تُعد العودة من العطلات بمثابة هبوط ناعم من سماء الاسترخاء إلى أرض الواقع؛ فبعد رحلة ممتعة، سواء كانت جولة تذوق أشهى الأطعمة مع أصدقائك، أو أسبوعين في تايلاند مع شريك حياتك، أو أسبوعًا في منزل أجدادك، قد تجد نفسك غارقًا في ركود بالإنتاجية يصعب الخروج منه.
يبدو الأمر وكأن الوقت الذي تقضيه بعيدًا عن العمل يفترض أن يجدد طاقتك وينعش ذاكرتك لكن ذلك لا يعني دائمًا أنك ستتمكن من تحقيق ما خططت له عند عودتك؛ فقد تجد نفسك مضطرًا لحضور اجتماعات طوال اليوم.
متلازمة ما بعد العودة من العطلات
ربما واجهت شعورًا غريبًا بعد عودتك من العطلة أو الإجازة، يمزج بين الحزن والقلق والضيق، هذا الشعور يطلق عليه اسم “متلازمة ما بعد الإجازة” أو “اكتئاب العطلة”، وهو عبارة عن حالة نفسية تصيب البعض بعد قضاء وقت ممتع في رحلة أو إجازة، وتتميز بأعراض مثل: الأرق، وانخفاض الطاقة، وقصر الباع، وقلة التركيز، والشعور بالقلق والتوتر.
أسباب متلازمة ما بعد الإجازة:
تعزى هذه المتلازمة إلى عدة عوامل، منها:
- التناقض بين عالم الإجازة وعالم العمل: ففي الإجازة الطويلة ننعم دائمًا بالراحة والاسترخاء، بينما نواجه في العمل الضغوط والمسؤوليات.
- التغيرات في إفراز الهرمونات: عادة ما تؤدي الإجازة الطويلة إلى انخفاض مستويات هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، بينما ترتفع مستوياته عند العودة إلى العمل؛ ما يسبب الشعور بالقلق والتوتر.
- الصعوبة في العودة إلى الروتين: في كثير من الأحيان قد يصعب على البعض التكيف مع روتين العمل المعتاد بعد قضاء وقت طويل في الإجازة.
-
إحصائيات مقلقة
تُشير أبحاث كلية هارفارد للأعمال إلى أن 87 % من الموظفين يُعانون من مشاعر القلق والتوتر عند عودتهم إلى العمل بعد أخذ إجازة طويلة، وتشمل الأسباب الرئيسية لهذه المشاعر ما يلي:
- -العودة إلى الروتين 31 %.
- -اللحاق بالعمل المتراكم 28 %.
- -بيئة العمل المزدحمة 25 %.
- -حجم رسائل البريد الإلكتروني غير المقروءة 27 %.
خطوات تضمن انطلاقة ناجحة
ما من شكٍ في أن العودة إلى مكتبك بعد فترة راحة تشبه عبور جسر بين ضفتين: ضفة الاسترخاء والفراغ وضفة المسؤولية والجد، ولتسهيل هذا العبور وضمان انطلاقته الموفقة إليك بعض الخطوات الرئيسية التي تساعدك في تحقيق انتقال سلس واستعادة مستوى إنتاجيتك المعتاد:
-
تعزيز الثقة بالنفس
دائمًا ما تبدأ الرحلة بالثقة بالنفس، فاستعدادك للعودة باستراتيجية محكمة يشعرك بالقوة والقدرة على تحقيق أهدافك اليومية، وتذكر أنك لست وحدك في هذا، فكل زملائك يمرون بالتجربة نفسها في بداية كل أسبوع جديد تقريبًا.
-
ضمان الإنتاجية
لا تترك مجالًا للفوضى يعوق انطلاقتك، بل خطط ليومك بدقة وحدد أولوياتك. خصص وقتًا لكل مهمة في عملك ورتبها بشكلٍ منطقي يُساعدك في التركيز والحفاظ على حافزك، وتذكر أن الإنتاجية تأتي من التنظيم والانضباط.
-
فتح باب التواصل
لا تخجل أبدًا من التواصل مع مديرك للحديث عن عودتك؛ فهذا التواصل يتيح لك معرفة أي تغييرات طرأت على مكان عملك خلال إجازتك، ويتيح لك الانسجام سريعًا مع مستجدات العمل، وتذكر أن التواصل مفتاح النجاح في أي بيئة عمل.
