ارتبط “إدواردو سافرين” ارتباطًا وثيقًا بواحدة من أكبر ثورات التواصل الاجتماعي في التاريخ “فيسبوك”؛ فهو الشريك المؤسس له مع مارك زوكربيرج وآخرين. ولعب دورًا حاسمًا في تشكيل هذه المنصة التي أحدثت ثورة في طريقة تواصلنا وتفاعلنا.
ولكن خلف قصة النجاح هذه تكمن حكاية مثيرة للاهتمام حول صعود وسقوط، والشراكة والانفصال، وثروة ضائعة وعائدة. وفي هذا التقرير يستكشف حياة “سافرين” المهنية، ومساهمته في بناء فيسبوك، والتحديات التي واجهها، ومسيرته بعد مغادرته الشركة.
إدواردو سافرين
لطالما أصر إدواردو سافرين على أن قراره الانتقال إلى سنغافورة لم يكن بدافع تجنب الضرائب. رافضًا الصورة النمطية التي رسمتها هوليوود عن المليارديرات. فهو يشعر بالراحة التامة مع أرقام الجداول الحسابية أكثر من كونه محورًا للانتباه الإعلامي.
ومع ذلك فإنه يدرك أهمية الصورة التي يقدمها للعالم، ويحاول الآن بناء صورة أكثر واقعية لنفسه كرائد أعمال ناجح ومستثمر ذكي، بعيدًا عن الأضواء الساطعة.
المؤسس المشارك لشركة B Capital
بعد مغادرته فيسبوك في ظروفٍ مثيرة للجدل، قرر سافرين توجيه طاقاته نحو عالم الاستثمار. وفي عام 2015 أسس شركته الخاصة بي كابيتال (B Capital)، والتي سرعان ما أصبحت واحدة من أهم شركات رأس المال الاستثماري في جنوب شرق آسيا والهند.
رؤية بي كابيتال
تتميز بي كابيتال برؤيتها الواضحة في الاستثمار في الشركات الناشئة التي تتمتع بإمكانات نمو هائلة في الأسواق الناشئة. كما تسعى الشركة إلى دعم هذه الشركات وتزويدها بالتمويل اللازم والخبرات التي تحتاجها للتوسع والنجاح.
لماذا بي كابيتال؟
التركيز على الأسواق الناشئة: تركز بي كابيتال بشكل أساسي على الاستثمار في الشركات الناشئة في جنوب شرق آسيا والهند، وهذه الأسواق تشهد نموًا سريعًا وتوفر فرصًا استثمارية واعدة.
الخبرة الواسعة لسافرين: يستفيد سافرين من خبرته الواسعة في مجال التكنولوجيا والاستثمار لتوجيه استثمارات بي كابيتال نحو الشركات الأكثر وعدًا.
الشبكة القوية من العلاقات: يتمتع سافرين بشبكة علاقات واسعة في عالم التكنولوجيا والاستثمار؛ ما يساعده في الوصول إلى أفضل الفرص الاستثمارية.
إنجازات بي كابيتال
حققت بي كابيتال العديد من الإنجازات منذ تأسيسها؛ حيث استثمرت في عدد كبير من الشركات الناشئة الواعدة. وساهمت في نموها وتوسعها. كما تمكنت الشركة من جذب استثمارات ضخمة؛ ما يعكس ثقة المستثمرين في رؤيتها واستراتيجيتها.
فيلم “الشبكة الاجتماعية”
فيلم “الشبكة الاجتماعية” (The Social Network) هو فيلم درامي بيوغرافي أمريكي أُصدر عام 2010. وهو يتناول قصة تأسيس موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك. وعلى الرغم من أن الفيلم يركز بشكل كبير على شخصية مارك زوكربيرج، مؤسس فيسبوك. إلا أنه يسلط الضوء أيضًا على أدوار الشخصيات الأخرى التي كانت حاضرة في تلك الفترة. ومن بينهم إدواردو سافرين.
إدواردو سافرين في الفيلم
في الفيلم، يجسد الممثل اندرو غارفيلد شخصية إدواردو سافرين، الشريك المؤسس لفيسبوك مع مارك زوكربيرج. ويتم تصوير سافرين كشخص ذكي ومبدع. ولكنه أيضًا ساذج بعض الشيء، ويفتقر إلى الخبرة في عالم الأعمال. ويظهر الفيلم كيف ساهم سافرين بشكل كبير في فكرة تأسيس فيسبوك، وكيف تم استبعاده تدريجيًا من الشركة، وتقليص حصته فيها.
النقاط الرئيسية التي يسلط عليها الفيلم الضوء حول شخصية سافرين:
الشريك المؤسس: يظهر سافرين كالشريك المؤسس الحقيقي لفيسبوك؛ حيث كان له فكرة إنشاء شبكة اجتماعية للطلاب في جامعة هارفارد.
السذاجة: يتم تصوير سافرين على أنه شخص طيب القلب وساذج؛ ما يجعله فريسة سهلة للمناورات القانونية التي قام بها زوكربيرج.
الاستبعاد: يعرض الفيلم كيف تم استبعاد سافرين من الشركة تدريجيًا، وكيف تم تقليص حصته فيها بشكل كبير.
المعركة القانونية: يسلط الضوء على المعركة القانونية الطويلة التي خاضها سافرين لاستعادة حقوقه.
الحقيقة مقابل الخيال
من المهم الإشارة إلى أن فيلم “الشبكة الاجتماعية” هو عمل فني، وبالتالي فهو يعتمد على خليط من الحقائق والخيال. قد يكون هناك بعض المبالغات أو التبسيط في تصوير بعض الأحداث والشخصيات، بما في ذلك شخصية إدواردو سافرين.
