لعله من المناسب الآن أن نتحدث عن تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط، لا سيما بعد زيارة شي جين بينغ؛ رئيس جمهورية الصين الشعبية، إلى المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 7 – 9 ديسمبر عام 2022م، وذلك بناءً على دعوة دعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود؛ ملك المملكة العربية السعودية.
ولئن كانت هذه الزيارة وضعت العلاقات الصينية السعودية على رأس الأحداث إلا أن تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط ذو أبعاد شتى، خاصة أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل، خلال 2021، إلى 87.3 مليار دولار.
كما سجلت الصادرات الصينية حوالي 30.3 مليار دولار، في حين سجلت واردت الصين من المملكة حوالي 57 مليار دولار.
تعد السعودية، حسب بيانات الجمارك الصينية، أكبر مورد للنفط إلى للصين، كما تقدم السعودية حوالي 18% من إجمالي مشتريات الصين من النفط الخام. وبلغ إجمالي الواردات 73.54 مليون طن، بما يعادل 1.77 مليون برميل في اليوم، وذلك في الأشهر العشرة الأولى من 2022، بقيمة 55.5 مليار دولار.
وخلال 2021 سجلت واردات النفط حوالي 87.56 مليون طن بقيمة 43.9 مليار دولار، وتمثل هذه الواردات حوالي77% من إجمالي واردات الصين السلعية من السعودية.
اقرأ أيضًا: قمة «رايز أب» في الرياض.. الحدث الأكبر لريادة الأعمال بالشرق الأوسط
اتفاقيات ومذكرات تفاهم
منطقي أيضًا أن نتحدث عن تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط خاصة في ظل حجم ومستوى التعاون والاتفاقيات التي تبرم بشكل مستمر بين البلدين.
فخلال هذه الزيارة الأخيرة فقط تم توقيع (12) اتفاقية ومذكرة تفاهم حكومية للتعاون في مجالات الطاقة الهيدروجينية، والقضاء، وتعليم اللغة الصينية، والإسكان، والاستثمار المباشر، والإذاعة والتلفزيون، والاقتصاد الرقمي، والتنمية الاقتصادية، والتقييس، والتغطية الإخبارية، والإدارة الضريبية، ومكافحة الفساد.
بالإضافة إلى توقيع (9) اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين القطاعين الحكومي والخاص، وتوقيع (25) اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الشركات في البلدين.
وفي سياق قريب من هذا، وبالتوازي مع الحديث عن تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط، أعلنت شركة أرامكو السعودية ومجموعة شاندونغ للطاقة عن استكشاف فرص للتعاون في مجال التكرير والبتروكيميائيات المتكاملة في الصين.
ووقعت الشركتان مذكرة تفاهم تتضمن اتفاقية محتملة لتوريد النفط الخام، واتفاقية شراء منتجات كيميائية، لدعم دور أرامكو السعودية في بناء قطاع مزدهر للتكرير والبتروكيميائيات في مقاطعة شاندونغ الصينية.
وأكد الموقعون، خلال الحفل الذي تم تنظيمه بمشاركة الحكومة الشعبية لمقاطعة شاندونغ، أهمية تعاون أرامكو السعودية مع الشركات الصينية.
ويمتد نطاق مذكرة التفاهم ليشمل التعاون عبر التقنيات المتعلقة بالهيدروجين، ومصادر الطاقة المتجددة، واحتجاز الكربون وتخزينه.
تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط
هنا بالضبط نكون دخلنا إلى عمق موضوع تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط؛ فخلال زيارة الرئيس الصيني للمملكة أكد الجانبان أن تعزيز تعاونهما في هذا المجال يعد شراكة استراتيجية مهمة.
ونوه الجانبان بحجم التجارة النفطية بينهما وأسس التعاون الجيدة؛ لما تتميز به المملكة من موارد نفطية وافرة، وما تتميز به الصين من سوق واسعة، وأشارا إلى أن تطوير وتوطيد التعاون بينهما في مجال النفط يتفق مع المصالح المشتركة للجانبين، وأكدا أهمية استقرار أسواق البترول العالمية. ورحبت جمهورية الصين الشعبية بدور المملكة في دعم توازن واستقرار أسواق البترول العالمية، وكمصدّر رئيسي موثوق للبترول الخام إلى الصين.
واتفق الجانبان -وهنا يتجلى أيضًا تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط- على بحث الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاع البتروكيماويات وتطوير المشاريع الواعدة في تقنيات تحويل البترول إلى بتروكيماويات، وتعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات والمشاريع؛ ومنها: الكهرباء، والطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة وتطوير المشروعات ذات العلاقة، والاستخدامات المبتكرة للموارد الهيدروكربونية، وكفاءة الطاقة، وتوطين مكونات قطاع الطاقة وسلاسل الإمداد المرتبطة بها، وتعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والتعاون في تطوير التقنيات الحديثة مثل: الذكاء الاصطناعي والابتكار في قطاع الطاقة.
اقرأ أيضًا: المنتدى الدولي للأمن السيبراني.. استكشاف مستقبل القطاع
رؤية 2030 ومبادرة الحزام والطريق
ولئن كنا نتحدث عن تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط فإن الأمر لا يقتصر على هذا الجانب فحسب، وإنما يجري التنسيق والتعاون في مجالات أشمل وأوسع.
فخلال الزيارة الأخيرة تلك تم توقيع “خطة المواءمة” بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة الحزام والطريق، واتفق الجانبان على أهمية تسريع وتيرة المواءمة بين مشاريعهما في البلدين، وتوظيف المزايا المتكاملة، وتعميق التعاون العملي بين الجانبين بما يحقق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة.
كما شدد الجانبان السعودي والصيني على أهمية تعميق التعاون المشترك في مبادرات “الحزام والطريق”، ورحبا بانضمام المؤسسات السعودية المعنية إلى شراكة الطاقة والاستثمارات المختلفة في إطار “الحزام والطريق”، وتعزيز موقع المملكة كمركز إقليمي للشركات الصينية لإنتاج وتصدير منتجات قطاع الطاقة.
بالإضافة إلى الاستثمار المشترك في مشاريع الطاقة في دول المنطقة والدول المستهلكة لمنتجات الطاقة في أوروبا وإفريقيا، بما يسهم في تطوير المحتوى المحلي السعودي، ويحقق للصين الاكتفاء الذاتي في قطاع البتروكيماويات من خلال استثماراتها ذات الصلة في المملكة. كل هذه أمور يمكن إدراجها ضمن تأثير التعاون الصيني السعودي في النفط، ولا شك أن هذا التأثير له أبعاد وتأثيرات في مجالات أخرى غير النفط.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
تأثير ريادة الأعمال في الاقتصاد السعودي
نظام المعالجات التجارية في التجارة الدولية.. المهام والأهداف
ضمن مشاركتها بمعرض بيزنكس.. الجوهرة العطيشان: المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي قاطرة تنمية الاقتصاد
إنجازات المملكة في 2022.. استمرار مسيرة التطوير والتنمية
معهد ريادة الأعمال الوطني.. جهود حثيثة لنشر ثقافة العمل الحر