الأزمات اختبار حقيقي، لقناعاتنا، وأهدافنا، وطموحاتنا، إنها تضع كل شيء فينا على المحك، وتعيد ترتيبه من جديد؛ ذال مثلًا هو الحاصل الآن مع أزمة/ وباء كورونا المستجد؛ إذ كان حلم قطاع كبير من العاملين أن يتحرروا من عبء الذهاب إلى موقع العمل كل صباح، متكبدين مشقة الانتقال والاستيقاظ المبكر، سوى أن كثيرًا منهم، في الوقت الراهن، وبعد الاضطرار للعمل من الخارج، أيقنوا بأن العمل من المنزل حرية ولكن لهذه الحرية تبعات.
إن الحرية التي حصل العاملون عليها من خلال أدائهم أعمالهم وواجباتهم الوظيفية من المنزل جلبت معها بعض المشاكل والمعضلات؛ فبعضهم، على سبيل المثال، يقضي يومه كاملًا في العمل دون، وهو الأمر الذي يعني أن حياته الشخصية باتت مهددة بالإفساد.
اقرأ أيضًا: أنماط المدراء السبعة
في حين أن البعض الآخر بات يرزح تحت نيّر شعور بالوحدة لا يرحم؛ فالعمل من المنزل أفقد الموظفين فرصة التواصل الفاعل والحي مع زملائهم الآخرين، وتمت الاستعاضة بالاجتماعات الافتراضية من آن لآخر بدلًا من هذا التواصل وجهًا لوجه.
هندسة حياة الموظفين
إن العاملين من بُعد، سواء من منازلهم أو من أي مكان آخر، يجنون الكثير من الفوائد والمنافع، لكنهم، وفي الوقت ذاته وربما وبالقدر ذاته أيضًا، يدفعون ثمن هذه المكاسب وتلك المنافع، وهذا أمر طبيعي إن لم يكن بديهيًا؛ فلكل شيء ثمن، وكلما عظم المكسب عظم الثمن.
صحيح أن رائدة الأعمال Marie Forleo أشارت، قبل عدة سنوات، إلى أن الشعور بالوحدة قد يكون أحد التبعات المصاحبة للعمل من المنزل، لكنها هي نفسها اقترحت بعض السبل والطرق التي يمكن من خلالها التغلب على هذه السلبيات.
اقرأ أيضًا: كيف تنجح عندما تغير وظيفتك؟
إن الأمر، في النهاية، لا يعدو كونه تحديًا من الواجب على الموظفين أن يتغلبوا عليه بمساعدة مدرائهم، كل ما هنالك أن هناك مهمة جديدة ستكون ملقاة على عاتق هؤلاء العاملين عن بُعد وهي تلك المتعلقة بإعادة إصلاح وهندسة حياتهم الاجتماعية من جديد؛ إذ لا يعني أنك تعمل من المنزل أن تفشل في عملك أو تهدم حياتك الشخصية.
إن العمل من المنزل حرية، هذا أمر حقيقي لا شك ولا ريب لكن فقط لأولئك الذين يريدوا أن يكونوا أحرارًا بالفعل، لأولئك الذين يقررون النجاح في كل من عملهم وحياتهم الشخصية.
لست وحيدًا
إن تصورت أنك وحيد بسبب العمل من المنزل فأنت واهم، فكل العاملين عن بُعد لديهم مشكلات بسبب هذا التحول، وتلك النقلة الجديدة والراديكالية في طريقة أداء الأعمال وإنجاز المهام الوظيفية. لكن المشكلات التي يعاني منها الجميع ليست واحدة بطبيعة الحال، فكل شخص لديه زاويته المعينة في النظر إلى الأمور والتعاطي مع الأشياء، ومن ثم فإن انعكاس كل مشكلة على مجموعة من الأشخاص لن يكون واحدًا ولا متساويًا.
اقرأ أيضًا: مستقبل إدارة الموارد البشرية.. 7 اتجاهات أساسية
هذا في حد ذاته يمنحك بعضًا من الطمأنينة؛ فالجميع مثلك، خاصة أننا ما زلنا في الطور الأول من هذا التحول، ولم نزل بحاجة إلى التأقلم مع هذه الطريقة الجديدة في العمل وأداء المهام الوظيفية.
لذا، فمن الواضح بذاته، بعد هذا الطرح، أن العمل من المنزل حرية لكنه تحدٍ، فمن استطاع اجتياز هذا التحدي والتغلب عليه، أمسى حرًا، ليس هذا فقط، بل سيكون بإمكانه إضفاء زخم وثراء جديدين لحياته؛ فمن خلال تنظيم الوقت وإدارته بشكل فاعل، سيكون في الإمكان ممارسة الهوايات والأنشطة التي كانت مستحيلة في ظل العمل التقليدي.
اقرأ أيضًا:
التوظيف الافتراضي.. تجربة عمل فريدة
المنظمة الشجاعة والسلامة النفسية للموظفين