يسعى الكثير من رواد الأعمال في إيجاد السلام الداخلي وتحقيق النجاح الشخصي في عالم مليء بالتحديات والتغيرات المستمرة؛ ما يُبرز أهمية كتب تطوير الذات كمصادر للإلهام والتوجيه.
تتعدد الكتب في هذا المجال لكن هناك مجموعة مختارة منها بمثابة منارات تهدي القراء، وتزودهم بالأدوات والأساليب اللازمة لتحقيق أفضل ما في إمكانياتهم.
وفي هذا الصدد يقدم “رواد الأعمال” نظرة معمقة على 5 من أبرز هذه الكتب، التي تتخطى فائدتها تقديم النصائح والإرشادات لتشمل تحفيز القراء على التفكير العميق والتأمل في مسارات حياتهم، وتشجيعهم على اتخاذ خطوات جريئة نحو تحقيق النجاح والرضا الذاتي.
كتب تطوير الذات
تتميز كتب تطوير الذات بقدرتها على ترك بصمة واضحة في حياة القراء، وتحفيزهم على التغيير الإيجابي والنمو الشخصي، ومن أبرز هذه الكتب:
1- الإنسان يبحث عن المعنى
يُصنف كتاب “الإنسان يبحث عن المعنى” ضمن الأعمال الكلاسيكية في مجال تطوير الذات، والذي يروي فيه الطبيب النفسي فيكتور فرانكل قصته الملهمة شارحًا نظريته حول العلاج النفسي، المعروفة باسم “العلاج بالمعنى”.
يقدم “فرانكل”؛ خلال صفحات كتابه، رؤية فريدة تتجاوز مجرد البقاء على قيد الحياة، إلى كيفية العثور على معنى حتى في أعمق أعماق اليأس.
ويستكشف مؤلف الكتاب؛ من خلال تجاربه الشخصية، الطرق التي يمكن بها للإنسان أن يجد القوة الداخلية والإرادة للعيش، منبهًا إلى أن الحرية الحقيقية تكمن في اختيارنا لكيفية الاستجابة للظروف وليس في الظروف نفسها.
يُمثل “الإنسان يبحث عن المعنى” مصدر إلهام للقراء من جميع أنحاء العالم، ويُظهر كيف يمكن للفرد أن يرتقي فوق محنته ويجد معنى حتى في أشد الأوقات، وهو بمثابة شهادة على قوة الروح البشرية وتمكنها من التغلب على الشدائد والتحلي بالصبر والأمل.
لعل أجود ما في كتاب Man’s Search for Meaning أنه قائم على تجربة واقعية، فالمؤلف فيكتور فرانكل لا يورط نفسه في خطابات وعظية نصائحية، وإنما هو، على العكس من ذلك، يستقرئ تجربته في معسكرات الاعتقال النازية، أوشفيتز وغيره، ويستفز مخيلته ويشحذ ذهنه؛ كيما يخلص في نهاية المطاف إلى مجموعة من الأفكار والنسائر النظرية والعملية التي تعيننا وإياه على الوصول إلى جادة الصواب في هذه الحياة.
ومؤلف كتاب Man’s Search for Meaning لا يردد مع محمود درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة» ولا يتذرع بتعداد ما على هذه الأرض من أمور وتفاصيل صغيرة رآها «درويش» دواعي لاحتمال العيش مثل: «رائحة الخبز في الفجر»، أو «كتابات إسخيلوس»، أو «تردد إبريل»، ولكنه على العكس من ذلك كله يرى أن الحياة بذاتها تستحق الحياة.
2- العادات الذرية
يطرح جيمس كلير في كتابه “العادات الذرية” نهجًا عمليًا ومبسطًا لبناء العادات الجيدة وكسر العادات السيئة؛ من خلال التركيز على التغييرات الصغيرة التي تحدث فارقًا كبيرًا في حياتنا، مستندًا في منهجه إلى أحدث الأبحاث في علم النفس وعلم الأعصاب.
يشرح “كلير” أن النجاح لا يتطلب تغييرات كبيرة مفاجئة، فيكفي العمل المتواصل والتحسينات اليومية التي تتراكم مع مرور الوقت.
القوانين الأربعة للتغيير
يرتكز الكتاب على نموذج الـ”4 قوانين للتغيير” لشرح كيف يمكن للأفراد تطوير عادات جديدة بطريقة فعالة.
يتضمن هذا النموذج جعل العادات الجيدة واضحة، وجذابة، وسهلة، ومُرضية، في المقابل جعل العادات السيئة غير واضحة، وغير جذابة، وصعبة، وغير مُرضية.
