نحتاج إلى تقديم عديد من الحوافز للشباب للتوجه إلى العمل الحر
تحديات كثيرة تواجه رواد الأعمال في المملكة
اختيار الشركات لـ “إنديفور” مرتبط بمعايير عالمية
مستقبل مشرق ينتظر ريادة الأعمال في المملكة
قيام هيئة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال ضرورة ملحة
الابتكار اليوم ليس فقط في المنتجات أو الخدمات، بل في نموذج العمل
احتجت إلى عامين لإقناع البعض بطموحي
يشغل المهندس راكان بن محمد العيدي حاليا منصب العضو المنتدب لـ”إنديفور السعودية” وهي مؤسسة سعودية غير ربحية انطلقت عام 2012م وتعمل في قطاع ريادة الأعمال المؤثر عبر تسريع نمو الشركات الكبرى بواسطة نموذج عمل وشبكة “إنديفور” العالمية من خلال تحديد واختيار وإرشاد الرياديين الأكثر تأثيرا.
وهو أحد أبرز الداعمين لريادة الأعمال وقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية والمنطقة.
المهندس راكان مستشار في تطوير ريادة الأعمال والمنشآت الناشئة وناشط فيها بالسعودية منذ عام ٢٠٠٦م، وبخبرات في مجال تطوير الأعمال، والتدريب والاستشارات. يرأس حالياً لجنة الفرص في مجموعة عقال للمستثمرين الأفراد، وهو عضو في جمعية ريادة الأعمال السعودية وعضو مجلس إدارة “الأسبوع العالمي لريادة الأعمال” في السعودية. وقد شارك في تحكيم عديد من مسابقات ريادة الأعمال والشركات الناشئة مثل جائزة إرنست آند يونج لعام ٢٠١٤م، ومؤتمر عرب نت وستارت أب ويكند، وكذلك البرنامج التلفزيوني: “هل لديك فكرة”. كما راجع وأشرف على الترجمة العربية لكتاب: ابتكار نموذج العمل التجاري.
حاصل على شهادة الماجستير في ريادة الأعمال وإدارة الموارد البشرية من جامعة كوينزلاند في أستراليا، وبكالوريس علوم في هندسة النظم الصناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. يعمل منذ عام ٢٠٠٤م في قطاعات التنمية التجارية وتطوير الأعمال، مثل التخطيط والإنتاج، وعمليات التحكم الصناعية، وحاضنات الأعمال، وإدارة الملكية الفكرية والابتكار، والبحث والتطوير، في كل من السعودية وأستراليا. بدأ حياته العملية مهندسا صناعيا في شركة النفط أرامكو السعودية في قطاعات الهندسة والبترول والغاز، قبل أن ينتقل إلى أستراليا، حيث عمل مستشار تطوير أعمال لعدد من الشركات الناشئة والقائمة الأسترالية. كما أسس في عام ٢٠١١م ناديا لرواد الأعمال السعوديين في أستراليا، يهدف إلى دعم الرياديين السعوديين الذين يدرسون في أستراليا، في عام ٢٠١١م اختارته مدينة برزبن الأسترالية سفيرا طلابيا لها لمنطقة الشرق الأوسط، كما اختارته في عام ٢٠١٢م جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية سفيرا لها في أستراليا.
“رواد الأعمال” التقت راكان في حوار مطول حول واقع ومستقبل ريادة الأعمال في المملكة وأبرز التحديات التي تواجهها.
