إذا نجحت الشركة في تعزيز الانتماء الوظيفي لدى موظفيها تكون بهذا تمكنت من اجتياز أشق المراحل على طريق النجاح؛ إذ إنه ليس من السهل الوصول إلى المرحلة التي يكون فيها الموظفون منتمين للشركة بشكل تام، إلى الحد الذي قد ترى فيه تماهيًا كاملًا بين أهداف المؤسسة وأهداف الموظفين حتى على المستوى الشخصي.
وأجدر بنا أن نشير إلى غريزة الانتماء والرغبة في الاجتماع البشري _وهي غرائز أعم وأشمل من الانتماء الوظيفي_ كامنة في لاوعي كل الموجودات البشرية، وهو ما يعني أنه من السهل بالنسبة للشركة أن تعزز من شعور انتماء الموظفين إليها لكن بشرط أن تتمكن من الضرب على الوتر الصحيح.
وبدون إدراك القائمين على أمر الشركة لهذه الحقيقة النفسية الكبرى _الرغبة في الانتماء_ فسيكون أي مسعى لتعزيز الانتماء الوظيفي من الصعوبة بمكان، إن لم يكن هو الأقرب إلى الحدوث في الواقع.
ولا شك أن تعزيز هذا الانتماء يستلزم وقتًا طويلًا؛ فسواء كنت موظفًا مبتدئًا أو انضممت إلى فريق جديد داخل شركة عملت بها لسنوات فإن محاولة توليد شعور بالصداقة الحميمة مع الزملاء قد يكون أمرًا شاقًا.
وعلى أي حال فإن تعزيز الانتماء الوظيفي يعني أن الأشخاص من جميع الخلفيات ينالون مقعدًا على الطاولة ويشعرون بأن مساهماتهم مسموعة ورؤاهم محل تقدير واحترام.
اقرأ أيضًا: التسامح في العمل.. استراتيجية الاستقرار وتحسين الإنتاجية
أهمية الشعور بالانتماء
لكن هل الانتماء الوظيفي مهم للمؤسسة أو للأفراد؟ لا شك أن الإجابة بالإيجاب؛ إذ إن توليد شعور بالانتماء يوفر لقادة الموارد البشرية فرصة جيدة لتنشيط نهج وأهداف الاندماج لديهم.
وتُعد الحاجة إلى الشعور بأنك جزء من فريق وتنمية الشعور بالانتماء أمرًا حيويًا لضمان بيئة عمل مريحة، وإلى حد ما، لزيادة الإنتاجية.
وفي عام 2020 أصبح الانتماء الوظيفي أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ حيث بدأت الفرق العمل عن بُعد. وتظهر الأبحاث أن الانتماء أصبح أكثر أهمية بنسبة 12% لسعادة الموظف خلال COVID-19.
وقد وجد بحث أجرته مؤسسة “جالوب” أن الموظفين المنتمين لمؤسساتهم هم أقدر على مساعدة المؤسسة في جلب الربح بنسبة 22% أكثر من غيرهم، كما يلعب الانتماء الوظيفي دورًا أساسيًا في مشاركة الموظفين.
اقرأ أيضًا: الإبداع في إدارة الموارد البشرية.. أنماطه وطرق تعزيزه
سبل تعزيز الانتماء الوظيفي
ويرصد «رواد الأعمال» طائفة من الطرق والأدوات التي تعمل على تعزيز الانتماء الوظيفي، وذلك على النحو التالي..
-
بناء الثقة
ما من شك في أن الثقة أمر بالغ الأهمية لنجاح العلاقات مع الزملاء، فإذا لم نكن نثق بأحد أعضاء فريقنا فغالبًا ما نضيع الوقت في مراقبة هذا الشخص، وسوف يمسي التواصل معه أقل فعالية.
نحن نعلم أن الثقة يمكن أن تتشكل بسرعة أكبر مع الأشخاص الذين نتشابه معهم وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نشعر بـ “الحذر” من الأشخاص الذين قد يجلبون مناهج أو وجهات نظر مختلفة إلى فريق راسخ.
ولتحقيق الثقة _التي هي شرط رئيسي من شروط تعزيز الانتماء الوظيفي_ علينا قضاء بعض الوقت في التعرف على زملائنا الجدد، وفهم خلفياتهم واهتماماتهم ومهاراتهم، بالإضافة إلى إظهار الاحترام والتقدير لهم.
اقرأ أيضًا: 6 نصائح لتمكين الناس من اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً في مجال الأعمال
-
تطوير العلاقات
يعتمد الشعور بالانتماء الوظيفي بشكل كبير على بناء علاقة قوية مع زملاء العمل، وإلا فكيف تشعر بالانتماء لمكان لا علاقة لك فيه بأحد؟!
صحيح أن فكرة تطوير علاقة مع أشخاص جدد يمكن أن تكون شاقة للغاية، لكن لا مناص منها في أغلب الأحوال، ولعل الخطوة الأولى لبناء علاقة هي إيجاد أرضية مشتركة. هذا لا يتعلق بكونك شخصًا لست كذلك، وإنما يتعلق الأمر بالتعبير عن اهتمام حقيقي عند التعامل مع شخص جديد؛ من أجل العثور على شيء حقيقي مشترك بينكما.
ومن خلال تطوير علاقة مع فريق العمل يمكن أن يكون لبعض الزملاء تأثير إيجابي كبير في تطوير علاقات ممتازة، بالإضافة إلى الشعور بالراحة مع الزملاء.
اقرأ أيضًا: الالتزام تجاه رواتب الموظفين وأهميته لتحسين جودة العمل
-
الدعم الإداري
ثم إن هناك ارتباطًا شبه شرطي تقريبًا بين الانتماء الوظيفي والدعم الإداري؛ فكلما كانت المؤسسة صادقة في دعم موظفيها إداريًا كانوا هم من جهتهم أكثر انتماءً إليها.
وقد أظهرت نتائج دراسة أجريت في عام 2009 أن قدرًا أكبر من الدعم الإداري أدى إلى زيادة معدلات الانتماء الوظيفي.
ومن المرجح أن يشعر الموظفون الذين يتلقون دعمًا جيدًا بالسعادة في العمل، وبالتالي يكونون أكثر تحفيزًا وإنتاجية.
وأظهرت الدراسة أيضًا أنه عندما يوزع القادة مسؤوليات القيادة على العاملين الآخرين فإن هذا يزيد من معدلات الرضا والانتماء الوظيفي والالتزام بدلًا من أن تقع القيادة على شخص واحد.
اقرأ أيضًا:
أتمتة الموارد البشرية.. بين التقنيات والخبرة العملية
إبداع مدير الموارد البشرية ومشهد التوظيف الحاضر
التعامل مع الموظفين.. أسرار لا تعرفها عن إدارة الموارد البشرية
إدارة التوظيف.. المفاهيم والمهام