-
جعلها واضحة
يجب أن تكون العادات الجيدة واضحة وسهلة الفهم لكي يتم تنفيذها.
يشمل ذلك استخدام الإشارات البيئية لتحفيز السلوكيات المرغوبة.
-
جعلها جذابة
ينبغي أن تكون العادات مرغوبة وممتعة لكي يتم الالتزام بها.
يمكن تحقيق ذلك من خلال ربط العادات الجديدة بالمكافآت أو الأنشطة الممتعة.
-
جعلها سهلة
يتعين تبسيط العادات لجعلها سهلة وبسيطة في التنفيذ.
يتضمن ذلك تقليل العقبات والحواجز التي قد تمنع الشخص من القيام بالعادة الجديدة.
-
جعلها مُرضية
يجب أن تكون العادات مُرضية ومُكافئة لكي يستمر الشخص في تنفيذها.
يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز السلوكيات الإيجابية وتقديم تغذية راجعة فورية.
تُساعد هذه القوانين الأفراد على تطوير عادات جديدة بطريقة فعالة ومستدامة، وتعد أساسية لأي تغيير إيجابي يرغبون في إحداثه في حياتهم.
ويشتمل “العادات الذرية” أيضًا على استراتيجيات للتعامل مع الانتكاسات وكيفية البقاء على المسار الصحيح حتى حين تصبح الأمور صعبة.
يُعد كتاب “العادات الذرية” موردًا قيّمًا لأي شخص يسعى لإحداث تغيير إيجابي في حياته، ويُلهم القراء للنظر إلى العادات كوحدات بناء للإنجازات ويُظهر كيف يمكن للتغييرات الصغيرة أن تؤدي إلى نتائج مذهلة على المدى الطويل.
3- الراهب الذي باع سيارته الفيراري
يأخذنا روبن شارما في رحلة بين صفحات كتابه “الراهب الذي باع سيارته الفيراري”، بصحبة جوليان مانتل، المحامي الناجح الذي تخلى عن حياته المادية الفخمة بحثًا عن الحكمة الروحية.
ينقل الكتاب القارئ إلى عالم البحث عن السعادة الحقيقية والإنجاز الذاتي، وهو يحكي قصة محامٍ ناجح يتخلى عن حياته المهنية المزدهرة وثروته الطائلة في سبيل السفر إلى الهيمالايا لاستكشاف أسرار الحياة من الرهبان.
يعود بطل الحكاية إلى الغرب، لكنه لم يعد كما كان، لقد تحول من محامٍ مهووس بالعمل والثروة إلى معلم يسعى لنشر الحكمة التي اكتسبها، وبدأ بتقديم محاضرات وورش عمل، يشارك فيها تجاربه والدروس التي تعلمها من الرهبان.
مع مرور الوقت، أصبح جوليان مصدر إلهام للآلاف، الذين وجدوا في كلماته الدافع لتغيير حياتهم، مظهرًا لهم أن السعادة لا تأتي من الثروة المادية وحدها، وإنما تنبع من الرضا الداخلي والتوازن بين العمل والحياة الشخصية.
الحياة الحقيقية
وهكذا، ترك “الراهب الذي باع سيارته الفيراري” بصمة لا تُمحى في قلوب القراء، مذكرًا إياهم بأن الحياة أكبر من مجرد السعي وراء الثروة والنجاح المادي، وأن السلام الداخلي والرضا هما الكنز الحقيقي الذي يستحق البحث عنه.
يعرض “شارما” من خلال هذه الرحلة الروحية مجموعة مبادئ وتقنيات يمكن أن يطبقها القارئ لتحسين جودة حياته، وذلك بالتطرق إلى موضوعات مثل أهمية الانضباط الذاتي، وقوة الفكر الإيجابي، والتأمل كأداة للتحكم في العقل والعواطف.
ويُوصف الكتاب بأنه دعوة للتفكير في معنى النجاح والثروة، ويُظهر كيف أن الإنجاز الحقيقي يتجاوز المكانة الاجتماعية أو الثروة المادية، إلى الرضا الداخلي والسلام الروحي.
يُلهم “الراهب الذي باع سيارته الفيراري” القراء لإعادة تقييم أولوياتهم، ويُرشدهم نحو حياة أكثر نضجًا وإشباعًا.
4- التفكير السريع والبطيء
يستكشف دانيال كانمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، في كتابه “التفكير السريع والبطيء” طريقتين يستخدمهما العقل البشري للتفكير: السريع الحدسي والبطيء المنطقي.
