يترافق نمو اقتصاد الفضاء وتطوره مع التطور والتحول العميق لقطاع الفضاء وزيادة اندماجه في المجتمع والاقتصاد على حد سواء، لا سيما أن البنية التحتية الفضائية المنتشرة تجعل تطوير خدمات جديدة مسألة ممكنة، والتي بدورها تتيح تطبيقات جديدة، في قطاعات مثل الأرصاد الجوية والطاقة والاتصالات والتأمين والنقل والبحرية والطيران والتنمية الحضرية؛ ما يؤدي إلى فوائد اقتصادية ومجتمعية إضافية.
لا يعتبر قطاع الفضاء قطاعًا مكرسًا للنمو في حد ذاته فحسب، بل هو عامل مساعد حيوي للنمو في القطاعات الأخرى. وقد دفعت هذه الديناميكيات بعض المحللين إلى إعلان أن صناعة الفضاء يمكن أن تصبح صناعة المستقبل، والتي ستبلغ قيمتها تريليون دولار بحلول عام 2040.
اقرأ أيضًا: الشركات القابلة للتطوير.. هل شركتك من بينها؟
ما هو اقتصاد الفضاء؟
تعرّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) اقتصاد الفضاء بأنه النطاق الكامل للأنشطة واستخدام الموارد التي تولّد قيمة وفوائد للبشر في سياق استكشاف الفضاء والبحث فيه وفهمه وإدارته واستخدامه.
وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إن نشر بنية تحتية فضائية جديدة جلب، كما أسلفنا، فوائد جمة للصناعات بما في ذلك: الأرصاد الجوية والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية والتأمين والنقل والبحرية والطيران والتنمية الحضرية؛ أي أن اقتصاد الفضاء هو نتيجة استخدام أو تسخير الانفتاحات العملية التي تحدث على صعيد الفضاء من أجل إحداث طفرات نوعية في مجالات عدة.
لكن اللافت في الأمر أن معظم النفقات في البنيات التحتية الفضائية، ومن ورائها اقتصاد الفضاء، جاء من القطاع الخاص بدلًا من العام، ويقدّر تقرير وكالة الفضاء الأوروبية أن أكثر من 224 مليار دولار تم توليدها من المنتجات والخدمات التي تقدمها شركات الفضاء.
ووفقًا للتقرير كانت هناك أيضًا زيادة في الاستثمار المدعوم من الدولة في مشاريع الفضاء حول العالم، كما كان هناك ارتفاع بنسبة 19% في الإنفاق الحكومي الإجمالي على برامج الفضاء العسكرية والمدنية العام الماضي.
ومن جانبها رفعت الهند الإنفاق على اقتصاد الفضاء وما يستتبعه من جوانب ومناحٍ بنسبة 36%، واستثمرت الصين 23% أكثر، وضخت الولايات المتحدة 18% أخرى في مشاريع الفضاء.
اقرأ أيضًا: لماذا تخطط الشركات للاستدامة؟
اتجاهات وتأثيرات
وتشمل الاتجاهات الحالية الرئيسية التي تؤثر في اقتصاد الفضاء ما يلي:
استمرار الاهتمام العام والاستثمار المتزايد في الأنشطة الفضائية بجميع أنحاء العالم، وجود مستوى غير مسبوق من الاستثمار الخاص في المشاريع الفضائية، المرتبط بجاذبية أعلى وربحية متوقعة ونمو سوق رأس المال الاستثماري (VC)، ناهيك عن استمرار نمو عائدات صناعة الفضاء.
أضف إلى ذلك مواصلة تطوير الأنشطة التجارية في جميع أنحاء العالم، ومنها الأنشطة القائمة على الأقمار الصناعية الصغيرة، وتطوير الأنشطة التجارية في مجالات جديدة، على سبيل المثال: قاذفات صغيرة ورحلات فضائية، ووجود صناعة فضائية تقليدية لا تزال تولّد الحصة الرئيسية من الإيرادات، ولكنها تواجه أسواقًا أكثر تنافسية وغير مؤكدة، ومواصلة تطوير صناعة الفضاء في جميع أنحاء العالم، وزيادة اندماج الفضاء في المجتمع والاقتصاد؛ ما يؤدي إلى توليد المزيد من القيمة والفوائد الاجتماعية والاقتصادية.
اقرأ أيضًا: “الشخصية المنفتحة” هل تكون سببًا في نجاح رواد الأعمال؟
فوائد اقتصاد الفضاء
نوضح في «رواد الأعمال» بعض فوائد اقتصاد الفضاء وذلك على النحو التالي..
-
معالجة مشكلة التغير المناخي
يراقب أكثر من 160 قمرًا صناعيًا الأرض لتقييم آثار الاحتباس الحراري واكتشاف الأنشطة الضارة، مثل قطع الأشجار غير القانوني، التي قد تساهم في تفاقم المشكلة، وقد استخدمت ناسا أداة مثبتة على القمر الصناعي “أكوا” الخاص بها لمراقبة التغيرات البيئية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالمحيطات، بخار الماء، السحب، الجليد البحري والأرضي، هطول الأمطار، لأكثر من 20 عامًا.
فيما توفر الأقمار الصناعية الأخرى معلومات يمكن أن تساعد الوكالات الحكومية في اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن حرائق الغابات وتآكل السواحل والكوارث الطبيعية الأخرى المتعلقة بالمناخ.
-
تحقيق الأمن الغذائي
تُستخدم بيانات الأقمار الصناعية، وهي أحد جوانب اقتصاد الفضاء، بشكل متزايد لرصد تطور المحاصيل والتهديدات المحتملة للمحاصيل، مثل الجفاف أو غزو الحشرات.
كما يستخدم مشروع SERVIR، على سبيل المثال، وهو شراكة بين وكالة ناسا والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بيانات من أقمار تصوير الأرض وتقنيات الجغرافيا المكانية لمساعدة الحكومات في معالجة قضايا متعددة، ومنها نقص الغذاء.
-
الحفاظ على الأمن القومي
يمكن للحكومات، التي تعمل غالبًا مع شركات في القطاع الخاص، استخدام صور وبيانات الأقمار الصناعية للحصول على معلومات استخباراتية قيّمة، مثل معلومات عن تحركات القوات أو تركيب أنظمة الأسلحة. كل هذه بعض منافع اقتصاد الفضاء التي يمكن أن تحمي الاقتصاد والمجتمع بل الكوكب برمته.
اقرأ أيضًا:
إدارة التغيير.. المفهوم والمزايا والتحديات
التخطيط لزيادة الأرباح.. هل تعرف الطريق؟
كيف يتعامل رواد الأعمال مع التضخم؟