على مشارف حقبة جديدة، يقف عالمنا على أعتاب ثورة هائلة تقودها أدوات “الذكاء الاصطناعي التوليدي” المتطورة؛ ففي غضون سنوات قليلة شهدنا طفرة هائلة في قدرات هذه التكنولوجيا، لتحدث نقلة نوعية في مختلف المجالات، وتصبح ركيزة أساسية للابتكار والإبداع في مختلف المنظمات.
فما كان بالأمس مجرد خيال علمي، بات اليوم حقيقة واقعية؛ فقد تجاوزت منجزات التكنولوجيا مرحلة التجارب المحدودة، ليصبح ضرورة ملحة لتعزيز الكفاءة والإنتاجية في مختلف القطاعات.
ومنذ ظهور “DALL-E”، أول أداة لتحويل النص إلى صورة من OpenAI، وحتى “ChatGPT” الذي فتح المجال لتطبيقات أوسع وأكثر تنوعًا، سارع العالم لاكتشاف إمكانيات “الذكاء الاصطناعي التوليدي” الهائلة.
وتشير الدلائل إلى أن هذه الثورة في مهدها، فوفقًا لتقرير حالة الذكاء الاصطناعي الصادر عن شركة ماكينزي لعام 2023، فإن ثلث المؤسسات قد قامت بالفعل بدمجه في إحدى وظائفها، بل إن توقعات الاستطلاع تشير إلى أن 75% من المشاركين يعتقدون أن “الذكاء الاصطناعي التوليدي” سيحدث ثورة جذرية في صناعتهم.
التعريف والمفهوم
ويمثل هذا النوع من الذكاء متعدد الوسائط مفهومًا جديدًا يثري تجاربنا من خلال تحفيز حواسنا المتعددة؛ فهو يستخرج المعلومات من مصادر متنوعة، بما في ذلك النصوص والصور والفيديو والصوت، لتقديم رؤى ومحتوى مُذهل.
وفي خضم هذا الأمر، يوضح كامدن سويتا؛ مدير المنتج الرئيسي في شركة New Relic، أن الذكاء التوليدي الاصطناعي متعدد الوسائط يجمع بين أنواع متعددة من البيانات، مثل: النصوص والصور والفيديو والصوت والبيانات ثلاثية الأبعاد، لإنشاء تحليلات واستنتاجات أكثر دقة حول مواقف أو سيناريوهات أو مشكلات واقعية. كما يتم تدريب هذه النماذج على مجموعات بيانات ضخمة من مختلف أنواع البيانات التي تتطلب تحليلًا أو استجابة.
الفروق والاختلافات
ويشبه الذكاء التوليدي الاصطناعي متعدد الوسائط الذكاء الاصطناعي التوليدي العادي، لكنه يمتاز بقدرته على الاستفادة من التضمينات أو الفهرسة متعددة الأبعاد والاعتماد على قواعد بيانات المتجهات للعمل، هذا الاختلاف يعزى إلى قدرة هذا النوع من الذكاء متعدد الوسائط على استيعاب ومعالجة وإخراج أنواع متعددة من البيانات بفضل التضمينات أو الفهرسة متعددة الأبعاد.
وعلى سبيل المثال، يقدم الذكاء متعدد الوسائط ImageBind من Meta، الذي تم إصداره مؤخرًا، نموذجًا متطورًا مقارنةً بـ ChatGPT.
ويدمج ستة أنواع من البيانات:
– النص.
– الصورة/الفيديو.
– الصوت.
– البيانات ثلاثية الأبعاد.
– الإشعاع الحراري القائم على الأشعة تحت الحمراء.
– وحدة قياس القصور الذاتي (IMU).
وتخطط Meta لدمج المزيد من الحواس، مثل: “الشم واللمس وإشارات تصوير الأعصاب الوظيفي (fMRI) كجزء من أبحاثها في مجال الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط.