يستعرض الكتاب كيف يمكن لهذين النظامين أن يؤديا إلى أخطاء معرفية وتحيزات، خاصة عند الاعتماد على الحدس بدلًا من التفكير والتحليل والاستنتاج.
يُعلمنا صاحب نوبل كيف يساعد الفهم العميق لهذه العمليات في تحسين قدرتنا على اتخاذ قرارات رشيدة وتجنب الوقوع في فخ ما يسمى “الأخطاء المنطقية”.
يضرب المؤلف أمثلة واقعية وتجارب فكرية توضح كيف يمكن للتحيزات أن تؤثر في تفكيرنا دون أن ندرك.
من جهة أخرى، يذهب المؤلف إلى أن إقناع الناس يجب أن يتم وفق نمط التفكير الأول (العاطفي، اللا واعي والسريع)؛ فهذا أسهل لأن ينقاد الناس لك، ويقتنعوا بفكرتك.
الأخطاء والتحيز وصنع المعنى
لعل من بين الأمور المفاجئة في كتاب «Thinking Fast and Slow» هو أن المعنى الذي نصنعه يتم عن طريق نمط التفكير الأول اللا واعي؛ حيث يميل هذا النمط إلى ربط الأشياء ببعضها، والعمل، وبشكل دؤوب، على إيجاد صلة بين الأشياء، بما فيها تلك التي لا يبدو بينها أي رابط أو آصرة.
يعمل تفكيرنا السريع واللا واعي على ترتيب أشياء وأحداث العالم الصغيرة وصناعة أو الخروج بمعنى ما من خلالها؛ ولذلك فإن التفكير وفقًا لمنطق السبب والنتيجة تراه مستخدمًا وبكثرة هنا.
يُصنف “التفكير السريع والبطيء” كمرجع أساسي في فهم العقل البشري؛ من خلال منح القارئ أدوات للتفكير بوضوح أكبر واتخاذ قرارات أكثر صوابًا.
ويُشجع القراء على البحث في سلوكياتهم ويُعزز من الوعي بالعمليات العقلية التي تؤثر في الحياة اليومية.
5- أيقظ العملاق بداخلك
يستعرض توني روبنز ، المعروف بكونه مدربًا للحياة ومحفزًا، في كتابه “أيقظ العملاق بداخلك” استراتيجيات وتقنيات للتحكم في مصيرك، عن طريق اتخاذ إجراءات فورية من شأنها أن تحسّن من حياتك.
ويزود روبنز، قارئه، بأدوات للتغلب على العقبات الشخصية والمهنية، وإرشادهم نحو تحقيق أهدافهم الكبرى.
يتناول الكتاب عددًا من المفاهيم مثل “القرارات الرئيسية” التي يمكن أن تغير مسار حياتنا، و”الأسئلة القوية” التي تحفز التفكير العميق والإبداعي.
يُركز “أيقظ العملاق بداخلك” على أهمية تحديد الأهداف بوضوح وتطوير خطة عمل محددة لتحقيقها، معلمًا القراء كيفية استخدام اللغة بطريقة تعزز الثقة بالنفس وتُحفز على العمل.
يُعد “أيقظ العملاق الكامن بداخلك” مصدر إلهام للأشخاص الذين يرغبون في إحداث تغيير جذري في حياتهم، ودليلًا شاملًا للتطوير الذاتي، ويُقدم الأدوات اللازمة للأشخاص الذين يسعون للعيش بشغف.
من وحي الكتاب
- يجب أن ترفع سقف توقعاتك ومعاييرك الشخصية لتحقيق التغيير الذي تريده في حياتك.
- عليك تغيير الطريقة التي تفكر بها والمعتقدات التي تحد من قدراتك.
- من الضروري أن تنمي إحساسًا داخليًا باليقين بأنك قادر على تحقيق المعايير الجديدة.
- ما نقوم به باستمرار يشكل حياتنا؛ لذا يجب التركيز على الأفعال وليس فقط الأفكار.
- يتعين عليك اتخاذ قرارات واعية حول ما تركز عليه، ما تعنيه الأشياء بالنسبة لك، وما يجب القيام به لتحقيق النتائج التي تريدها.
اقرأ أيضًا:
غزو عقول العملاء.. 7 مفاتيح تجعلهم مخلصين لعلامتك التجارية
5 كتب ينبغي على كل رائد أعمال قراءتها.. معرفة مُلهمة