حرصت العديد من الشركات على إرساء أشكال المسؤولية الاجتماعية والبيئية فيها؛ بهدف المساهمة في رفاه المجتمع، والتأثير بطريقة إيجابية فيه.
ورغم ذلك؛ فإن الضغوط التي تعرضت لها الشركات تزايدت خلال العقد الأخير، الأمر الذي دفع العديد منها للفصل بين أشكال المسؤولية الاجتماعية والبيئية فيها كأحد التخصصات التجارية، بل حرصت على المطالبة بتحقيق نتائج مبهرة من المبادرات الخاصة بالعمل.
إن النتائج الإيجابية التي تحتاجها الشركات، تتطلب المسؤولية الاجتماعية النشطة التي تبتعد _في هذه الحالة_ عن مهامها الأساسية المتمثلة في تخفيف حدة المخاطر التي تتعرض لها الشركات، والعمل على زيادة الإنتاجية في العمل.
ونستعرض في هذا المقال الأسباب وراء حتمية اهتمام الشركات بإعادة تركيز أنشطتها الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية على أهدافها الأساسية التي من شأنها أن توفر عملية منهجية؛ لتحقيق الاتساق والانضباط في الاستراتيجيات الخاصة بها.
أشكال المسؤولية الاجتماعية
رغم المعتقد الشائع، والمقبول على نطاق واسع، المتمثل في توفير القيمة الاقتصادية بطرق من شأنها أن تؤدي أيضًا إلى التأثير إيجابيًا في المجتمع؛ فإن معظم الشركات تمارس نسخة متعددة الأوجه من المسؤولية الاجتماعية التي تدير سلسلة من الأعمال الخيرية، وبطبيعة الحال السعي النشط للقيمة المشتركة _وهو المفهوم السائد_ وصولاً إلى الاستدامة البيئية.
تبدو الشركات المدارة بطريقة جيدة أقل اهتمامًا بدمج المسؤولية الاجتماعية ضمن بعض الاستراتيجيات الأخرى، فيغدو الهدف التجاري هو سيد الموقف، وبالتالي فإن أصول الأخلاقيات لا تتلقى الاهتمام الكافي من المؤسسة؛ فالقيمة الأساسية التي تعمل عليها لا تتضمن ذلك البرنامج، بل إنها تركز على الأرباح التجارية في المقام الأول.
لكن بينما تتبع العديد من الشركات هذه الرؤية الواسعة للمسؤولية الاجتماعية، فإن هناك بعض العراقيل التي تظهر؛ بسبب ضعف التنسيق، وعدم وجود منطق يربط برامجها المختلفة.
ولفتت العديد من الدراسات الاستقصائية إلى زيادة مشاركة الرؤساء التنفيذيين في المسؤولية الاجتماعية للشركات؛ فقد وجدنا أن برامجها الخاصة بالشركات غالبًا ما يتم إطلاقها وتشغيلها بطريقة غير منسقة، من قِبل مجموعة متنوعة من المديرين الداخليين، في كثير من الأحيان، دون مشاركة نشطة من الرئيس التنفيذي.
تعظيم التأثير الإيجابي
لتعظيم تأثيرها الإيجابي في النظم الاجتماعية والبيئية التي تعمل فيها، يجب على الشركات تطوير استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية المتماسكة، على أن تصبح جزءًا أساسيًا من مهمة كل رئيس تنفيذي ومجلس إدارة.
ويجب أن تبدأ محاذاة برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات بقائمة جرد ومراجعة المبادرات الحالية، علمًا بأن تعيين أنشطة المسؤولية الاجتماعية يُعتبر خطوة أولى مهمة نحو الطريق الصحيح.
من غير المفاجئ أن تغدو البرامج التي تتبعها الشركات سيئة التنسيق؛ لذا فإن تحقيق التماسك في المؤسسة، مع التقليل أو القضاء على المبادرات التي لا تعالج مشكلة اجتماعية أو بيئية مهمة؛ تماشيًا مع غرض الشركة، وهويتها، وقيمها، يُعتبر خطوة أساسية لضمان النجاح.
وتختلف أهداف البرامج على نطاق واسع من شركة إلى أخرى، كذلك تختلف تعريفات وأشكال النجاح؛ فهناك من يسعى لتوليد الإيرادات، وتقليل التكاليف، على عكس البعض ممن يفكر في التأثيرات الأخرى الخاصة بالتحديات الاجتماعية والبيئية، والحفاظ على دعم أغراض الشركة باستمرار.
ويُعد الدعم المنسق للمبادرات الخاصة بالمسؤولية في المستويات العليا للإدارة التنفيذية أمرًا بالغ الأهمية؛ وبمجرد اتباع المديرين لأنشطة الأخلاقيات الاجتماعية الخاصة بهم، يمكنهم البدء في التعهد الصارم بجلب الانضباط والتماسك إلى المؤسسة ككل.
اقرأ أيضًا:
الاقتصاد الأخضر.. هل أصبح للطبيعة سعر؟