علينا أن نعترف، منذ البداية، بأن موضوعًا مثل القواعد الصارمة في العمل ينطوي على تحديات شتى، فأول الأمر يتم استدعاء بُعد أخلاقي في المسألة؛ إذ ليس من الأخلاق قهر الموظفين، ولا حبسهم في إطار أو نموذج إداري معين، ثم ليس من المنطق ولا من الأخلاق السماح للمدراء ببسط هيمنتهم على الموظفين، تلك هي التحديات الأخلاقية للتعاطي مع موضوع القواعد الصارمة في العمل.
لكن ليس هذا هو كل شيء؛ إذ إن هذه المسألة تتعلق بالمدراء والموظفين على حد سواء؛ فالمدير الصارم ذو تأثير حاسم في موظفيه، ومن الأولى أن نستقصي حدود صرامة المدير من جهة، وطرق تعامل الموظفين مع القواعد الصارمة في العمل من جهة أخرى.
اقرأ أيضًا: أهمية التعاون بين الزملاء.. فوائد تُعزز كفاءة العمل
الإدارة والمدير
إننا موقنون بأن دور المدير هو الأخطر _صحيح أن مغبة القواعد الصارمة في العمل تعود في المقام الأول على الموظفين_ فهو المسؤول النهائي عن كل شيء في العمل.
فالإدارة في أبسط تعريفاتها هي: عملية التعامل أو السيطرة على الأشياء أو الأشخاص، وتلك مسألة على قدر كبير من الصعوبة، فالمديرون لا يديرون العمليات فقط وإنما يديرون الناس أيضًا.
ومن شأن المدير الكفء أن ينقل مسار حياتك المهنية إلى مستوى جديد تمامًا؛ من خلال منحك وقتًا عصيبًا وجعلك تخرج من منطقة الراحة هذه، وتعليمك كيفية التعامل مع المواقف الصعبة بحكمة وحنكة.
ومن جانبها تقول أوما جوبتا؛ أستاذة إدارة الأعمال بجامعة ولاية نيويورك في ولاية بافالو:
«عندما يكون لدى المديرين توقعات عالية يكون الموظفون أكثر سعادة بالفعل، ويكون الأشخاص السعداء أكثر إنتاجية».
لكن، وبما أننا نتحدث عن القواعد الصارمة في العمل، من المهم أن نشير إلى أنه من واجب المدير أن يتطور؛ فوقوفهم عند مستوى معين من التعلم أو الخبرة يمكن أن يكون ذا عواقب وخيمة.
ولعل هذا هو ما عنته كارين تينيليوس؛ المؤسس والرئيس التنفيذي لـ Tuff Leadership Training في ستوكهولم، حين أشارت إلى أن المحصلة النهائية هي أن العديد من المشرفين اليوم -حتى الشباب منهم- لا يزالون يعكسون نموذج القيادة بين الوالدين وأبنائهم، وهو النمط الذي كان موجودًا منذ عقود.
وأضافت أن:
«الإدارة لم تتطور كثيرًا منذ تلك الأوقات التاريخية؛ ولهذا السبب فإن المدراء عالقون في نموذج عفا عليه الزمن».
اقرأ أيضًا: أنواع الحوافز.. وسائل مهمة لزيادة الإنتاجية وتحقيق الأرباح
التعامل مع القواعد الصارمة في العمل
وطالما أننا في «رواد الأعمال» أولينا المدراء أهمية كبرى؛ فسنحاول بيان الطرق التي من الواجب اتخاذها من قبلهم (أي المدراء) لتسهيل القواعد الصارمة في العمل، وذلك على النحو التالي..
-
توضيح الأهداف ورسم الخطة
من الضروري أن يكون لدى هدف واضح للشركة؛ بحيث يفهمه الجميع من جهة أدوارهم، ومن أسف أن معظم المديرين في عجلة من أمرهم ويريدون فقط تحقيق النتائج؛ لذا فهم لا يفهمون دائمًا أهمية السياق.
يجب على هؤلاء المديرين، إن كانوا راغبين في تسهيل التعامل مع القواعد الصارمة في العمل، فهم وإدراك أهمية التواصل المحيط بكل إجراء مرتبط بهدف الشركة.
ويتعين على المدير أن يكون منفتحًا على التعليقات الواردة من الفريق في اجتماعات فردية، وأن يفهم بشكل أفضل ما يحفز كل موظف، إنه بحاجة، أيضًا، إلى أن يسأل: ما الذي يعمل بشكل جيد؟ وما الذي لا يصلح؟ وما الذي يحفز الموظفين؟ وما الذي يمكن فعله بشكل أفضل فيما يتعلق بقضايا الاتصال بينه كمدير وبين موظفيه؟ تلك واحدة من الطرق التي تسهل القواعد الصارمة في العمل.
اقرأ أيضًا: الانتماء الوظيفي.. أهميته وسبل تعزيزه
-
الأدوار والأهداف والمسؤوليات
يحتاج المدير، إن كان راغبًا في تسهيل الالتزام بالقواعد الصارمة في العمل، إلى البدء بتوضيح الهدف العام، ثم تقسيمه إلى مسؤوليات وأدوار على كل موظف فيما يتعلق بهذا الهدف.
ويجب أن تكون لدى المدير مصفوفة يتم مشاركتها مع كل موظف حول الإجراءات أو التوجيهات اليومية والشهرية والأسبوعية لتحقيق هذه الأهداف.
ومما يُرثى له أن كثيرًا من المديرين لا يفعلون ذلك لأنه يستغرق وقتًا. ولكن عندما يتم ذلك سوف تتحقق الإنتاجية العالية ويتعزز الابتكار في الشركة؛ وبهذا يتم تمرير القواعد الصارمة في العمل من دون إحداث ضجة كبيرة أو تذمر من قِبل الموظفين.
اقرأ أيضًا: الموظف العنيد.. فهم دوافعه وطرق التعامل معه
-
سلوك المدير وتبعاته
لا يعمل المدير في جزيرة منعزلة، ولا هو بعيد عن موظفيه، بل إن العكس هو الصحيح تمامًا؛ فالمؤكد أن سلوك المدير يؤثر في أداء موظفيه، ليس هذا فحسب بل في نتائج الأعمال ككل، فضلًا عن احتمال فقدان المواهب والكفاءات بسبب أفعاله، وإذا أراد المدير أن يسهل من تعامل موظفيه مع القواعد الصارمة في العمل فأولى به أن يعقد اجتماعات منتظمة مع موظفيه، وأن يتم بسط المشاكل والعراقيل بوضوح وصراحة.
ويجب أن تركز الاجتماعات على كيفية تأثير القضايا الرئيسية في المضي قدمًا في مسيرته المهنية كمدير، وفي موظفيه أيضًا.
وفي كثير من الأحيان يكون لدى المديرين مثل هؤلاء ذكاء عاطفي منخفض ويحتاجون إلى المساعدة في أن يصبحوا أكثر وعيًا بالذات. ويمكن تكليف المدير ببعض المهام للمساعدة في القضاء على السلوك الإشكالي أو السلبي.
اقرأ أيضًا:
الحافز المعنوي للموظفين.. ارتياد الجادة غير المطروقة
أخلاقيات العمل الحر.. استبطان الأوامر القانونية
فريق العمل المتناغم.. هل من طريق؟
كيفية الحفاظ على الود بين الزملاء؟