إذا أرادت أيُّ دولة الانطلاق نحو القمة والريادة فيجب أن يكون تركيزها الاستراتيجي على تنمية الفكر، وتطوير المهارات، وزيادة المعرفة لرواد الأعمال والشباب؛ كخريطة طريق تُرشدهم إلى الطريق الصحيح بين نقطتين: أولاهما أين أنت الآن؟ والأخرى أين تريد أن تكون في المستقبل، وكيف تحقق ذلك؟ سعياً إلى تحقيق الاستجابة الدقيقة لتوجيهات المجتمع واحتياجاته.
وإذا سعت الدولة إلى المجد فطريقها واحد، يبدأ باستراتيجية متكاملة تبدأ بالشباب، وتنتهي بتقديم معارف مستحدثة، تهتم بتطوير إمكانيات الشباب في كل مجالات الحياة بأسلوب علمي، وفق رؤية موسَّعة تستوعب كل متغيّرات المجتمع المحلي والعالم من حولنا.
وعلى هذا الأساس، فإنّ أيّ مبادرة أو مشروع أو فعالية تهتم بتطوير الشباب وإمكانياتهم؛ هي في الواقع تأسيس قوي للمستقبل، لأيّ دولة وضعت مبادئ وأهدافًا لنهضتها وتقدمها.
ولقد جاء منتدى شباب العالم، الذي احتضنته مدينة شرم الشيخ المصرية في نسخته الرابعة، مترجمًا للمعطيات والدعوات التي انطلقت لتسليم الشباب أمر قيادة المستقبل في العالم ككل- مثلما هو حادث في السعودية -؛ إذ حدثت نقلات نوعية فيما طُرح من قضايا اهتمت بإشراك الشباب في القضايا المصيرية التي تهمّ العالم ككل.
وتتمثل هذه القضايا المصيرية في المشكلات البيئية، وتحدي «تغيّر المناخ»، وسياسات الاستخدام العادل للمياه، والدور العالمي المتنامي للشركات الناشئة، ومستقبل الرعاية الصحية، والتداعيات السلوكية والنفسية في عوالم ما بعد وباء كورونا، ومستقبل الطاقة المستدامة، والسلام والأمن العالميين، وإعادة إعمار مناطق ما بعد الصراع، والتمسُّك بالقيم الإنسانية من خلال الفنون والإبداع، وبناء الأمن.
إنَّ توفير مثل هذه المنصات للشباب، يمثل فتحًا جديدًا للمؤثرين منهم في مجتمعاتهم؛ ليعبِّروا عن آرائهم ورؤاهم لمستقبل بُلدانهم والعالم أجمع، وهي فرصة لتلاقي الثقافات، وتبادل الأفكار والمعلومات والمفاهيم الشائعة حول ريادة الأعمال، والعمل على تأهيل وتطوير الأفكار الريادية، وتطويرها باستمرار.
ولا شك في أنَّ ذلك يؤدي إلى إيجاد حلول لمشكلات المجتمعات المحلية، بعد اكتساب الشباب، المعارف والخبرات في المنتديات والمؤتمرات والفعاليات؛ تمهيدًا لإشراكهم في عمليات صُنع القرار، وإدماجهم في بيئة العمل؛ ما يُقلّل من آثار المشكلات السائدة؛ كالبطالة، وإدمان المخدرات، والمشكلات الاجتماعية الناتجة عن الاختلالات في الاقتصاد؛ ما قد يؤدي إلى نتائج إيجابية تتمثّل في مجتمع مثالي، ودولة متقدمة، وعالم أفضل.
والشاهد أنّ التركيز على تعزيز استراتيجيات تمكين الشباب، وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار، اتجاهٌ يمكن أن يُسهم في إعداد مستقبلٍ أفضل وواعد لأي دولة ترغب في التنمية والتطور، بل إنّ إتاحة الفرص للشباب في إعداد السياسات، وتحمّل المسؤوليات الحكومية والمجتمعية والطوعية، من أهمّ أدوات إدماج الشباب في المجتمع، ودعم انتمائهم لأوطانهم.
ويضمن هذا، اكتسابهم خبراتٍ تسهم في حل الأزمات والمشكلات؛ لأنهم يقدمون أفكارًا إبداعية، وقادرون على إنتاج وتقديم ابتكارات تسهم في نهضة المجتمع، وبالتالي نهضة الدولة.
وقد اتجهت حكومة المملكة الرشيدة إلى تبنّي وتطوير هذه الاتجاهات الداعمة للشباب وتطلعاتهم؛ ما يجعلها تجني ثمار هذه التوجهات في المستقبل القريب بمجتمع مثالي.
اقرأ أيضًا:
سواحل الجزيرة الإعلامية.. والأسبوع العالمي لريادة الأعمال
الاستراتيجية الوطنية للاستثمار
المرأة السعودية.. والحراك الاقتصادي