عن بدايات رحلته العملية يقول راكان: في عام 2007م كنت أسعى لتأسيس مشروعي الأول والانطلاق في عالم ريادة الأعمال، فقد خضت دورات كثيرة وبدأت أميل إلى مجال ريادة الأعمال في وقت لم يكن فيه إلا جهتان فقط داعمتان لريادة الأعمال، هما صندوق المئوية وصندوق عبداللطيف جميل قبل أن يتحول إلى “باب رزق جميل” وكنتيجة لذلك الاطلاع والدورات أنشأت مجموعة على “ياهو” وسميتها entrepreneurs in KSA، حيث لم يكن في ذلك الوقت أي ترجمة عربية لكلمة entrepreneurship (فقد جاءت الترجمة للكلمة في عام 2009م كريادة الأعمال)، ثم حدثت نقلة أخرى من خلال حضوري المؤتمرات وفعاليات ريادة الأعمال التي كان أبرزها ملتقى شباب الأعمال 2006/2007/2008م، فقد حدث تأثير إيجابي كبير فيّ جعلني أفكر في الاستقالة من وظيفتي بـ”أرامكو السعودية” وأركز على عملي الخاص، وبحلول عام 2007م كنت على وشك أن أبدأ مشروعي الأول، لكنني اكتشفت أنني لا أملك الخبرة الإدارية الكافية، وقررت أن أدرس الماجستير في إدارة الأعمال، فحصلت على بعثة، وفي نهاية 2008م استقلت من وظيفتي وهي خطوة اعتبرها الكثيرون مجنونة في ذلك الوقت على خلفية أن تترك وظيفة في شركة أرامكو دخلها عال وبدرجة مهندس وتتجه إلى دراسة الماجستير في وقت كانت الظروف صعبة والأزمة المالية العالمية حدثت.
يضيف راكان: توكلت على الله وانطلقت بعد أن أخذ الموضوع مني نحو عامين لإقناع والدتي وزوجتي بأن الماجستير فيه مصلحة لي وفيه خير، فقررت أن أتجه شرقا وأبعد عن أمريكا وبريطانيا التي نبعث إليها من السبعينيات، وقررت اكتشاف قارة جديدة فاتجهت إلى أستراليا كبلد جديد والفرص فيه واعدة، وحتى أبحث عن فرص جديدة تجارية أحضرها للمملكة. وفعلا -والحمد لله- مع مطلع 2009م انطلقت في دراسة الماجستير تخصص ريادة الأعمال وإدارة الموارد البشرية، وحصلت على درجة ماجستير الأعمال فيهما مع نهاية 2011م. وكان أبرز حدث أثناء الدراسة هو تنظيمنا ملتقى ريادة الأعمال الافتراضي للطلبة المبتعثين الذي تم عن طريق الإنترنت واستضفنا فيه شخصيات من المملكة تحت شعار: “الوظيفة ليست الخيار الأول دائما”، في محاولة لتغيير فكر المبتعثين من البحث عن وظيفة إلى خلق الوظيفة والعودة من بلد الابتعاث بفرصة لتأسيس مشروع خاص والانطلاق في العمل الحر. في نهاية عام 2011م رجعت إلى المملكة وكنت أسعى لتأسيس أول مشروع أعمال وهو عبارة عن مسرع أعمال، ففي ذلك الوقت كانت هنالك حاضنة الأعمال لكن الوضع اختلف، فمنذ عام 2009م شهدت المملكة ثورة في ريادة الأعمال وبدأت تكثر الجهات الداعمة فنشأ معهد ريادة الأعمال الوطني وبرنامج “بادر” وبعض الجهات الأخرى، وفي الجامعات بدأ التوجه من المملكة ككل للاقتصاد المعرفي وريادة الأعمال، فكان التوقيت مناسبا لأن أرجع كمتخصص، درست السوق لمدة ثلاثة شهور ووجدت أن هنالك فجوة في النظام البيئي لريادة الأعمال في المملكة، فقررت أن أؤسس أول مسرع أعمال في ذلك الوقت في السعودية بنهاية 2011م، في وقت كان الكثير من القائمين على مجال ريادة الأعمال لم يسمع بهذا المصطلح، وكان الشائع هو حاضنة الأعمال في حين الماجستير علمنا أن نموذج حاضنات الأعمال بدأ بالتراجع، إذ لا يمكن أن تحتضن رياديا لمدة سنتين دون تشجيعه على أن يبيع وينزل السوق، وفي أثنا بحثي على مستثمرين للاستثمار في مشروعي الجديد تعرفت على مجلس إدارة “إنديفور السعودية” وحصل تفاهم حول تأسيسها وأن أكون أول مدير لها وفعلا بعد ثلاثة أشهر من المفاوضات عينت عضوا منتدبا مؤسسا لـ “إنديفور السعودية” وبدأت رحلة جديدة، ووضعت فكرة تأسيس مسرع الأعمال على الرف مؤقتا.
