تُعرّف الشركات العائلية بأنها الشركة المملوكة لأسرة واحدة ويمارس العمل بها فرد أو أكثر من أفراد تلك الأسرة، ويملكون كذلك حق اتخاذ القرار بشكل أو بآخر؛ أي أن الشركة العائلية تملك وتُدار في الوقت نفسه من قِبل العائلة، سواء المؤسس نفسه أو الجيل الأول أو الثاني حسب امتداد المدة الزمنية لتلك الشركة.
الشركات العائلية المساهم الأكبر في الناتج المحلي
بحسب المركز الوطني للمنشآت العائلية فإن الشركات العائلية تساهم بنسبة 66% من النتاج المحلي على مستوى القطاع وعددها ما يناهز 540 شركة تمثل ما نسبته 63% من حجم منشآت القطاع الخاص بالمملكة، كما تستحوذ على ما نسبته 12% من الناتج الوطني الإجمالي للمملكة ( قرابة 220 مليار دولار) كما توظف تلك الشركات ما نسبته 76% من حجم القوى العاملة بالمملكة؛ أي ما يقارب 270 ألف موظف وموظفة .
لماذا تُعد الشركات العائلية مهمة؟
يمكننا تقسيم الشركات العائلية إلى صنفين أساسيين؛ الصنف الأول: الشركات العائلية الكبيرة والتي سبق أن تحولت إلى شركات مساهمة مقفلة أو مدرجة في سوق الأسهم السعودي، وهي بالتالي تخضع لمعايير حوكمة ومعايير هيئة سوق المال.
وما يهمنا هنا هو الصنف الثاني: الشركات العائلية التي ما زالت لم تتحول لمساهمة مقفلة، كشركة الفرد الواحد أو ذات المسؤولية المحدودة وما إلى ذلك من أنواع الشركات القانونية، فتلك الشركات ما زالت تُدار من قِبل المالك الأول أو أحد أبنائه، وبالتالي فهي معرضة لمواجهة العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى انهيارها أو إفلاسها، وسوف نستعرض أهم تلك المخاطر:
أولًا: وفاة المالك المؤسس أو الشخص الذي يدير المؤسسة من العائلة بعد المؤسس الأول (الابن الأكبر مثلًا) ففي تلك الحالة قد تتعرض الشركة لأزمة داخلية في حالة اختلاف الأبناء أو عدم اتفاقهم على تولي أحد الإخوة الإدارة، وقد يكون حلها الأنسب هو تسليم الإدارة التنفيذية للشركة لمدير من خارج الأسرة تقع على عاتقه إدارة الشركة وتحقيق أهدافها لحين اتفاق الورثة على نسبهم وحصصهم، ومن ثم النظر في تعيين الأنسب منهم حسب الحاجة الوظيفية للعمل وليس لكونه من أبناء مؤسس الشركة، وذلك بناء على ما يحدده مجلس الإدارة وبموافقة المدير المعين للشركة.
ولا بد من التفريق ما بين مجلس الإدارة للشركة وبين مجلس الاجتماع الأسري، فيجب أن تتم مراعاة مصلحة الكيان أو الشركة واستمرارها وليس تفضيل أحد الأبناء على الكيان.
ثانيًا: عدم وجود التخطيط الاستراتيجي؛ لأن الحاجة للابتكار والتجديد شيء أساسي في ظل السوق المفتوح عالميًا، فهناك نظرة غير واقعية بدرجة كبيرة لدى الكثير من أصحاب الشركات العائلية، وهي أن نجاح الشركة العائلية مرهون باسم هذه العائلة المالكة والمؤسسة لها؛ أي أن قواعد السوق لا تشملها وهذه بكل تأكيد نظرة مجانبة للصواب، فالمنافسة في الغالب شرسة بالأسواق المفتوحة، كما أن أزمة وباء كورونا قد عصفت بالكثير من الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SME) بل حتى الكبرى منها، وبالتالي فإن الشركات العائلية هي جزء كبير من مكون السوق وينطبق عليها ما ينطبق على الشركات والمؤسسات الأخرى؛ لذا لا بد من أن تكون لديها خطة استراتيجية للسنوات المقبلة شاملة لأنشطة الشركة وإدارتها كذلك؛ أي هل ستبقى الشركة تحت إدارة أبناء الأسرة أم سيتم تحويلها إلى شركة مساهمة مقفلة والاستعانة بإدارة تنفيذية؟
وقد أشارت دراسة حديثة إلى أن قرابة 39% من الشركات العائلية يديرها الجيل الثاني من الأبناء بينما 13% فقط يديرها الجيل الثالث منهم، وفقط 3% من الشركات العائلية تُدار من قِبل الجيل الرابع، فمن أبرز أسباب فشل الشركات العائلية عدم تأهيل الورثة ومناسبة خبراتهم وقدراتهم للمنصب الذي سيتقلدونه.
ثالثًا: لا بد من وجود أو العمل على ميثاق داخلي للشركة العائلية، فقد قدمت وزارة التجارة ميثاقًا استرشاديًا للشركات العائلية يساعد في ضمان استمراريتها، وشمل ثلاثة عناصر أساسية وهي: تنظيم عمل أعضاء العائلة في الجهاز التنفيذي، وتوضيح سياسة توزيع الأرباح، وآلية تصرف المساهم في أسهمه وكيفية تخارج المساهمين لتلافي النزاعات.
إن وجود ذلك الميثاق الملزم لكل أعضاء الأسرة أصحاب الأسهم بالشركة سيكون حجر الأساس لتلافي الانقسامات والاختلافات والصراعات التي قد تحدث مستقبلًا من ناحية الملكية والإدارة بين الورثة.
ويمكننا القول إن العمل من قِبل أصحاب تلك الشركات العائلية، والتي تمثل النسبة الأكبر من الشركات العاملة بالسوق في المملكة، على تلافي مثل هذه العوامل التي تشكل أكبر المخاطر عليها سيكون له كبير الأثر _بعد توفيق الله_ في ضمان استمرارية وقدرة تلك الشركات على البقاء والمنافسة عامًا بعد آخر وجيلًا عقب جيل.
اقرأ أيضًا:
- مغامرة التمويل العقاري.. أمور يجب التفكير فيها قبل الحصول عليه
- كيف تقنع المستثمر بتمويل مشروعك؟
- كيف يمكن أن تنقذ القروض أصحاب الأعمال؟
- إدراج الشركات في البورصة.. الخطوات والمكاسب
- أشهر الكتب عن التمويل.. الطريق لحياة أكثر اقتصادًا