الفوائد والمزايا
يقدم هذا النوع من الذكاء متعدد الوسائط العديد من الفوائد، بما في ذلك:
-
تحسين دقة البيانات
من خلال الجمع بين المعلومات من مصادر متعددة، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي متعدد الوسائط تقليل التناقضات وتقديم صورة أكثر دقة للواقع، هذا له فوائد كبيرة في مجالات مثل: “الرعاية الصحية والتمويل والتصنيع”؛ إذ تعتمد القرارات على بيانات دقيقة.
-
تحسين تجربة المستخدم
يمكن استخدامه لإنشاء تجارب مستخدم أكثر تفاعلية وجاذبية، على سبيل المثال. كما يمكن استخدامه لإنشاء صور وفيديو مخصصة أو لتطوير روبوتات محادثة يمكنها فهم الأسئلة المتعددة الوسائط والرد عليها.
-
تعزيز الابتكار
يفتح الذكاء التوليدي الاصطناعي متعدد الوسائط آفاقًا جديدة للابتكار في مجالات مثل: الفن والموسيقى والتصميم. كما يمكن استخدامه لإنشاء أعمال فنية جديدة أو لتطوير أدوات جديدة يمكن للمبدعين استخدامها للتعبير عن أنفسهم.
-
تسريع البحث العلمي
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل كميات كبيرة من البيانات من مصادر متعددة، ما يمكن أن يساعد العلماء على اكتشافات جديدة وفهم أفضل للعالم من حولنا.
آلية العمل وطرائقه
في الأساس، يعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على خوارزميات التعلم الآلي (ML) لتحليل كميات هائلة من البيانات، ببساطة، ويمكن إطعام هذا النوع من الذكاء كميات كبيرة من المعلومات حول موضوع معين، ليتمكن من استيعابها واكتشاف الأنماط والبنى المتضمنة، وبناءً على هذه البيانات، يصبح قادرًا على إنشاء محتوى جديد وأصلي.
مثال تطبيقي
لنتخيل برنامج المحادثة الشهير للذكاء الاصطناعي “ChatGPT” من OpenAI، والذي يتيح تحويل النص إلى نص، لنفترض أننا طلبنا منه كتابة سونيتة تعبّر عن مشاعر لوك سكاي ووكر بعد اكتشافه أن دارث فيدر هو والده، باستخدام خماسي التفعيلات الشكسبيري. سيقوم ChatGPT على الفور بجمع المعلومات ذات الصلة من الإنترنت حول ملحمة حرب النجوم وسوناتات شكسبير، لينتج بعد ذلك محتوى جديدًا ملبيًا لطلبنا بدقة.
من يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
تعدّ هذه التقنية مفيدة للشركات بمختلف أحجامها، بدءًا من الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة وصولًا إلى الشركات الكبرى؛ إذ تستخدم في مجالات متنوعة.
وتشمل بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الشركات ما يلي:
- تعزيز قدرات خدمة العملاء: يمكن لتقنيات الذكاء الآلي الاصطناعي ساعدة وكلاء خدمة العملاء في تقديم خدمات أفضل وأكثر كفاءة.
- تحسين المبيعات والتسويق: تستطيع هذه التقنيات تحليل كميات هائلة من البيانات لتقييم العملاء المحتملين بشكل دقيق وتوقع توقعات المبيعات.
- تخصيص الحملات التسويقية: بإمكان هذه التكنولوجيا الأكثر تطورًا على الإطلاق إنشاء رسائل تسويقية مُخصصة لكل عميل، ما يحسّن من فعالية الحملات.
- تحسين عمليات تكنولوجيا المعلومات: يمكن تحسين عمليات مراكز البيانات من خلال الذكاء الاصطناعي.
-
مساعدة المطورين: تستطيع أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة مساعدة المُطورين في كتابة أكواد البرامج بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
- إنشاء وتحديث المحتوى: يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء وتحديث المحتوى والوثائق الداخلية للشركات.
- تحسين عمليات التدريب والإدماج: بإمكان أدوات هذا النوع من الذكاء مساعدة الشركات في تحسين عمليات إدماج وتدريب الموظفين الجدد.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
8 نصائح لإنشاء المحتوى الجيد على «لينكد إن»
كيف تعزز التكنولوجيا المبيعات عبر الإنترنت؟
المنتجات الرقمية.. نحو عالم من الفرص