من من الشخصيات التي دعمتك في البداية ووقفت إلى جانبك؟ وما نوع وكم النصائح التي قدمت لك وأسهمت في نجاحك؟
من أبرز الشخصيات التي دعمتني وآمنت براكان العيدي ثلاثة من مرشديّ في “أرامكو السعودية” -ومن هنا أؤكد أهمية الإرشاد سواء في الوظيفة أو في العمل- وهم عبدالعزيز البواردي كان مرشدي في “أرامكو السعودية”، وكذلك عبدالعزيز الحمدان وعبدالعزيز البريكان كلهم أعمارهم فوق 50 سنة أمضوا تقريباً 25 سنة في خدمة “أرامكو السعودية”. في آخر سنة لي قبل استقالتي عين لي مرشد وهو مهندس أعلى كان على وشك التقاعد في 2007م، وكان يقضي معي كثيرا من الوقت وحضرت حفل التقاعد الخاص به، وهذا ما حركني وجعلني أتقدم باستقالتي وأترك الوظيفة وأنطلق في مجال ريادة الأعمال، فقد حضرت الحفل وكان عبارة عن حفل غداء وحضور بسيط مع شهادة تكريم وساعة من “أرامكو السعودية” ومبلغ من المال مع التقاعد ينزل في حسابه فرأيت أمامي نهاية 25 سنة من الوظيفة وفي الوقت نفسه سمعت عن تجار كثر بدأوا في التجارة وانطلقوا، وكيف كانت حياتهم بعد 25 سنة فقررت ألا يكون تقاعدي عبارة عن شهادة وساعة، بل أكبر من ذلك. وقد كان إرشاد المرشدين لي في شكل نصائح وكانوا دائما ما يقولون لي: اتبع شغفك وانطلق في المجال الذي أنت تحبه، فأنت تحب ريادة الأعمال فانطلق فيه، -والحمد الله- اليوم أصبحت أدير أحد أهم المؤسسات الداعمة والمؤثرة في ريادة الأعمال بالمملكة. وهنا لا بد أن أشير وأشكر شكرا خاصا مجلس إدارة “إنديفور السعودية” وعلى رأسهم رئيس المجلس رامي التركي، على إيمانهم بي ودعمي في إدارة “إنديفور” والوصول إلى ما نحن عليه اليوم.
إلى أي مدى استفدت من تجارب الآخرين في تجويد تجربتك؟
أعتقد أن أي شخص لن يحتاج ليبدأ من الصفر، ومن يبدأ من الصفر سواء في ريادة الأعمال أو في أي مجال آخر هو شخص مخطئ بلا شك. ابدأ من حيث انتهى الآخرون، وإذا رأيت مشروعا بدأ وفشل ليس هنالك ما يجبرك للرجوع وتكرار التجربة، ابدأ من حيث وصل هو ومكان ما فشل ابدأ أنت فإذا توقف فواصل أنت من النقطة التي توقف فيها، وهنالك مقولة لأديسون: (كثير من الذين انسحبوا وفشلوا لم يكونوا يعلمون كم كانوا قريبين من النجاح) أحيانا تكون بقيت شعرة للنجاح لكنهم استسلموا.
هل كان طموحك مرتبطا بالمجال الذي تعمل وتبدع فيه حاليا؟
طموحي كان –والحمد لله- دائما كبيرا وطبعا من أول شهر لي في “أرامكو السعودية” ما كنت أرى نفسي مهندسا بل كنت أرى نفسي أكثر كرائد أعمال والحمد لله، اليوم أعتبر رائد أعمال اجتماعي social entrepreneur من خلال عمل “إنديفور السعودية” في ريادة الأعمال الاجتماعية، فمن خلال نموذج معين تستطيع دعم وإرشاد الرياديين في المملكة من دون أن نملك جميع الموارد، وذلك لتحقيق قيمة للمجتمع وخلق فرص وظيفية جديدة.
