ما أكثر مشتتات الانتباه في هذا العصر، غير أننا _وهنا تكون العثرة في أول خطوة_ عادة ما ننحي باللائمة على غيرنا، على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الأمور الأخرى، سوى أن هذه الأشياء لا تعدو كونها أدوات في أيدينا، ونحن من نُسلس لها، طواعية، قيادنا.
ما الأمر إذًا؟ إن «إدمان الإنترنت» كما يسميها مؤلف كتاب Deep Work ليست أكثر من عرض لمرض آخر وهو إدماننا الطوعي لـ مشتتات الانتباه تلك.
وما هو مدعاة للنظر في هذه المسألة أن مشتتات الانتباه تُعتبر كالقاتل الصامت، إنك تهدر يومك كاملًا في سفاسف وأمور لا طائل منها، ثم تعود أدراجك إلى المنزل وتسأل نفسك في نهاية اليوم: ما الذي أنجزته حقًا؟ والجواب الصادم: لا شيء، لم تفعل شيئًا رغم أن الإجهاد والتعب بلغ بك مبلغًا.
أبرز مشتتات الانتباه
وأملًا في الخروج من هذه الورطة، والاستمتاع بأوقاتك، وتحصيل النجاح في حياتك المهنية، سوف يرصد لك «رواد الأعمال» أبرز مشتتات الانتباه وذلك على النحو التالي..
اقرأ أيضًا: تنظيم الوقت.. الطريق إلى تحقيق النجاح
-
تعدد المهام
أشرنا في «رواد الأعمال» أكثر من مرة إلى أن تعدد المهام أحد أبرز أوهام هذا العصر؛ فما من أحد قادر على إدارة أو متابعة أمرين في ذات الوقت، كل ما هنالك أنك ستعدو بين أكثر من مهمة دون أن تنجز أيهما على النحو الأمثل، هذا إن استطعت إنجاز أي منهما من الأساس، وستشعر، رغم ذلك، بالتعب والإرهاق.
إن الدماغ البشري ليس مؤهلًا لهكذا مسألة، فـ «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه»، هذا علاوة على أنه (الدماغ البشري) ليس معدًا للعمل الكثيف بشكل متواصل؛ إذ لا بد أن تحصل على استراحة بين فينة وأخرى.
اقرأ أيضًا:
-
وسائل التواصل الاجتماعي
هذه واحدة من أشهر مشتتات الانتباه؛ إنه سحر العصر وأسطورته، وحق لك أن تعلم أنك وصانعو هذه المنصات والقائمون عليها في حال نزال حقيقي؛ فهم يريدون منك قضاء أكبر وقت في تصفحها وأنت _هذا إذا كنت واعيًا بخطورتها_ تحاول الحفاظ على وقتك والبعد عن كل مشتتات الانتباه.
نحن هنا أمام نموذج (paradigm) اقتصادي جديد يُسمى «اقتصاد الانتباه»؛ فالسلعة الأساسية الآن لم تعد وقتك وإنما انتباهك. ولو كنت جادًا حقًا في ملء حياتك بكل ما يكسوها معنى، ويسمح لك كما يقول «إميل سيوران» بـ «العيش بكثافة»، فكن عائشًا في الحياة الواقعية، لا على الشاشات، فما ذلك إلا فقاعة، ومضيعة للوقت.
اقرأ أيضًا: مهارات الاتصال وتوفير الوقت المهدر
-
التسويف والمماطلة
ليس الخلاص من هذه العادة السيئة بالأمر السهل، بل يحتاج الأمر إلى تدريب ومران طويلين متعمدين. ومن أسوأ تبعات التسويف أنه يشعرك بالضغط والثقل طوال الوقت، صحيح أنك أرجأت عملًا أو مهمة ما كسلًا منك أو تقاعسًا، لكن شعورك بالتقصير سيظل يطاردك، كما أنك ستضطر، في وقت ما، إلى أدائها، حين يكون هناك ما هو أهم منها، إنه مهمة عاجلة، لكن الأهم سيتم تأجيله، وهكذا ستظل أسير هذه الدوامة.
لكن على الناحية الأخرى، لو أنك قمت بما عليك فعله يومًا بيوم، من دون تأجيل أو تسويف، فستشعر بالإنجاز، وذاك حافز في حد ذاته، فضلًا عن أنك ستكون أقدر على العمل والتعامل مع الكثير من المهام والتحديات بهمة عالية وطموح كبير.
اقرأ أيضًا: 4 نصائح لتنظيم الوقت.. كيف تدير حياتك؟
-
عدم الاستيضاح
في العمل أو الحياة الشخصية من المهم أن تستفهم، قال ميلان كونديرا:
«السؤال هو جسر التواصل بين البشر».
كثيرون يأنفون بالطبع الاستيضاح أو طلب المساعدة، سوى أن هذا الكبر أحد أبرز مشتتات الانتباه ومضيعات الوقت، إذا أوكل إليك أمر ما ولم تفهم بالضبط ما هو مطلوب منك فلا داعي لكي تهدر وقتك في البحث عن الهدف، وإنما عليك أن تلجأ فورًا إلى طلب المساعدة؛ سيختصر ذلك الوقت اختصارًا، ويتيح لك الوصول إلى النتيجة المنشودة.
اقرأ أيضًا: فن تنظيم الوقت للمدراء الجدد
-
الثرثرة
لست أريد تجشم عناء البحث في أهمية العلاقات الاجتماعية، أو علاقات العمل على نحو خاص، فذاك مجال القول فيه مهيع متسع، وطبعًا هناك وجهات نظر متضاربة يضيق المُقام عن سردها، سوى أن ما يسعنا قوله: إن خير الأمور أوساطها.
فأنت بحاجة إلى التحدث والتواصل مع زملائك، لكن كن حريصًا على عدم الانزلاق في وهدة الثرثرة، لا تقضي يومك صامتًا، لكن، على الناحية الأخرى، لا تهدر وقتك في الثرثرة. والسبيل الذي أقترحه عليك لاتقاء الثرثرة هو التالي: عند كل حديث أو نقاش اسأل نفسك: ما الجدوى؟ إذا لم يكن ثمة هدف معتبر من الكلام فأمسك عليك لسانك.
اقرأ أيضًا:
تنظيم الوقت بدقة.. أسرار الالتزام بالجداول الزمنية
تقسيم الوقت.. 6 نصائح غير تقليدية
الحفاظ على التركيز في العمل.. سبل الابتعاد عن الإلهاء