قد لا نجاوز الصواب لو قلنا إن الإدارة السلبية هي النمط الأشهر والأكثر ذيوعًا؛ ذلك لأن التحول من نقطة السلبية إلى الإيجابية يلزمه أولًا وعي بالمشكلة في حد ذاتها، بالإضافة إلى ضرورة وضع واتباع الكثير من الطرق والخطوات التي تمكننا من الخلاص من كل السلبيات التي تكتنف طريقة إدارتنا للموظفين.
وخير دليل على ذيوع الإدارة السلبية تلك الأبحاث التي أجراها معهد الإدارة المعتمد (CMI) والتي كشفت عن أن أكثر من نصف (56%) القوة العاملة في القطاع الصحي تعتقد أن أسلوب الإدارة السائد داخل مؤسستهم هو أسلوب سلبي.
وبينت الأبحاث أيضًا أن الأنماط الثلاثة الأكثر شيوعًا وفقًا للعاملين في مجال الرعاية الصحية _القطاع الذي أجريت عليه الأبحاث والدراسات_ هي الأنماط الاستبدادية (25%) والبيروقراطية (19%) والسرية (12%).
وأحرى بنا أن نشير إلى مسألة أخرى، وهي أن الموظفين لا يغادرون، في الغالب، إلا بسبب مدرائهم؛ ما يعني أننا بتنا أمام قضية جدلية: هل تنتج الإدارة السلبية مدراءً سيئين أم أن المدراء السيئين هم الذين يصنعون مناخًا إداريًا فاسدًا وأنماطًا إدارية عليلة؟
ما من سبيل للإجابة عن هذا السؤال، وإنما يمكن القول إن ثمة تضافر بين هذين الحدين (المدير السيئ والإدارة السلبية) يؤدي في نهاية المطاف إلى وجود مناخ فاسد، ونتائج متردية، وجودة متدنية.
اقرأ أيضًا: نمط الإدارة في الشركات الآسيوية.. تعاطٍ مختلف مع الوقائع والمهام
الإدارة السلبية
لن نتورط في محاولة تقديم تعريف لهذه الإدارة السلبية؛ ذلك لأن هذا المفهوم ينطوي على بُعد معياري ما، فما يراه البعض سلبيًا قد يراه آخرون إيجابيًا، بل إن أغلب ممارسات المدراء السيئين تكون نابعة من تقييم خاطئ لمعطيات معينة، أو يأتون بأفعال سلبية وخاطئة ظنًا منها أنها صحيحة ومناسبة.
المهم أنه ليس من السهل تقديم تعريف جامع ومتفق عليه لنمط الإدارة السلبية، وبالتالي سوف يقدم «رواد الأعمال» بعض السمات العامة لهذا النمط الإداري، وذلك كما يلي..
-
الاستغراق في التفاصيل
على المدير المحنك أن يجمع بين الإحاطة الكلية بكل الأشياء المهمة دون أن يستغرق في التفاصيل، ومشكلة الإدارة السلبية أنها تأخذ منحى واحدًا فتستهلك نفسها في التفاصيل التي لا طائل لها ولا أهمية من ورائها.
والأدهى من هذا أن المدير السيئ يعتقد بألا أحد غيره أقدر على إنجاز العمل بفعالية وكفاءة، وإنما مرد هذا أنه لم يغادر فكرة منصبه وأنه قد تحول من مجرد موظف إلى مدير.
اقرأ أيضًا: أفضل أنواع المدراء في الشركات.. خطوتك الأولى لإدارة الأعمال
-
اتباع نهج واحد مع الجميع
لا يوجد أسلوب سيئ من الناحية الموضوعية للإدارة، غير أن مشكلة الإدارة السلبية أنها تعامل الجميع على أنهم فرد واحد، فتنظر إلى جميع الموظفين بأن لديهم نفس الرؤى والتوجهات والتصورات، ولديهم نفس الاستجابة للقرارات والوقائع الجديدة.
وعلى الرغم من أن وظيفة المدير تتمثل في التأكد من توافق الفريق مع مهمته ولديه الدعم والموارد التي يحتاجها لتحقيق هذه المهمة، لكن كل موظف يختلف عن الآخر؛ لذا فإن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي تخصيص إدارتك وتدريبك واتصالاتك، كمدير، لتناسب هذا الفرد على أفضل وجه.
اقرأ أيضًا: ما هي المبادئ الأساسية للحوكمة الجيدة للشركات؟
-
غياب القدوة
المدير الجيد لا يغرق في التنظير _وإن كان التنظير مهمًا_ ولكنه دومًا في الميدان وأرض الواقع، فهو ليس قائدًا يجلس ويأمر أتباعه بالقتال وإنما يقف معهم كتفًا بكتف، ويفعل مثلهم، بل يضرب لهم بتفانيه واجتهاده القدوة والمثل.
وقد قيل إن أفضل القادة هم الذين في الخنادق، سوى أن مشكلة الإدراة السلبية أن المتورطين فيها يظنون أن دورهم في التنظير والتوجيه، وعلى الرغم من أهمية ذلك بطبيعة الحال إلا أن الإدارة بالقدوة أهم من ذلك كله.
أضف إلى ذلك أن المدير المتقاعس، المفرط في التنظير، دون العمل الجاد والمتفاني، يفت في عضد فريقه، ويؤدي به إلى الفشل والتقاعس هو الآخر، فطالما أن المدير لا يعمل فكيف سيعمل الناس؟!
اقرأ أيضًا: السحابة الهجينة وكيفية التخلص من تعقيدات العمل
-
اللوم دون تقديم الحلول
اللوم أشهر سمات الإدارة السلبية، على الرغم من أن دور المدير الجيد ليس معاقبة الناس، ولا توبيخهم وتوجيه اللوم إليهم، وإنما تقديم الحلول، كما أنه دومًا يضع نفسه في المقدمة عندما تطرأ أي معضلة في العمل.
والحق أن هدف الإدارة؛ من حيث هي كذلك، ليس اللوم ولا حتى العقاب، وإنما اجتراح أفضل الطرق والمناهج التي تؤدي بأعضاء الفريق إلى تقديم أفضل ما لديهم من جهد ومهارات.
اقرأ أيضًا:
- شركات عالمية عانت من الفشل.. «النجاح معلم رديء»
- ماذا يمكن أن تستفيد من نجاح أبل؟
- التخطيط الناجح للشركات الصغيرة.. 3 عناصر أساسية
- أنمار السليماني: المملكة حققت في فترة قياسية ما كان مستحيلًا
- إدارة رائدات الأعمال.. أسلوب قيادي لتعزيز الأداء الوظيفي