تكمن أهمية هرم كارول للمسؤولية الاجتماعية في أنه يرسم أمام صانع السياسة في المؤسسة الصورة العامة، ويحدد له المسارات التي يتوجب عليه السير وفقًا لها، ليس هذا فقط بل إنه يضع كل الأبعاد -التي سنأتي على ذكرها بعد قليل- بعين الاعتبار ويهدف إلى العمل عليها بشكل متوازٍ.
غالبًا ما يكون تخطيط استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للشركات عملًا صعبًا للغاية؛ حيث يتضمن جمع المقاييس من جميع أنحاء المنظمة، وتحليل سلاسل التوريد، واكتساب مدخلات من أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين. ناهيك عن الاختيار بين الأولويات المتضاربة وفرص الاستثمار، هنا أيضًا تكمن أهمية هرم كارول للمسؤولية الاجتماعية.
يسعى هذا التصور النظري، الذي يقدمه أرشي كارول؛ إلى النجاح في جميع جوانب المسؤولية الاجتماعية، هذا يعني أن النجاح في مجال أو مجالين لا يكفي.
من الواضح أن الوفاء بمسؤولياتك الاقتصادية مع إغفال مسؤولياتك القانونية، أو العكس، يشير إلى أن مؤسستك سوف تواجه صعوبات عاجلًا أم آجلًا. قد يعني هذا أن المسؤوليات الأخلاقية والخيرية تعتبر اختيارية لكن تحقيقها يمكن أن يوفر عددًا من الفوائد.
هرم كارول للمسؤولية الاجتماعية
ونوضح في «رواد الأعمال» ماهية هرم كاورل للمسؤولية الاجتماعية، وذلك على النحو التالي..
هرم المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) الذي وضعه أرشي كارول هو نموذج يستخدم بشكل متزايد لتحديد أنماط ونماذج الأعمال فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للشركات.
يتلخص نجاح هرم كارول في بساطة النموذج؛ إذ يعطي هذا النموذج الهيكل التنظيمي الذي تحتاجه المؤسسات لتلبية المتطلبات الاقتصادية والقانونية والأخلاقية والخيرية للأعمال.
إن أساس ما نعتبره التعريف الحديث للمسؤولية الاجتماعية للشركات متجذر في هرم كارول للمسؤولية الاجتماعية للشركات. ففيه يضم النشاط التجاري أربعة أنواع من المسؤوليات، وهي كالتالي: المسؤولية الاقتصادية، القانونية، الخيرية، الأخلاقية.
بالطبع خضع هرم كارول لكثير من المراجعات والتعديلات، ومع ذلك لا يزال أحد أهم النماذج النظرية في هذا المجال.
وهو يصنف أهمية كل بُعد من أبعاد المسؤولية الاجتماعية للشركات؛ فوفقًا لكارول: المسؤوليات الاقتصادية هي الأكثر أهمية للأعمال التجارية. بعد ذلك تأتي المسؤوليات القانونية والأخلاقية. وتعتبر المسؤوليات الخيرية الأقل أهمية.
اقرأ أيضًا: مجالات المسؤولية الاجتماعية.. منهج جديد للتصنيف
نجاة المؤسسة والنظرة متعددة الأبعاد
للبقاء على قيد الحياة يجب على كل عمل تجاري تحقيق ربح والوفاء بمسؤولياته القانونية. لكن ما تفعله بهذه الأرباح والقيم العليا التي تظهرها لموظفيها وعملائها ومجتمعها وسوقها سوف يختلف اختلافًا هائلًا.
ووفقًا للبروفيسور أرشي كارول فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات لا يمكن أن تصبح حقيقة واقعة إلا إذا أصبح المديرون أخلاقيين، كما لا يكفي مجرد التركيز على مجال واحد من العمل.
يجب أن تشمل المسؤولية الاجتماعية للشركات جميع الأنشطة والعمليات والأهداف التنظيمية. لمساعدة المؤسسات في توضيح مسؤولياتها صمم كارول نموذجًا يُعرف باسم “هرم المسؤولية الاجتماعية للشركات”، والذي يوضح التسلسل الهرمي لمسؤوليات المنظمة. وأكد أنه فقط من خلال تنفيذ كل هذه المسؤوليات معًا يمكن تحقيق المسؤولية الاجتماعية للشركات بشكل فعال.
اقرأ أيضًا: الحوكمة البيئية.. التعريف والمبادئ العامة
عوائق وتحديات
يعد التعامل مع المسؤوليات الأربع التي يغطيها هرم كارول في وقت واحد هو التحدي الأكبر؛ إذ إن المبادئ الأخلاقية قد تتعارض أحيانًا مع الأولويات الاقتصادية لمنظمتك.
ويمكن أيضًا أن يستهلك الاستثمار في المسؤولية الاجتماعية للشركات الموارد، بل يحوّل تركيزك بعيدًا عن أنشطتك الأساسية. قد تكون شركة كبرى قادرة على تخصيص ميزانية، وحتى فريق متخصص، لأنشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات الخاصة بها. لكن منظمة أصغر لن تتمتع بهذه الرفاهية.
اقرأ أيضًا:
تنافسية الشركة.. عناصرها وتأثرها بالمسؤولية الاجتماعية
سمعة الشركات.. الباب الخلفي لنجاح رواد الأعمال
البيئة النظيفة وحدود المسؤولية الاجتماعية
المأمول من المسؤولية الاجتماعية.. رد على كوارث عولمية
استدامة المسؤولية الاجتماعية.. الفكر المركب وفهم الغايات



