تعد الثقة بالنفس أحد أهم مقومات نجاح الأشخاص والشركات على حد سواء، كما أنها تعكس القدرة على توظيف الإمكانات والمهارات لتحقيق الأهداف وإنجاز المهام مهما بدت صعبة، لكن عندما تتحول الثقة الزائدة إلى غرور فإنها ستؤدي إلى التراخي وعدم بذل المزيد من الجهد ومن ثم الفشل الحتمي وغير المتوقع، وهذا ما حدث بالفعل مع كبرى شركات صناعة القهوة الأمريكية “ستاربكس” داخل سوق أستراليا.
عدم بذل الجهد
بعد أن حققت شركة ستاربكس نجاحًا منقطع النظير في الولايات المتحدة الأمريكية قررت إدارة الشركة اقتحام السوق الاسترالي في عام 2000، لكنها لم تجرِ دراسات وأبحاث مفصلة حول طبيعة السوق الاسترالي، مثل: تفضيلات العملاء والأسعار المناسبة وغيرها؛ ما أدى إلى ارتكاب أخطاء فادحة.
لقد اتبعت إدارة الشركة نفس نموذج الأعمال المتبع في الولايات المتحدة الأمريكية، مقدمة أكواب القهوة الكبيرة المعتادة بينما كان يفضل المستهلك الأسترالي احتساء القهوة في أكواب صغيرة.
من ناحية أخرى لم تعدل ستاربكس من مذاقات القهوة المقدمة وفقًا للذوق العام للشعب الأسترالي، والذي لا يفضل النكهات ذات المستوى العالي من السكر؛ ما أدى إلى عزوف المستهلكين المحليين عن المنتج المقدم.
وعلى صعيد خطة التسعير فقد اتبعت الشركة الخطة نفسها الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية دون أدنى دراسة للسوق، نتيجة لذلك كات أسعار المشروبات مرتفعة بالنسبة للمواطن الاسترالي، مقارنة بالمقهى المفضل لدى شعب استراليا Gloria Jeans coffee.
أخيرًا لم يكن الشكل الخارجي لفروع “ستاربكس” وقائمة المشروبات لديه تعكس ثقافة المجتمع الأسترالي؛ ما ساهم في الشعور بالاغتراب ووجود فجوة بين مقدمي القهوة والمستهلكين.
الانتشار السريع
قبل اختبار النتائج ومدى تأثير الأفرع الأولى في السوق الاسترالية سارعت إدارة الشركة بافتتاح عشرات الأفرع خلال مدة زمنية صغيرة للغاية، وهو ما تسبب في صرف الكثير من الموارد المالية التي تمت خسارتها لاحقًا.
خسائر فادحة
أدت السياسات الخاطئة للشركة إلى إغلاق 61 فرعًا من أصل 87 في عام 2008؛ أي بعد 8 سنوات فقط من تاريخ افتتاح الفرع الأول؛ لتعلن الشركة عن فشلها الذريع داخل أستراليا.
عوامل خارجية
تعد الأزمة المالية التي وقعت عام 2008 أحد العوامل أيضًا التي أسهمت في مضاعفة خسائر العديد من الشركات في مختلف الدول؛ ومن بينها شركة “ستاربكس” في أستراليا.
الدروس المستفادة
تتضمن قصة فشل “ستاربكس” في استراليا العديد من الدروس المستفادة؛ وعلى رأسها:
- أهمية التمهل وعدم التسرع في اتخاذ القرارات.
- ضرورة بذل الجهود المستمرة وإجراء دراسات تحليلة دقيقة قبل اتخاذ أي خطوة، مهما بدت صغيرة.
- عدم الاعتماد على النجاحات السابقة؛ نظرًا لأن البيئات الخارجية والعوامل الزمنية تؤثر بشكل كبير في تغيير الخطط والاستراتيجيات؛ لذلك فإن اعتقاد “ستاربكس” بأن نجاحها المسبق سيكون عاملًا كافيًا للنجاح في بيئات خارجية مختلفة تمامًا كان خطأً محوريًا منذ البداية.
اقرأ أيضًا:
أسباب فشل الشركات العائلية.. 4 عقبات أساسية
كيف تبدأ مجددًا بعد فشل مشروعك الأول؟
أسباب فشل المشاريع التقنية.. جذور المشكلة
قصص نجاح بعد فشل.. أبطال عبروا هاوية الإخفاق
ما لا تعرفه عن الشركات الناشئة.. ستعمل في الظل كثيرًا والفشل وارد!