متى كانت أول تجربة تجارية لك؟ وهل تدير مشاريع خاصة بك الآن؟
الحقيقة كانت أول تجربة لي في الصف الأول المتوسط تقريباً إذا ما خانتني الذاكرة، حيث لاحظت أن بعض أصدقائي لا يستطيعون شراء أفلام الكرتون من المحال؛ لأن ليس لديهم سائق خاص، فعرضت عليهم الشراء من محل صديق لي يستطيع توفيرها لباب بيتهم، وكان سعر الشريط بـ٢٥ ريالا، فوافق بعضهم وبعدها عدت وتفاوضت مع محل الفيديو الذي أتعامل معه ونجحت في إقناعه بالبيع لي بسعر مخفض؛ لأنيسوف أشتري منه كميات، وصرت آخذ الشريط بـ١٥ ريالا فقط وصار ربحي ٦٧%، وأنا أتولى التوصيل لهم مع سائقنا. والحمدلله اليوم أصبحت مستثمرا مبتدئا بعدد من الشركات الناشئة مع شباب آخرين، وكذلك شريك في إحدى الشركات الجديدة.
من أين استمددت التفاؤل بإمكانية نجاحك؟
التوكل على الله أولا ثم الثقة بالنفس هما أهم شيء فإذا أنت لم تثق بنفسك لن يثق بك الآخرون، ولن يثقوا بك حتى لو رأوك؛ لأن ثقتك لم تخرج لهم لكن عندما يرونك واثقا بنفسك ورأوا فيك صفات قيادية الكل سيدعمك. ويبقى عليك حساب المخاطرة المحسوبة التي تستطيع تقبلها والعيش معها وتحمل مخاطرها.
ما قصة هاشتاق أو وسم #رياديون على “تويتر”؟
بعد عودتي من أستراليا، ومع ثورة الشبكات الاجتماعية بحثت عن طرق لربط الرياديين والمهتمين بدعم الريادة بعضهم ببعض، ومن هنا بدأت هاشتاق إنجليزي على هامش منتدى التنافسية العالمي في مطلع عام ٢٠١٢م وهو Riadion# وبدأت أكتب فيه تغريدات وتجارب شخصية ومعلومات، وبدأت أكسب المتابعين المهتمين، وبعد أن سمح “تويتر” بالوسوم العربية بدأت هاشتاق #رياديون بدأ معي عديد من الزملاء التغريد عن الريادة حتى أصبح اليوم أحد أهم الوسوم والمراجع المرتبطة بالأعمال، ويكتب فيه الكثير من المغردين. وأسهم ذلك كثيراً في حصولي على المركز الثالث في قائمة الشباب العشرة المؤثرين في مجال ريادة الأعمال في الشبكات الاجتماعية حسب المرصد السعودي لعام ٢٠١٤م.
برأيكم ما أبرز التحديات التي تواجه رواد الأعمال في المملكة؟
الحقيقة التحديات كثيرة لكنني أصنفها على ثلاث محاور، الأول: هو محور التشريعات الحكومية، الثاني: هو القطاع الخاص أو السوق والثالث: هو الرياديون أنفسهم.
وأستطيع القول: إن أبرز تحد اليوم يواجهنا هو غياب بعض الإجراءات والتشريعات الحكومية، خاصة فيما يتعلق بالشركات الناشئة والصغيرة، مثل الأسهم الاختيارية، وآلية التخارج، والاستثمار. وكذلك بعض التضارب في آلية الحصول على التصاريح من بعض الجهات الحكومية، وإذا لم نقم بتجهيزها فمن الصعب أن الاستثمار يدخل إلى مجالات ريادة الأعمال، خاصة للشركات الناشئة. وفيما يتعلق بوزارة العمل للحصول على التأشيرات ونسبتها نحن مع إجراءات وزارة العمل، ولكن أعتقد أن الشريحة الناشئة يجب أن يكون لها استثناءات ودعم أكبر.
أما بالنسبة للقطاع الآخر وهو القطاع الخاص أو السوق فالمنافسة غير العادلة من خلال وجود التستر من خلال العمالة غير الرسمية، وكذلك الغش التجاري المنتشر وهذه كلها عوامل تسهم في إحداث ربكة لرائد الأعمال في بداية مشروعه.
