كان للعام 2020 آثار واسعة وعميقة أدت لتغييرات ضخمة في المجتمع والاقتصاد العالمي؛ إذ يبدو أن كل قطاع وصناعة في العالم، قد شهدا انقلابًا بشكل أو بآخر؛ ما أحدث نقلة كبيرة، غيّرت مسار الشركات الكبيرة والصغيرة والناشئة على حد سواء، كما شهدت وتيرة التحول الرقمي تغيرات ضخمة عند مقارنتها بأي عام مضى.
في ظل جائحة كوفيد-19، رأينا كثيرًا من التحولات التقنية تتم بسرعة مذهلة، سواء تلك التي تدعم التحول الرقمي للأعمال والاتصال من خلال تقنيات الجيل الخامس، أو التي تدعم تطورات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزّز، أو زيادة الاعتماد على الأتمتة الرقمية؛ لتمكين سير الأعمال بسلاسة في أوقات الأزمة.
وفي الغالب، هناك ميل للتركيز على المخاطر المترتبة على التغيير الرقمي الواسع، مع تجاهل المكوّن العاطفي المرتبط بالتحولات التي فرضتها الجائحة العالمية، أما بالنسبة لي، فهي الأزمة التي يعيشها رواد الأعمال والشركات الصغيرة في المنطقة، وحاجتهم لتمكين أنفسهم.
لقد اضطر رواد الأعمال والمشاريع متناهية الصغر في أوائل العام الحالي إلى تغيير نهج أعمالهم التقليدي في غضون أسابيع معدودة لتنتقل إلى العالم الرقمي؛ فكان عليهم الانتقال من التعامل التقليدي وجهًا لوجه والتواصل المادي ونموذج البيع الشخصي، إلى التواصل والتعامل عبر الإنترنت، ليس كمستهلكين، بل كأصحاب أعمال.
ولا شك في أن الكثيرين يدركون قيمة التقنيات الرقمية، وكانوا يخططون أصلًا للانتقال إليها قريبًا، لكن الأمر أصبح ضرورة ملحّة بين ليلة وضحاها؛ حيث يكمن التحدي الفعلي.
وهنا أيضًا، يأتي دور العلامات التجارية، التي بوسعها لعب دور بالغ الأهمية؛ بفهم احتياجات الشركات الصغيرة، والبحث عن طرق تمكينها؛ من خلال منحهم أدوات وحلول تساعدهم في مسيرة التحول الرقمي؛ إذ تقدم الشركات المتخصصة في هذا المجال، التوجيه المهني؛ عبر تقديم الأدوات اللازمة، أو النصائح العملية، والدعم المستمر؛ لتحويل التسويق إلى القنوات الرقمية، ودمج مرئيات التواصل الاجتماعي للحصول على أكبر نطاق للرؤية.
وقد شهد التسوق عبر الإنترنت في المنطقة، ازدياد مضطرد لعدد المستهلكين؛ إذ تظهر دراسات جرت في الولايات المتحدة الأمريكية أن الجائحة العالمية سرَّعت من الانتقال من التسوق العادي إلى التسوق الرقمي، بما يعادل خمس سنوات تقريبًا؛ حيث دفعت الجائحة الشركات للانتقال السريع إلى القنوات الرقمية؛ كالتجارة الإلكترونية، لدعم حركة التسوق، والبيع عبر الإنترنت، حفاظًا على التنافسية.
صحيح أن اتخاذ القرار حول المنتجات المناسبة للاستثمار فيها بشكل يساعد الشركات على تلبية طلب الأسواق، قد يبطئ من عملية التحول الرقمي، مع أهمية مواكبة تطور تقنيات التجارة الإلكترونية والأساليب الجديدة لممارسة الأعمال، إلا أنَّ ذلك لا يعني بالضرورة بطء التحول؛ فهناك أدوات جاهزة متاحة عبر الإنترنت تساعد في إنشاء متجر إلكتروني بسهولة وتكلفة منخفضة.
هناك قصص نجاح ملهمة خلال هذه الفترة، تدفع شباب رواد الأعمال لإطلاق مشروعاتهم الصغيرة؛ فكثير من الشركات الناشئة- التي تحولت للتجارة الإلكترونية والتوصيل للمنازل خلال فترة الجائحة- أصبح بوسعها مساعدة غيرها؛ من خلال رواية قصص نجاحها.
ويعدّ النقل من القطاعات التي تأثرت بالجائحة بشكل هائل، لكنَّ هناك من تمكن من التحرك بشكل استراتيجي وازدهر في هذه الفترة الصعبة؛ مثل شركة رابيت؛ مزود المواصلات الصديقة للبيئة، التي اضطرت في مارس الماضي إلى وقف خدماتها لتأجير دراجات السكوتر، على الرغم من عدم ممانعة عملائها في استخدام السكوتر، إلا أن الشركة درست أفكارًا جديدة تحافظ على استمرار عملها؛ بتوصيل دراجات السكوتر إلى العملاء، باستراتيجية جديدة في شهري أبريل ومايو؛ أدت إلى نمو أعمالها في يونيو بنسبة 100 % في إيراداتها الشهرية.
هناك مبادرات جيدة لدعم رواد الأعمال؛ لتنمية أعمالهم عبر الإنترنت؛ مثل مبادرة “Open We Stand” التي تقدم نصائح لمساعدة الشركات في مواصلة عملها خلال فترة الجائحة؛ من خلال مواضيع عديدة؛ مثل التواصل مع العملاء، والتكيف مع التباعد الاجتماعي، وجمع الأموال، علاوة على موارد خارجية مفيدة للشركات.
ينبغي على الشركات تعزيز هويتها، وتواجد علامتها التجارية عبر الإنترنت؛ لصقل محتوى مواقعها الإلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي وغيرها؛ فذلك بمثابة واجهة افتراضية لمتاجرها لمواصلة تزويد العملاء بأحدث التطورات وتعزيز اهتمامهم بمساعدة الأعمال على النمو، مع ضرورة تحقيق التكامل بين تلك العناصر، سواء من حيث زيادة التدفق والحركة، أو المظهر والمحتوى؛ وذلك من خلال هذه النصائح:
- يساعد الظهور عبر الإنترنت العلامة التجارية على بناء جسور التواصل والثقة مع العملاء؛ فميّز نفسك عن منافسيك، واظهر بمظهر مهني واحترافي يجذب العملاء إليك، ويساعدك في تنمية أعمالك.
- فيما يتعلق بالتواصل، حافظ على استدامة التفاعل الرقمي الجيد، واحرص على تعريف زوار الموقع الإلكتروني بجودة منتجاتك أو خدماتك؛ بالتواصل معهم باستمرار.
- سهِّل على عملائك إيجاد موقعك الإلكتروني وتصفّحه، وبساطة خطوات التسوق الإلكتروني -خاصة خيارات الدفع والاستفادة من العروض-، مع التواصل الفعال بعد الشراء.
اقرأ أيضًا:
مخاطر التحول الرقمي.. البيانات على المحك
التحول الرقمي وريادة الأعمال.. التأثير والتأثر
أنظمة المبردات الذكية السحابية ودعم التحول الرقمي