شهدت السنوات الأخيرة تحولاً نحو الاقتصاد الأخضر ، كما أن هناك العديد من الشركات التي قررت اتباع أسس وقواعد هذا النمط الاقتصادي، خاصة في ظل أزمة البيئة العالمية، والمشكلات المناخية، والاحتباس الحراري، والتهديدات التي تواجه الكرة الأرضية، وبقاء الإنسان.
وكان من نتائج هذا التحول أنه تم طرح القضية على بساط البحث والمناقشة، ومن ثم وجدنا وجهات نظر متعارضة ومختلفة حيال الاقتصاد الأخضر ومقولاته، وسبل تطبيقه.
نقد الاقتصاد الأخضر:
يرى بعض الخبراء والمختصين أنه من الصعب تحويل المفهوم الخاص بالاقتصاد الأخضر إلى استراتيجيات فعلية، وخطط واقعية يمكن تطبيقها على أرض الواقع؛ فهو مفهوم معقد، فضلاً عن أنه مفهوم عام إلى حد كبير، ويسع مداه الكثير من الأنشطة والمجالات المختلفة.
ليس هذا فحسب، بل يذهب المعسكر المناوئ للاقتصاد الأخضر إلى أن هذا النمط الجديد سوف يكرس فكرة عدم المساواة بين الشركات؛ إذ إن قدرات إحداها وإمكانياتها لن تكون مماثلة لما لدى غيرها من القدرات والإمكانيات؛ من حيث الحصول على الموارد الطبيعية، والمواد الأولية الخاصة بالصناعة، ومن هنا سيتم تعزيز سيطرة بعض هذه الشركات على حساب البعض الآخر.
وبعيدًا عن هذا وذاك، سيكون هذا التحول المحوري على صعيد الإنتاج والتصنيع -على حد سواء- مكلفًا إلى حد كبير، وبطبيعة الحال، لا تتحمل بعض الشركات هذه النفقات الكثيرة.
سعر الطبيعة!
على الرغم من أنه مر وقت طويل على انعقاد قمة الأرض، فإن الدول المختلفة لم تشهد نقلة نوعية في التحول صوب التنمية المستدامة، وتقليل علميات السطو على الطبيعة، وتجريف مواردها المختلفة.
ولعل أهم وأقسى نقد تم توجيهه للاقتصاد الأخضر هو أنه جعل للطبيعة ثمنًا، فقد عرّضها للاستهلاك، ووضع مواردها تحت تصرف الصناعة، والسيرورات الإنتاجية المختلفة، وهو الأمر الذي يُشار إليه في الأدبيات النظرية تحت مسمى “سعر الطبيعة”.
وتذهب الاتجاهات والتيارات المعارضة للاقتصاد الأخضر، كذلك، إلى أن أهم عاملين يجب التركيز عليهما، أثناء عملنا على إنقاذ كوكب الأرض وتحسين شروط الإنسان، هما: الإنسان والطبيعة، ومن هنا لم يكن منطقيًا أن نُحوّل الطبيعة إلى سلعة، وإنهاك مواردها، وخلق حالة من المنافسة المحتدمة بين الشركات المختلفة على هذه الموارد الطبيعية التي يحظى بها هذا الكوكب.
نقد النقد:
وعلى الجانب الآخر هناك بعض الجهات، وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة، ترى أن هناك الكثير من المكاسب التي يمكن تحقيقها جراء هذا التحول الصديق للبيئة، فهو، مثلاً، يعمل على تكريس وتعزيز مسيرة التنمية المستدامة، وتوفير المزيد من الوظائف الجديدة، وهو الأمر الذي سوف يسهم في القضاء على مشكلة البطالة أو، على الأقل، التخفيف من حدتها.
وطالما أن الاقتصاد الأخضر، بما هو طريقة في التصنيع والفلسفة كذلك، يطال عمليات الإنتاج، والتوزيع، والاستهلاك… إلخ، فإنه سيعمل على تحسين وضع الإنسان على ظهر هذا الكوكب، والمساهمة في توفير شروط عيش كريم للناس في الوقت الحالي دون الإضرار بالأجيال القادمة.
اقرأ أيضًا:
الاتصال المسؤول.. كيف تؤدي الشركات واجباتها الاجتماعية؟