التحدي الثاني أيضا في القطاع الخاص غياب رغبة القطاع الخاص في الاستثمار في المشاريع الناشئة سواء التقنية أو غير التقنية، ولا نستطيع لوم القطاع الخاص بالكامل أو المستثمرين فإذا توفر التحدي الأول وهو التشريعات كان من الممكن رؤية مستثمرين أكثر في هذا المجال، ولدينا تجربة ناجحة من خلال مجموعة عقال للمستثمرين الأفراد واستثمار في 20 شركة، ولكن نحتاج إلى عشرات المجموعات مثل “عقال”. الجزء الأخير من التحديات هو على رواد الأعمال أنفسهم فالحقيقة هنالك شباب مبدعون رائعون، ولكن في الوقت نفسه هناك الكثير من المقلدين والكثير من الشباب غير الجاهزين لخوض ريادة الأعمال، بمعنى أن بعضهم يريد فتح مشروع هواية فقط ليضيف دخلا إضافيا له وليس شركة ريادية تحقق له الاستقلال المادي، وليس لدينا نموذج رائد الأعمال مثل الغرب أو بعض الدول العربية حولنا في المنطقة، وما زالت الوظيفة هي الخيار الأول لكثير من شبابنا وإذا أراد أن ينتقل لتجارة لا بد أن يكون مجالا مضمونا، فأنا مع تأسيس عمل تجاري للفرد وهو موظف ولكن لا بد أن يكون فيه خطة واضحة للانتقال من الوظيفة إلى العمل الحر، لكن أن تجمع بين الاثنين فلا أعتقد أن هذه من الريادة في شيء! رواد الأعمال ينقصهم الكثير من المعرفة والكثير من المعلومات والكثير من طرق إدارة المشاريع وتحديد الفرص، بمعنى أن الكل يعتقد أنه بمجرد أن لديه فكرة أصبح رائد أعمال أو بمجرد أن لديه فكرة جديدة غير موجودة في السوق إذن لا بد أن تكون فكرة ناجحة، ومن خلال تجربتي البسيطة في السنوات الثلاث الماضية وعملي في “إنديفور السعودية” وكذلك رئاستي للجنة الفرص في مجموعة عقال، وتحكيمي تقريبا في 11 مسابقة لريادة الأعمال مر عليّ نحو 1500 مشروع ما بين فكرة ومشروع ناشئ ومشروع قائم لاحظت أن كثيرا من الشباب يعتقد مثلا أن عنده فكرة تنافس “تويتر” وهو غير مستوعب أن “تويتر” عبارة عن نموذج عمل وليس قائما على فكرة فقط هو قائم على فرق وموظفين وعمل. الفكرة بدأت بشيء بسيط وبعد ذلك توسعت وأصبحت منتشرة، فكون أن لديك فكرة أفضل من “تويتر” لا يعني أنك حتى لو كانت فكرتك أفضل ليست الفكرة هي المهمة، ولكن طريقة تنفيذها وسرعة نموها.
ما مواصفات رائد الأعمال الأكثر تأثيرا، وهل لذلك علاقة بإمكانية نجاحه أكثر من غيره؟
بالنسبة لـ”إنديفور” أو مواصفات “إنديفور” الأكثر تأثيرا هو الشخص الذي أسس عملا وأسس شركة ابتكارية قابلة للنمو السريع، قابلة للتوسع فيها نوع من التجديد والابتكار والتجديد. والابتكار هنا لا يكون فقط في المنتج أو في الخدمة، بل أيضا في نموذج العمل، الشرط الثاني: هو أن يكون عنده تأثير على مجتمعه وهذا فرق بين التاجر والريادي فالاخير لا يسعى فقط إلى الربح المالي، بل إنه مستعد أن يسهم في شركات ناشئة جديدة كمستثمر فردي أو مستعد لأن يرشد الآخرين أن ينجحوا مثله، مستعد أن يلهم مستعد أن يفتح أبوابه لكل شاب راغب في أنه يبدأ ويمشي على خطاه، فهذه الرغبة والعطاء للمجتمع مع وجود شركة ابتكارية قابلة للنمو هذه ما تميز رائد العمل الأكثر تأثيرا وبالطبع لكل هذه المعطيات علاقة بنجاحه.
