بما أن الإنسان كائن اجتماعي، أي أنه مركوز في فطرته أن ينضم وينتمي إلى جماعات اجتماعية، وأن يؤثر فيها ويتأثر بها، فمن الممكن أن تستفيد المؤسسات والشركات المختلفة من هذه «العدوى الاجتماعية» عبر تعزيز الوجود النشط للموظفين أو بالأحرى لبعض الموظفين _إذ من المحال أن يكون جميع الموظفين نشطين أو مؤثرين في بيئة العمل_ واستخدامه للتأثير في الموظفين الآخرين الخاملين والكسالى.
لكن Anese Cavanaugh تطرح في كتابها “Contagious Culture” أو “الثقافة المعدية” حتمية أن يكون هذا الوجود النشط للموظفين متعمدًا، سواءً من قِبل الإدارة أو الموظفين أنفسهم. فبعض الموظفين الأفراد، قليلي العدد لكن ذوي الطاقة العالية والنشاط الكبير، يمكنهم أن يغيروا ليس من معدلات إنتاج زملائهم الآخرين، وإنما أن يقلبوا ثقافة المؤسسة رأسًا على عقب.
يتعلق الأمر هنا حرفيًا بنوع من العدوى، فهؤلاء الموظفون النشطون بمثابة مصل يتم حقنه في شرايين المؤسسة كي تتعافى من جديد.
اقرأ أيضًا: كيف تختار موظفيك؟
عدوى المزاج
ما من شك أن الإنسان، من جهة كونه إنسانًا، يؤثر فيمن حوله ويتأثر بهم، لكن لا ينبغي على الإدارات المختلفة أن تترك الأمر يحدث هكذا اعتباطًا ومن دون ضابط ولا رابط، وإنما أن تتحكم فيه، قدر جهدها واستطاعتها.
وتأتي أهمية التحكم في «عدوى المزاج» تلك من كون زميل العمل المحُبِط، أو المتقاعس، أو ذو المزاج السيئ يؤثر تأثيرًا سلبيًا مهولًا ليس في معدلات إنتاج زملائه فحسب، وإنما في الشركة بشكل عام.
فلو تصورنا أن هذا الموظف المتكاسل أو ذاك يضيع كل يوم 90 دقيقة فقط في التذمر ونثر طاقته السلبية في المكان، فانظر كم ساعة سيُضيع في الأسبوع الواحد، وكم شخصًا سيتأثر به.
تنطلق فكرة Anese Cavanaugh من حتمية التعامل مع وضع مُعطى سلفًا، موجود من البداية _وهو كون الموظفين يتأثرون ببعضهم سلبًا وإيجابًا_ واستخدامه وتجنيده لصالح المؤسسة وزيادة معدلات إنتاج الموظفين.
اقرأ أيضًا: التوظيف الافتراضي.. تجربة عمل فريدة
الوجود النشط المتعمد
إن الوجود النشط المتعمد هو جوهرة الأطروحة التي تقدمها Anese Cavanaugh في هذا الصدد؛ فهي تحاول أن تقول: طالما أن الوجود الخاص بالموظفين سواءً كان نشطًا أو خاملًا يؤثر في محيطهم كله، فمن الواجب أن نستغل ذلك، بمعنى أنه من الواجب على الموظفين أن يعرفوا الطريقة التي من خلالها يكون وجودهم نشطًا، ويكونوا أعضاءً فاعلين في المؤسسة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، يتعين على المؤسسة أن تتعمد أن يكون موظفوها نشطين وفاعلين في بيئة العمل الخاصة بهم، ولذلك تطرح Anese Cavanaugh منهجية Intentional Energetic Presence، فمن خلال هذه المنهجية لن تكون مكتفيًا بنفسك، سعيدًا بإنجازاتك فحسب، وإنما ستكون مصدر طاقة إيجابية وإلهام لزملائك الآخرين.
اقرأ أيضًا: المنظمة الشجاعة والسلامة النفسية للموظفين
ولكي يكون وجودك نشطًا على الدوام فكّر في هذه الأمور:
1- تقبل أنك قد تُحبط
طبيعي أن تمر بفترات تضعف فيها همتك، ويقل نشاطك، هذا لا ضير فيه، لكن المهم أن تعيد شحن طاقتك من جديد، وأن تعاود المسير مرة أخرى.
2- راقب طاقتك
كن منتبهًا على الدوام لطاقتك ومدى نشاطك، إن شعرت بأنك لا تعطي بالمقدار الذي تريده، فأعد التفكير في الأمر مرة أخرى.
3- هل هذا ما تريده؟
لا تؤدِ عملًا لا تحبه، فإذا وجدت نفسك واقعًا في هذا الفخ غادر هذا العمل، وابحث عما تحب، ساعتئذ ستكون نشطًا، ومصدر طاقة وإلهام لزملائك الآخرين.
اقرأ أيضًا: أنماط المدراء السبعة
4- الشعور الداخلي
من المهم أن تُقيّم، بشكل دائم، شعورك الداخلي، ومقدار ما تشعر به من طاقة، حتى تتمكن من معرفة وضعك بالضبط، ومن ثم تستطيع وضع نفسك على المسار الصحيح مرة أخرى، أي في حال ضعفت همتك أو انخفضت طاقتك.
5- تعلق بالنتائج
إن وضعت النتائج التي تريد تحقيقها والأهداف التي تريد الوصول إليها نصب عينيك فسيكون ذلك دافعًا لك على العمل بجد واجتهاد طوال الوقت.
اقرأ أيضًا:
الحفاظ على إنتاجية الفريق عن بعد
ثقافة التساؤل في الإدارة.. أنسب طريقة للفهم وحل المشكلات