شغفها بالطعام والثقافة وريادة الأعمال قادها لترك وظيفتها الحكومية، وتسخير خبراتها الممتدة لـ 15 عامًا في القطاعين العام والخاص؛ لتؤسس “تكية”؛ أول مطعم يقدم الأكلات السعودية بطابعٍ معاصر؛ لتحافظ على تقديم التراث السعودي للعالم.. من خلال هذا الحوار نتعرف على تجربة هديل المطوع مع علامتها التجارية الوطنية…
- عملتِ بشركات عالمية ووظائف مرموقة في الجهاز الحكومي، فلماذا توجهت لريادة الأعمال؟
بعد تخرجي في كلية الحاسب الآلي جامعة الأمير سلطان، عملت بالقطاع الخاص في شركات عالمية؛ مثل: أوراكل ومايكروسوفت، وفي العام 2017م ومع رؤية 2030 التي أولت التحول الرقمي اهتمامًا كبيرًا، رُشحت للعمل الحكومي في وحدة التحول الرقمي للمساهمة في تسريع التحول الرقمي في القطاع الحكومي، فكنت جزءًا من الفريق الذي صنع النقلة النوعية بالقطاع الحكومي، وكنت محظوظة بالعمل مع وزارة التخطيط ووزارة الاتصالات.
وفي عام 2019م انتقلت لوزارة الاستثمار، وكان عملي يركز على استقطاب الشركات العالمية للتحول الرقمي غير الموجودة بالسعودية. ولأنني أهوى العمل الحر، ولدي شغف كبير بريادة الأعمال، أسست- وأنا أدرس بالجامعة في عام 2005م- مركز “جوسيه” للتجميل؛ أول مشاريعي، والذي استعد لإنشاء فرع آخر له قريبًا. ولعل هذا ما دفعني للاستقالة من الوظيفة في سبتمبر 2019م؛ إذ أدركت ضرورة التفرغ لمشروعي الجديد «تكية» لإيماني بأن «صاحب بالين كذاب» كما يُقال في المثل الشعبي.
الشغف بالطعام
- وكيف فكرتِ في مشروع «تكية»؟
بدأت الفكرة من شغفي بالطعام، التي بدأت وأنا ابنة الخامسة عشر عامًا، فكنت- أثناء سفري وفي كل مدينة أزورها- أبحث عن المطاعم التي تقدم أكلات شعبية تميز هذه المدينة، وأسأل الطهاة عن أسماء الأكلات وقصتها ومكوناتها وطريقة طبخها؛ إذ أعتبر الأكلات الشعبية جزءًا مهمًا من التراث الإنساني. وخلال ملاحظاتي، اكتشفت مدى نقص المعرفة لدى الشباب بالأكلات السعودية، في الوقت الذي تزيد لديهم المعرفة بالأكلات غير السعودية، فتولدت لدي فكرة تأسيس مطعم يقدم الأكلات الشعبية السعودية.
ولعدم توفر جميع الأكلات في الرياض، كان علي التنقل للمناطق والمدن السعودية وزيارة الأسر في البيوت؛ للتعرف على الأطعمة، وطريقة صنعها، وتذوقها، ليمكن نقلها لـ “تكية”.
مطعم سعودي
- نود التعرف على «تكية» وما يقدمه؟
“تكية”؛ مطعم سعودي افتتح في فبراير 2020م، يقدم وجبات سعودية من كل مناطق المملكة. وقد قسمنا خريطة المملكة إلى خمس مناطق رئيسة، واخترنا من كل منها أطباقًا شهيرة، نقدمها من خلال قائمة طعام، بطريقة مطورة وعصرية، تتماشى مع السوق العالمي.
الهدف الأساس من “تكية”؛ هو الحفاظ على الأكلات التراثية السعودية، وتوصيلها للأجيال القادمة، وتقديمها للعالم أيضًا كنوع من الثقافة المهمة كجزء من الثقافة والتراث العالمي؛ لذا راعينا في الديكورات أن تحاكي التراث السعودي، وكذلك زي العاملين، وطريقة تقديم الطعام؛ لجعل الزائر يعيش أجواء وتجربة سعودية تراثية متكاملة لجميع مناطق المملكة.
- ما النجاحات التي تحققت حتى الآن؟
لقد ظهر النجاح بفضل الله تعالى، قبل الافتتاح الرسمي؛ حيث شاركنا في تقديم بوفيه حفل افتتاح وضع حجر الأساس لمشروع الدرعية بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- ، وقبلها شاركنا في حفل لوزارة السياحة. وفي نفس الوقت، أنشأنا مطعمًا مؤقتًا لمدة 5 أسابيع في الدرعية، وشاركنا في مهرجان إثراء لليوم الوطني بمركز إثراء بالظهران لمدة 5 أيام.
- ما أهم التحديات التي واجهتها في تنفيذ المشروع؟
التحديات موجودة وستستمر؛ فهي جزء من النجاح؛ لأن التحدي يدفعك لتقديم أفضل ما عندك. وأنا سعيدة جدًا بمستوى السوق السعودي في قطاع المطاعم، وتعدد وتنوع العلامات التجارية، فإذا قارنا مستوى السوق اليوم بخمس سنوات مضت، سنجد فارقًا كبيرًا، فالتحديات نلمسها يوميًا، لكن علينا أن نجدد باستمرار، ونطور المنتج، ونقف على أذواق ورغبات العملاء؛ لنكون على مستوى المنافسة.
