قد يضل رائد الأعمال طريقه بسبب إدمان المجازفة، ولعل المثال الأكبر لدينا على ذلك حاليًا هو «إيلون ماسك».
اخترتُ في عطلة نهاية الأسبوع الماضي أن أعيد مشاهدة فيلم “Contratiempo” أو الشهير باسم “The Invisible Guest”. فبعد الحبكة الدرامية والنهاية غير المتوقعة التي جعلتني أعيد مشاهدته من جديد فإنني أظل أراه بعين مختلفة، وأتساءل: كيف يمكن لرائد الأعمال أن يضل طريقه هكذا؟ ولم تكن لدي إجابة أبدًا.
لكن هذه المرة الوضع تغير قليلًا فالفيلم الذي اعتدت مشاهدته قبل أعوام شاهدته بالأمس القريب، وأنا أعلم أن رائد الأعمال يمكن أن يضل طريقه فعلًا.
بالعودة إلى “ماسك” فإنَّ الملياردير، الذي لا يفكر خارج الصندوق فحسب بل حلَّق بتفكيره إلى خارج الكوكب، وقع فريسة «تويتر»!
نعم بعض التغريدات من صاحب «تسلا وسبيس إكس»، الطموح بالعيش خارج كوكب الأرض، كانت منذ عام تتلاعب بالأسهم، ثم حلّت ساعة الاستحواذ على موقع التغريدات الشهير، ومن ثم بات عُرضة للانتقادات؛ بسبب قراراته المفاجئة.
هل ضل إيلون ماسك طريقه؟ هل اكتفى من التحليق على الكواكب الأخرى ليغرد على كوكب الأرض؟ّ! أم ثمة سبب آخر لذلك.
إدمان المجازفة
تشير بعض الدراسات إلى أن رواد الأعمال أكثر عرضة لمستويات عالية من التوتر والوحدة والخوف من الفشل. وهم يحتاجون إلى مراقبة سلوك الآخرين للتأكد من أنه لا يفسد العمل، ولكن لا يوجد من يفعل الشيء نفسه بالنسبة لهم. وكل هذا يؤكد ميلهم إلى المجازفة من وقت إلى آخر.
ويواجه الكثيرون منهم صعوبة في إخبارهم بما يجب عليهم فعله، أو متى يجب عليهم التوقف، من قبل أي شخص، بما في ذلك المستثمرون. قد يتسبب ذلك في حدوث خلل وظيفي خارج عن السيطرة؛ ما يؤدي إلى إدمان العمل والمجازفة.
بالنسبة لبعض رواد الأعمال عندما يصبحون حقًا رؤساء لأنفسهم فإنَّ الأمر يشبه إلى حدٍّ ما الاستمتاع بالقوى الخارقة التي قد يمتلكها «سوبر مان».
وإذا لم يكن رائد الأعمال حذرًا فقد تصبح سلوكياته، مثل: قيادته أو تعامله مع عملائه، نقطة ضعف عند تطبيقها في بيئة مختلفة. قد يكون هذا ما حدث مع إيلون ماسك؛ فالملياردير الذي يمكنه التربع على عرش أثرياء العالم في لحظة قد أدمن العمل في السابق؛ إذ اعتاد العمل مدة طويلة من دون أن يحسب ساعات نومه. وقد يدمن المجازفة حاليًا.
وكان “ماسك” قال في تصريح تليفزيوني سابق: «أعمل كثيرًا.. في العادة أحضر اجتماعات للعمل حتى الساعة الواحدة أو الثانية صباحًا، ليس كل يوم ولكن في معظم الأيام».
واعترف ماسك بأنَّ الجدول الزمني لعمله لم يكن صحيًا، ففي عام 2018م قال لموقع Axios: «لا ينبغي لأحد أن يقضي ساعات طويلة في العمل، إنه أمر غير مستحسن لأي شخص، سوف تذهب قليلًا للجنون إذا كنت تعمل 120 ساعة في الأسبوع».
لعبة عقل
“لا تجعل المال هدفك الوحيد” هذه الفكرة التي بنى عليها ماسك نظرته للتجارة والأعمال وفقًا لـ “بي بي سي”. وفي حوار سابق له قال: «أنا لا أكدِّس الأموال في مكان ما، بل أمتلك فقط عددًا معيّنًا من الأسهم في شركات (تسلا) و(سبيس إكس) و(سولار سيتي)، وهذه الأسهم لها قيمة سوقية».
وفي حديث له خلال سلسلة المؤتمرات TED بعام 2013م كشف ماسك عن «الخلطة السرية» الخاصة به لتحقيق أشياء غير عادية: التفكير في «المبادئ الأولى» لحل المشكلات الكبيرة، وهو نمط يأتي من اشتقاق الأشياء إلى البديهيات الأساسية المثبتة قبل طرح الأسئلة ذات الصلة، ثم الرجوع إلى الاستنتاجات بناءً على البديهيات المختارة، والتأكد من أن الاستنتاجات لا تنتهك أيًا من القوانين الأساسية. فهل يكون ما يحدث معه في تويتر ما هو إلا لعبة عقل؟
كان هناك وقت اعتاد فيه «ماسك» لعب الشطرنج، فهناك إحدى الصور التي يظهر فيها مع فريق الشطرنج في المدرسة الثانوية. وإن أمعنا النظر في كل ما يقدمه هذا الرجل العبقري إلى العالم فهو نتيجة لذكاء تلك اللعبة.
كل خطوة وإن كانت مجازفة فهي محسوبة من قبل «ماسك»، يعلم كيف يؤثر، وكيف يتحدث، حتى وإن وقع في فخ التغريدات وتصويت مستخدمي تويتر لتنحيه عن منصبه فما زال عقله رياديًا، يمارس أبسط الألاعيب التي يودّ الكثير غيره أن يقتدوا به.
يقضي ماسك معظم وقته في أعمال التصميم والهندسة، ويعطي الأولوية للاجتماعات وسير العمل، ويختصر الاجتماعات بشكل متكرر، ويثبط الاجتماعات غير الضرورية بشكل فعّال.
وعندما لا يعمل يحب الاسترخاء مع قراءة الرسوم المتحركة والتغريد، ويذهب إلى الفراش حوالي الساعة 1 صباحًا.
إذًا يأتي التغريد في وقت الفراغ -يبدو أن هذه هي التسلية بالنسبة لـ “ماسك”- لمعرفة الجميع من وراء شاشة الهاتف، والضحك على من يفكر أنه ليس رائد أعمال حقيقيًا، فهو لم يتنحَّ عن كرسي الريادة أبدًا؛ بل قرر أن يجازف قليلًا في وقت فراغه من أجل التسلية أو الترفيه، أو حسابات أخرى لا بدَّ أنها تتعلَّق بالأموال.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
الدروس المستفادة من حياة إيلون ماسك.. تعلّم لتحقق النجاح
نصائح إيلون ماسك لرواد الأعمال.. فرصة لتحقيق الأحلام
كيف يستفيد رواد الأعمال من إيلون ماسك؟
ما لا تعرفه عن إيلون ماسك.. الثاني في قائمة الأثرياء