تحتل المملكة المرتبة الـ45 عالميا والسابعة في منطقة الشرق الأوسط، ألا تعتقدون أن هذا الموقع لا يتناسب مع قوة اقتصاد المملكة واستقراره خلال السنوات العشر الماضية وتوقع استمراره لسنوات أخرى؟
أكيد بلا شك لا يتناسب مع المملكة ولكن يظل -نوعا ما- جيدا في ظل التحديات التي نواجهها في ظل اعتماد شبابنا اعتمادا كليا على الوظيفة كخيار أول أو خيار مفضل لهم، ويكفي فقط أن ترى إعلان وظائف مطروحا في أحد القطاعات الحكومية لعدد 200 وظيفة فتجد المتقدمين عشرة آلاف من جميع مناطق المملكة يبحثون عن الوظيفة مع أن العشرة آلاف نفسها هذه لو اتجه أي منها في يوم التقديم نفسه لبيع المياه أو المشروبات الباردة كان من الممكن أن يحقق دخل “حافز” في سنة كاملة، ولكن يغيب الفكر التجاري عن أغلب شبابنا، لكن مع ذلك كل المؤشرات تدل على تحسن كبير فلو أخذنا على سبيل المثال لمحات عن وضع الريادة في المملكة مقارنا 2014م بــ 2008 بــ 2004م ثم عام 2000م الذي شهد قيام أول صندوق لدعم ريادة الأعمال فالوضع تحسن كثيرا، واليوم لدينا 35 جهة وأكثر تدعم ريادة الأعمال، والجامعات صارت تدعم وجهات كثيرة برزت في القطاع الخاص كدخول “إنديفور السعودية” التي تعتبر مبادرة من القطاع الخاص بالكامل، وكذلك أصبحنا نرى جهات أخرى كـ”عقال” و”شبكة سرب” من القطاع الخاص بدعم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، فالوضع أفضل بكثير عما كان عليه قبل خمس سنوات، فإذا استمررنا على الموال نفسه -صحيح نحن نسير بسرعة بطيئة- ولكن بإذن الله لا أستبعد أن تكون المملكة في مراتب متقدمة في السنوات الخمس القادمة.
من أهم أهدافكم ربط رائد الأعمال بقادة الأعمال وهذه نقلة كبيرة ربما تؤثر في مسيرة رائد الأعمال من حيث الطموح وقوة الاندفاع، كيف يمكنكم إحداث التوازن لدى رائد الأعمال بعد ربطه بقادة أعمال كبار ومؤثرين؟
الحقيقة أن ما ذكر يمثل صلب وقلب نموذج عمل “إنديفور السعودية” و”إنديفور العالمية” نربط رواد الأعمال بأفضل قادة الأعمال محليا وإقليمياً وعالميا مثلا ربطنا عبدالمحسن ربيعة برائد أعمال من جنوب إفريقيا وهو كارلو قونزاقا، اختارته “إنديفور” قبل تسع سنوات كان في حجم شركة شاورمر نفسها، الذي هو عبدالمحسن الربيعة وكانت الفروع في حدود 30 / 40 فرعا واليوم أصبحت 500 فرعا، هذا الربط يساعد الريادي أن يعرف إلى أين يسير فأغلب الإشكاليات عند رائد الأعمال أنه نجح وبدأ يتوسع ويوصل إلى مرحلة الملايين العشرة أو 20 مليونا وهو كان ممتازا في التأسيس والانطلاق، لكنه يقف الآن وهو ليس ممتازا في التوسع ويحتاج إلى مساعدة في كيفية الانتقال من 20 مليونا إلى 100 مليون، وكيف ينتقل من 100 مليون إلى 300 مليون وهنا يأتي دور قادة الأعمال ورجال الأعمال الكبار في إرشاد رائد الأعمال في كيفية تحويل الشركة إلى شركة مساهمة؟ وكيف يضبط الأنظمة الداخلية والخارجية بحيث تكون قابلة للاستثمار؟ كيف يدخل رأس المال الجريء في إرشاده لضبط هذه العملية حتى يكون أكبر وأكثر ويتوسع وأن يكون التوازن عبر نموذج عمل “إنديفور” كخارطة طريق نعدها للريادي ننظر فيها إلى جميع الأمور التشغيلية والخطط الاستراتيجية ونراجعها للريادي ونضع له خطة حسب معايير “إنديفور” بمشاركة مرشدين من “إنديفور السعودية”.