- ما المزايا التي تقدمونها؟
نحن كفريق «تكية» لا ننظر للعميل الذي يدخل المطعم بأنه جاء ليأكل وجبة غداء أو وجبة عشاء، بل نجعله يعيش تجربة جديدة تبدأ منذ تفكيره في المجيء للمطعم، ولماذا اخترنا بالذات، وطريقة الترحيب، والأجواء، وطريقة التقديم، وشكل الأطباق. إننا نحاول إمتاع كافة الحواس: الرائحة، الطعم، الديكورات، طريقة تقديم الطعام؛ إنها تجربة متكاملة، نجتهد لتنال رضا عملائنا.
- تهتمين جدًا بالمسؤولية الاجتماعية، فما أهمية ذلك؟
المسؤولية الاجتماعية ليست جديدة علينا، بل هي جزء من تعاليم وتوجيهات الإسلام، ويجب أن نكون جميعًا كيانًا واحدًا، الكل يدعم الكل؛ فذلك واجب على كل فرد منّا؛ فمن ليس فيه خير لمجتمعه ووطنه، لاخير فيه لنفسه، فدعم الحرف السعودية والتراث السعودي واجب كل مواطن، وواجبنا أن نظهر فخرنا بهذا التراث وهذه الحرف؛ لذا استضفنا بدورنا عشاء جمعية “حرفة”، التي تقوم بدور كبير – بقيادة سمو الأميرة نورة بنت محمد- في الحفاظ على التراث السعودي ودعم الحرفيين.
- هل تنوين منح فرنشايز؟
بالتأكيد؛ فتلك خطوة ستأتي لاحقًا بعد نضوج تجربة «تكية» بشكلٍ كامل ومطمئن، فلدينا خطط للتوسع تحت الدراسة؛ للتواجد داخل وخارج المملكة؛ كون التوسع خارج الحدود هامًا جدًا؛ فالهدف من تأسيس العلامة التجارية، وتصميمنا لقائمة الطعام «المنيو» هو تقديم الثقافة السعودية في الطعام للآخر من خلال الأكلات السعودية التراثية من جميع أنحاء السعودية.
وبالنسبة للفرنشايز المحلي، سنبدأ فيه، لكن بحذر، خاصةً وأن «تكية» ليس مشروعًا تجاريًا فقط، ولكنه أيضًا مشروع ثقافي تقوم رسالته هي الحفاظ على الهوية السعودية والتراث؛ لأننا كثيرًا ما نرى المطاعم تخلط في «المنيو» أكلات سعودية وأكلات وافدة؛ وهو ما يتعارض مع رسالة «تكية». لذلك؛ لدينا إشراف ومتابعة قوية؛ للتأكد من سير المشروع، وفق أهدافه، والعمل وفق سياستنا، وليس بمنأى عنها.
- بم تنصحين الراغبين في تأسيس علامة تجارية في مجال المطاعم؟
المطعم عبارة عن هوية كاملة، ورسالة؛ لذا أنصح الشباب بما يلي:
- ابدأ صغيرًا، واكبر خطوة خطوة، واربط نمو المشروع بنمو معرفتك وخبراتك في مجالك.
- ابحث جيدًا، وضع دراسة جدوى متكاملة للمشروع.
- اسأل أهل الخبرة؛ لتحصل على المعرفة والخبرات في مجالك.
- اطلع على تجارب المطاعم العالمية، وتأمل في نقاط القوة والضعف فيها، واعرف أسباب النجاح، وقم بالبناء عليها.
- اعرف الالتزامات التنظيمية والإدارية والمالية تجاه الأطراف الأخرى.
- تعتمد إدارة المطعم على محورين:
- إدارة المطبخ: وتشمل الجرد، وإدارة الوصفات، وكيفية تسويتها، وطهي الأكل وتقديمه في وقت قياسي.
- إدارة تقديم الطعام: استقبال الضيف وجلوسه، وعرض «المنيو»، وتقديم الطعام دون تأخير.
الاثنان مختلفان، لكنهما أمام الضيف شكل واحد؛ لذا يجب أن يكون هناك تناغم وتكامل بينهما.
- ما أهم الدروس المستفادة من أزمة جائحة كورونا؟
الاستدامة لله سبحانه وتعالى، أولًا وآخرًا، مع ضرورة وجود إدارة للمخاطر وعمل خطط لإدارة الأزمات، مع الاحتفاظ بمدخرات من 10% إلى 20 % من الأرباح، لا يتم الاقتراب منها إلا وقت الضرورة.
اقرأ أيضًا:
مصممة العباءات نوف السديري: لمستي للعباءة تمنحها بعدًا تراثيًا وجماليًا وتضفي عليها الهوية السعودية
أحمد الشمري مؤسس THE PAGE CAFÉ: المخاطرة والمثابرة والإصرار أهم أسس ريادة الأعمال
أسامة الرميان: نطلق قريبًا مسابقة دولية لكمال الأجسام بمشاركة أبطال العالم