-
الحفاظ على موقف إيجابي
الاستعداد للعودة إلى العمل لا يقتصر على تنظيم المهام فحسب، بل يشمل أيضًا الحفاظ على موقف إيجابي يحفزك على العمل بنشاط وإبداع، وتذكر أن العمل جزء من حياتك، وأن إنجاز المزيد من المهام بكفاءة في عملك يشعرك بالسعادة.
نصائح لزيادة الإنتاجية
تُمثل العودة من العطلات إلى العمل تحديًا، لكن بفضل التخطيط الجيد والاستعداد المسبق يمكنك تحويل هذه العودة إلى رحلة إيجابية سلسة تؤدي إلى استعادة تركيزك وإنتاجيتك بفعالية.
-
تخفيف فوضى المكتب
في عالم تكنولوجي متقدم بامتياز لا تدع الأوراق تتراكم وتسيطر على مكتبك. إن بدء أسبوعك بمكتب نظيف يُساعدك بشكلٍ كبير في التركيز على المهام المطروحة دون الشعور بالإرهاق.
استفد من أدوات التعاون عبر الإنترنت لتوفير المساحة ومشاركة الموارد المهمة، ومع وجود موقع مركزي للملفات والمشاريع المهمة ستعرف بالضبط من أين تبدأ عند عودتك من الإجازة.
-
التزامن مع فريقك
قبل مغادرتك لقضاء إجازتِك من المفترض أن تكون شاركت خطة تغيبك عن العمل مع زملائك لتغطية مهامك أثناء غيابك، هذا بلا شك يسمح لك بالانفصال التام أثناء الإجازة، ويحررك من القلق عند عودتك من رحلتك؛ فستعرف بالضبط ما يجب عليك متابعته فيما يتعلق بكل جانب من جوانب دورك.
-
معالجة مهمة واحدة في كل مرة
حتى أكثر خطط التغطية نجاحًا لا يمكنها توقع كل موقف؛ لذلك قد تشعر بالإرهاق من المشكلات التي نشأت بالإضافة إلى اجتماعاتك المجدولة بانتظام. ابدأ بتدوين كل ما تحتاج إلى فعله، ثم صنف كومة أعمالك وأعطِ الأولوية للمهام حسب الموعد النهائي. لا تخف من طلب المساعدة، وادعُ فريقك للانضمام والمساعدة قدر استطاعتهم.
-
سحر الموسيقى لتعزيز الإنتاجية
أظهر مٌعظم الأبحاث الأوروبية أن الموسيقى لديها القدرة على تعزيز إنتاجية الفرد، بالطبع لا شيء يضاهي أغنيتك المفضلة لتحسين مزاجك وإعطائك الطاقة للتعامل مع قائمة المهام الخاصة بك، بالإضافة إلى إضفاء المتعة على كومة الأعمال التي تبدو شاقة.
-
ابتعاد ضروري لإعادة الشحن
لديك الكثير من المهام التي يتعين عليك أداؤها لكن آخر شيء تريده هو التضحية بوقت تجديد طاقتك، وفي إطار ذلك أثبتت دراسة أجراها باحثون في جامعة “هارفارد” الأمريكية أن تناول الغداء بعيدًا عن مكتبك يزيد من الطاقة والإنتاجية على مدار اليوم، وحينها سوف تشعر بالنشاط للعودة إلى العمل.
في النهاية يُمكن القول إن العودة إلى العمل بعد العطلات قد تكون رحلة صعبة لكنها ليست مستحيلة، وباتباع بعض النصائح التي قدمناها في هذا الطرح تستطيع التغلب على مشاعر التوتر والقلق وتحقيق انطلاقة ناجحة في عملك، وتذكر أن الاستعداد الجيد، والتنظيم، والتواصل، والموقف الإيجابي، كلها عوامل أساسية للحفاظ على إنتاجيتك وتحقيق المزيد من الأهداف في عملك.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
أفضل 10 أدوات لرواد الأعمال في 2024.. تمهّد طريقك نحو النجاح
أفضل وظائف العمل الحر للطلاب.. 5 مجالات تجلب لك المال
مبادئ إدارة الأعمال.. خريطة طريق نحو القمة