للخدمات التعليمية متعددة اللغات.
هذا الوضع يتيح فرصًا كبيرة للشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم لتلبية هذه الاحتياجات المتنوعة وتقديم حلول مبتكرة.
5. المركبات الكهربائية:
لا شك أن قطاع المركبات الكهربائية يشهد نموًا سريعًا في الوطن العربي؛ فمن المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 7.65 مليار دولار بحلول عام 2028، مقارنة بـ 2.7 مليار دولار في عام 2023.
يثبت هذا النمو التوجه العالمي نحو تبني حلول النقل المستدام. كما يشجع على الاستثمار في البنية التحتية اللازمة لدعم انتشار المركبات الكهربائية. مثل: محطات الشحن وتطوير البطاريات.
6. الخدمات المالية للشركات:
مع نمو الأعمال في المنطقة العربية تزداد الحاجة إلى خدمات مالية مبتكرة ومتطورة. وسواء كانت الشركة ناشئة أو قائمة فإن الحلول الرقمية أصبحت ضرورة لا غنى عنها في مجالات المحاسبة، والتدقيق، ومسك الدفاتر.
هذه الخدمات المالية المتخصصة تساعد الشركات على تحسين إدارة مواردها المالية. واتخاذ قرارات مستنيرة، وتحقيق النمو المستدام.
7. صناعة الألعاب:
كذلك تعد صناعة الألعاب من الصناعات العالمية التي تحظى بشعبية جارفة، وتشكل فرصة استثمارية واعدة في الوطن العربي. وحسب شركة Statista تحقق المملكة العربية السعودية أعلى الإيرادات من ألعاب الفيديو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
بينما تسجل مصر أعلى نسبة من مستخدمي الألعاب. هذه الإيرادات تعكس الإمكانات الهائلة لسوق الألعاب في المنطقة، وتوفر فرصًا كبيرة للمطورين والناشرين والمستثمرين.
8. تكنولوجيا المعلومات وتطوير الويب:
تُصنف دبي واحدة من أفضل المدن الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وهي موطن لآلاف الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا. ومع الطلب المتزايد على خدمات تكنولوجيا المعلومات في المنطقة يتطلع المزيد من الشركات إلى توسيع عملياتها في الشرق الأوسط.
يتيح ذلك الطلب المتزايد فرصًا كبيرة في مجالات تطوير الويب، والتسويق الرقمي. وتطوير تطبيقات الهاتف المحمول، والعلاقات العامة عبر الإنترنت، والأمن السيبراني.
9. الخدمات اللوجستية والنقل:
كما تفتخر العديد من المناطق في الدول العربية ببنية تحتية عالمية المستوى لدعم العمليات اللوجستية والنقل. بما في ذلك: أبو ظبي، والقاهرة، ودبي، والدوحة، وجدة، والرياض.
هذه البنية التحتية المتطورة تسهل حركة البضائع والأفراد. وتوفر فرصًا استثمارية كبيرة في قطاعات النقل والشحن والتخزين.
محرك أساسي للنمو الاقتصادي
في النهاية يظهر بوضوح أن مشاريع صغيرة ناجحة في الوطن العربي تمثل محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة بالمنطقة. ففي ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم تبرز المنطقة العربية كوجهة جاذبة للمستثمرين ورجال الأعمال الطموحين. وذلك بفضل ما تتمتع به من مقومات فريدة وبيئة محفزة للأعمال.
ولا شك أن الدعم الحكومي المتزايد، والموقع الجغرافي الإستراتيجي، وعدد السكان الشباب، والنمو المطرد للاقتصاد الرقمي. كلها عوامل تسهم في جعل الوطن العربي مركزًا حيويًا للابتكار وريادة الأعمال. فمن مشاريع التكنولوجيا المالية والطاقة المتجددة إلى التجارة الإلكترونية وتكنولوجيا التعليم. تتنوع الفرص الاستثمارية لتلبية احتياجات السوق المتغيرة والمساهمة في بناء مستقبل مزدهر للمنطقة.
وفي ظل استمرار التدفقات الاستثمارية والتطور التكنولوجي من المتوقع أن يشهد الوطن العربي المزيد من المشاريع الصغيرة الناجحة التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد والمجتمع. لذلك فإن الفرصة سانحة لرواد الأعمال الطموحين لاستغلال هذه الفرص المتاحة والمساهمة في رسم ملامح مستقبل مشرق للوطن العربي.