سقف استهدافكم يحمل شروطا صعبة هل من الممكن تقليل هذا السقف للوصول إلى أكبر عدد من رواد الأعمال الناجحين؟ أم أن الأمر مرتبط بمعايير عالمية؟
الموضوع مرتبط بمعايير عالمية، واكثر من المعايير العالمية و المسألة ليست مسألة شروط صعبة، ولكن نموذج “إنديفور” يؤمن بالكيف وليس الكم فقد اخترنا من رواد الأعمال 12 رائد أعمال مع نهاية عام 2014م يديرون تسع شركات نجحوا كرواد أعمال في خلق عديد من الفرص وعديد من معدلات النمو العالية والوظائف في البلاد وأحدث الأرقام لدينا أن الـ 12 رائد أعمال عند الاختيار كان لديهم 1017 موظفا، وفي نهاية 2014م وصلوا إلى 1355 موظفا بإيجاد 338 وظيفة خلال سنتين أو بمعدل 38% ارتفاعا في عدد رفع الوظائف، هذا دليل بأن هذه الشركات فعلا سريعة النمو وفيها إضافة للاقتصاد الوطني، كما شهد دخلهم ارتفاعا بنسبة 61 % بعد اختيارهم حتى نهاية 2014م خلال سنتين وهذه الأرقام مشجعة فمجرد خلق 338 وظيفة هذا شيء رائع للاقتصاد الوطني شيء رائع للمملكة شيء رائع على مستوى العالم، فهي ليست معايير صعبة وليست تحديا، ولكن نؤمن بأن الفرز عندنا قوي جدا لاختيار الأفضل والقابل للنمو المتسارع. “إنديفور العالمية” تقدم إليها أكثر من 38 ألف رائد أعمال خلال 17 سنة الماضية من يوم بدأنا واخترنا منهم 1030 فقط، وهي نسبة قليلة ولكن الواقع أن الـ 1000 هم فعلا المحركون في اقتصادات بلدانهم والمحركون في النظام البيئي لريادة الأعمال في دولهم، وسوف نستمر على المنوال نفسه بإذن الله. وقد تمت مراجعة ٣٠ شركة في المملكة واخترنا منها عشر شركات في السعودية بنسبة اختيار تعادل الثلث، فهي ليست بالكم ولكن بالكيف. النقطة الثانية أننا لا نعمل مع الشركات الناشئة إلا الشركات التقنية، ولا نعمل مع المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وإنما نأتي للشركات في مرحلة النمو؛ لذا نطلب أن يكون عمر الشركة ثلاث سنوات ودخلها مليون ريال فأكثر في آخر السنة، وكذلك نطلب القوائم المالية حتى نتحقق من معدلات النمو من السنة الأولى إلى الثانية والثالثة وعادة نأخذ الشركات في السنة الخامسة.
ما نوع الاستشارات التي تقدم للشركات التي يتم اختيارها وفقا للمعايير؟
خدماتنا تشمل عديدا من المجالات أبرزها تكوين مجموعة استشارية لكل شركة ويوجد اليوم أكثر من 40 مرشدا محليا بخبرات كبرى في شبكة “إنديفور السعودية” وثلاثة آلاف من المرشدين على مستوى العالم، كذلك تقوم برحلات للاطلاع على مجالات الأعمال، وكذلك نقدم الوصول إلى رأس المال الذكي كاستشارات مالية، ولدينا شبكة من الأفراد وشركات رأس المال الجريء. وعندما نبحث عن مستثمر لريادينا لا نبحث له عن المال فقط، ولكن المال الذكي المال مع خبرة لشركة متخصصة في الاستثمار في نوع نشاط رائد الأعمال، وكذلك نقيم حول العالم من أربع إلى خمس فعاليات استثمارية يحضر لها رياديون ويقابلون مستثمرين من جميع أنحاء العالم، وكذلك نقدم المواهب والكفاءات وعندنا اتفاقيات مع شركات عالمية لحضور بعض مستشاريها إلى شركات الرياديين ومساعدتهم في بعض المشاريع لمدة تراوح بين أربعة إلى ستة أسابيع مجانا. ويوجد عندنا متدربون من كبرى الجامعات العالمية يكون تدريبهم الصيفي من طلبة MBA في شركات “إنديفور السعودية”. وكذلك نقدم فرصا تعليمية لتطوير الرياديين أنفسهم. عندنا برامج القيادة في جامعة ستافورد وبرامج القيادة في جامعة هارفارد حضروها خمسة من الرياديين السعوديين. برامج معمولة خصيصا لـ”إنديفور العالمية” يشارك فيها فقط الرياديون وبسعر خاص جدا يصل إلى نسبة خصم 60%. وكذلك نساعد الرياديين للحصول على أسواق جديدة من خلال ربط الرياديين في مجالس إدارات مكاتب “إنديفور” الأخرى في 22 دولة. وربطهم بمرشدين في الدول الأخرى، وكذلك ربطهم برواد الأعمال في الدول الأخرى. كذلك نقيم فعاليات إقليمية عالمية يمكن أن يحضرها الرياديون لتوسيع شبكة معارفهم. وكذلك لاستطلاع الفرص الجديدة.