إدواردو سافرين يؤسس Aporta
واصل إدواردو سافرين تحقيق العديد من المشاريع التجارية الناجحة بعد تورطه مع فيسبوك. ومن بين الشركات الأخرى التي شارك في تأسيسها كانت Aporta، وهي بوابة تبرعات عبر الإنترنت تتيح للأشخاص التبرع بالمال لآلاف المنظمات غير الربحية المكسيكية عبر بطاقة الائتمان دون أي بيروقراطية. فيما أسس B Capital، وهي شركة رأس مال مغامر تدعم رواد الأعمال في مجال تكنولوجيا المعلومات.
كما استثمر في Jumio، وهي شركة تعمل على أتمتة عملية التحقق من الهوية عبر الإنترنت؛ ما يساعد على حماية العملاء من الاحتيال المحتمل وسرقة الهوية.
لم تنجح كل مشاريعه. مثل استثماره في Qwiki. وكانت شركة إنتاج فيديو آلية سمحت لمستخدميها بتحويل الصور ومقاطع الفيديو من لفة الكاميرا الخاصة بهم إلى أفلام يمكن مشاركتها عبر الإنترنت. لكن استحوذت عليها ياهو في يوليو 2013.
تخلي “سافرين” عن جنسيته الأمريكية عام 2011
أثار إدواردو سافرين؛ وهو مواطن برازيلي الأصل، جدلًا في عام 2011 عندما تخلى عن جنسيته الأمريكية. وكان يعيش بالفعل في سنغافورة منذ عام 2009 لكنه تخلى عن جنسيته الأمريكية قبل فترة وجيزة من إجراء فيسبوك طرحًا عامًا أوليًا.
ساعد ذلك سافرين على تجنب دفع 700 مليون دولار من ضرائب الأرباح الرأسمالية. وإذا عاد إلى البلاد سوف يتم إجباره على دفع الضرائب المتأخرة، وقد يتم فرض ضريبة بنسبة 30% على أي استثمار أمريكي مستقبلي له.
إبرام صفقات أولية بقيمة 140 مليون دولار
بعد أن حقق إدواردو سافرين ثروة طائلة من خلال مشاركته في تأسيس فيسبوك، لم يكتفِ بهذا الإنجاز بل توجه إلى عالم الاستثمار. وأسس سافرين شركة بي كابيتال (B Capital) والتي تركز بشكل أساسي على الاستثمار في الشركات الناشئة في جنوب شرق آسيا والهند.
لماذا يركز سافرين على هذه المناطق؟
النمو السريع: تتميز هذه الأسواق بنمو اقتصادي سريع وتزايد عدد السكان؛ ما يوفر فرصًا استثمارية واعدة.
الإمكانات الهائلة: يرى سافرين أن الشركات الناشئة في هذه المناطق تمتلك إمكانات هائلة للنمو والتوسع على المستوى العالمي.
الخبرة الشخصية: بعد تجربته الناجحة في فيسبوك، يمتلك سافرين الخبرة والمعرفة اللازمتين لتقييم الفرص الاستثمارية في هذا القطاع.
ما استراتيجية استثمار سافرين؟
التركيز على الشركات الناشئة: تستثمر بي كابيتال بشكل أساسي في الشركات الناشئة التي تعمل في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، والخدمات الرقمية.
الدعم الشامل: لا يقتصر دور بي كابيتال على تقديم التمويل المالي فقط، بل تقدم أيضًا الدعم الاستشاري والخبرات اللازمة لمساعدة الشركات على النمو والتوسع.
الاستثمار طويل الأجل: تعتمد بي كابيتال على استراتيجية الاستثمار طويل الأجل؛ حيث تبحث عن الشركات التي لديها القدرة على تحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.
بعض الأمثلة على استثمارات سافرين
على الرغم من أن قائمة الشركات التي استثمرت فيها بي كابيتال طويلة ومتنوعة، إلا أن بعض الأمثلة تشمل:
- شركات التكنولوجيا المالية: استثمرت بي كابيتال في العديد من الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية، والتي توفر حلولًا مبتكرة في مجالات الدفع الإلكتروني والإقراض الرقمي.
- شركات التجارة الإلكترونية: دعمت بي كابيتال العديد من منصات التجارة الإلكترونية التي تخدم الأسواق الناشئة، والتي تساعد في تسهيل التجارة الإلكترونية في هذه المناطق.
- شركات الخدمات الرقمية: استثمرت بي كابيتال في شركات تقدم خدمات رقمية مبتكرة، مثل منصات التعليم عبر الإنترنت ومنصات التسويق الرقمي.
لماذا يعد سافرين نموذجًا يحتذى به؟
النجاح المبكر: تمكن سافرين من تحقيق نجاح كبير في سن مبكرة؛ ما يجعله مصدر إلهام للشباب ورواد الأعمال.
التركيز على العطاء: لا يكتفي سافرين بتحقيق الثروة لنفسه، بل يسعى إلى استخدام ثروته لدعم الشركات الناشئة وتوفير فرص العمل.
الرؤية الاستراتيجية: يتميز سافرين برؤية استراتيجية واضحة؛ حيث يركز على الاستثمار في القطاعات التي يرى أنها ستشهد نموًا كبيرًا في المستقبل.
باختصار، إدواردو سافرين ليس مجرد أحد مؤسسي فيسبوك، بل هو أيضًا مستثمر ناجح يسعى إلى دعم الاقتصاد الرقمي في الأسواق الناشئة. وتساهم استثماراته في نمو هذه الأسواق، وتوفير فرص عمل جديدة.