ماذا تحتاج ريادة الأعمال في المملكة في الوقت الراهن؟ وكيف تنظرون في مستقبلها في ظل المعطيات المتاحة؟
أعتقد أن مستقبلا مشرقا ينتظر ريادة الأعمال في المملكة. فقط نحتاج إلى سن التشريعات بشكل عاجل لضبط عملية الاستثمار في الشركات الناشئة، وفى الشركات السعودية حتى يستطيع المستثمرون الدخول والتخارج بسلاسة، وقد سمعنا كلاما كثيرا عن هيئة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال في المملكة، ولم نعد متفائلين من وجود هذه الهيئة. هل ستكون مستقلة أو غير مستقلة؟ الصورة ليست واضحة. نحتاج كذلك إلى تقديم عديد من الحوافز للشباب للتوجه إلى العمل الحر وأعني بالحوافز أن نقدم تمويلا فقط، مع الأسف تجربتنا الماضية خلال الأعوام العشرة أو الـ15 سنة الماضية كانت كلها تمويلا. كان هناك التمويل هو العائق الأول اليوم العائق الأول هو المعرفة والخبرة وليس التمويل في نظري المتواضع، وهذه لا تتوافر إلا لدى الرياديين السابقين أو المستثمرين، ومن هنا علينا تشجيع الاستثمار الفردي والمؤسسي في الشركات الناشئة وتقديم الحوافز كذلك لهذه الشركات والصناديق الاستثمارية.
وأعتقد أن الوقت قد حان لينسحب القطاع الحكومي من دعم ريادة الأعمال في المملكة ويتحول لدعم لوجيستي من خلال التشريعات ووضع الأطر والأسس والقوانين لقيام الشركات الناشئة. وقيام صناعة ريادة الأعمال وبراءات الاختراع والابتكار في المملكة بدلا من تقديم الدعم المادي، ويمكن أن يكون الدعم المادي من خلال ما يعرف بالاستثمار المماثل matching fund.
والمستقبل -ما شاء الله- مبهر جدا وانا متفائل جدا فالعناصر موجودة فلدينا نسبة شباب كبرى وسوق كبيرة تسهل كثيرا الدخول إليها، يتطلب ذلك الكثير والكثير من الشركات الريادية والشركات الابتكارية سواء في مجال الخدمات أو المنتجات. كذلك عندنا رأس المال. جميع معطيات معادلة ريادة الأعمال موجودة فقط نحتاج إلى الموزانة بين العناصر الثلاثة حتى تخرج معادلة لخلق بيئة ريادة الأعمال ناجحة بإذن الله.
تعليقان
جيد
بسم الله الرحمن الرحيم انا من المعجبين بالمهندس رائد الاعمال راكان العيدي الذي تابعته من خلال قناة الرسالة في حوار عن تجربته في اتخاذ القرار وبفضل الله انا استفدت من الحلقة والحوار الذي تم معه ـ وهذا توفيق من الله في تحقيق النجاح الذي اسعده واسعد الكثيرين ـ
انا من السودان اعمل في مجال العمل الاعلامي واتمني ان احظ بمعارف وتجارب حياتية في مجال العمل وعملية اتخاذ القرار علما باني درست وتخصصت في نظم المعلومات الادارة ولدى بحث بعنوان دور نظم المعلومات الادارية المحوسبة في عملية اتخاذ القرار ــ