تعد ريادة الأعمال قاطرة لنمو الاقتصاديات العالمية، وينتج عنها توفير وظائف عمل جديدة ومتنوعة، كما تعمل على تضييق رغبات الشباب في الهجرة للدول الأجنبية بحثاً عن فرصة للنجاح؛ وكذلك الحد من سرقة الكفاءات والعقول المبتكرة الشابة المصرية، وخلق فرص وظيفية تستوعب قدرات وإبداعات الشباب؛ ونظرا لأهمية ريادة الأعمال في مصر فقد أجرينا الحوار التالي مع المهندسة هدى دحروج مدير الصندوق المصري لتكنولوجيا المعلومات؛ وذلك للوقوف حول مستجدات ريادة الأعمال في مصر:
كيف ترين أهمية ريادة الأعمال لمصر في الوقت الحالي؟
كما تعلم أن مصر مرت بسنوات صعبة تتطلب جهداً كبيراً وإرادة وطنية من جميع أبناء الوطن للحاق بركب التقدم من خلال بناء مجتمع معرفي يعتمد على اقتصاد قوي لن يتحقق إلا بمنظومة متكاملة تقوم على ريادة أعمال تتميز بالإبداع والابتكار.
هل ترين أننا ماضون قدما في هذا الاتجاه؟
نعم فنحن بالفعل ماضون قدما في اتجاه تطوير ريادة الأعمال؛ بدليل تبني الدولة في الخطة القومية لسياسات وبرامج شجعت قيام عديد من المبادرات التي تساعد على تعزيز روح ريادة الأعمال بين الشباب، خاصة طلاب الجامعات ودعم الأفكار المبتكرة بمختلف المجالات العلمية والتقنية، وتحويلها إلى مشاريع قابلة للتطبيق وقادرة على التأثير إيجابا في مستقبل المجتمعات.
هذا وقد جاء تقرير ريادة الأعمال الصادر عن البنك الدولي عام 2014م مواتيا لذلك بتخطي مصر 60 دولة، لتصل إلى المرتبة الـ128 في دعم ريادة الأعمال، نتيجة لجهود الحكومة المصرية لتحسين ترتيب مصر من خلال عديد من الإجراءات حسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2014-2015م ومن أهمها:
إنشاء مركز لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء صندوق لدعم ريادة الأعمال، ومراكز ريادات الأعمال المتخصصة في تقديم الخدمات القانونية والاستشارية الفنية مجانا، وبدء مشروع التأسيس الإليكتروني للشركات، وتشجيع البنوك الاستثمارية والتجارية على تمويل ودعم المشروعات الاستثمارية الكبرى وتوفير الدعم اللازم للمشروعات المتوسطة والصغيرة.
ولكننا في حاجة مُلحة الآن إلى تحقيق التواصل والتكامل بين جميع الجهات المعنية بنجاح برامج ريادة الأعمال بمصر من مؤسسات حكومية، ومجتمع مدني وقطاع خاص من خلال خريطة واحدة تشمل تحديد الفرص وتدريب الرواد الطموحين، وتأمين استمراريتهم بتقديم الدعم اللازم سواء بالمساعدة في التمويل أو بتيسير التشريعات والسياسات المتعلقة بالريادة والابتكار والإبداع، مع إبراز التجارب والقصص الناجحة في هذا المجال بمصر.
تكنولوجيا المعلومات.. أحد وجوه ريادة الأعمال المهمة.. كيف ترين واقع هذا ومستقبله في مصر؟
أعتقد أن الجميع الآن يدرك أهمية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دعم الاقتصاد المصري، خاصة بعد تطور تقنيات وتكنولوجيا المحمول والإنترنت والتعهيد في مصر، وهذا يتطلب فورا المضي قدما في مجال الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال؛ للحفاظ على معدلات النمو القوية التي حققناها في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واغتنام فرصة ما يتوفر لمصر الآن من استقرار وبنية أساسية وموارد بشرية مدفوعة ببرامج التنمية البشرية التي تتبناها وتقودها وزارة الاتصالات المتمثلة في هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا ومركز الإبداع التكنولوجي والحضانات والصندوق المصري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومعهد تكنولوجيا المعلومات وبرامج التنمية البشرية.
يلعب “الصندوق المصري لتكنولوجيا المعلومات” دورا كبيرا في دعم ريادة الأعمال والابتكار في مصر، ما هذا الدور؟ وما الجديد فيه؟
بالطبع الدور كبير كما أشرت، فهدفنا الأساسي توفير بيئة عمل تنافسية وبيئة ملائمة لريادة الأعمال من خلال وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ وذلك من خلال: إقامة المسابقات لتحفيز الشباب على بدء مشروعاتهم ذات التأثير الاقتصادي والاجتماعي، وتأهيل كوادر ومدربين داخل الجمعيات الأهلية ونوادي تكنولوجيا المعلومات ومراكز الشباب، وبناء قدرات رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، التشبيك والمساعدة على إقامة شراكات بين أصحاب المشروعات ورواد الأعمال، تقديم الدعم الفني والتقني للجمعيات الأهلية ورواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
ماذا عن برنامج حزم للتعليم الذاتي لريادة الأعمال؟ وما مدى نجاحه؟
الصندوق المصري يقدم ثلاث حزم للتعليم الذاتي لريادة الأعمال مقسمة كالآتي:
القسم الأول خاص بأساسيات الحاسب الآلي وتشمل: (مقدمة في الحاسب الآلي، نظام التشغيل ويندوز7، برنامج معالج النصوص، برنامج الجداول والمعادلات الحسابية، برنامج العروض التقديمية، الإنترنت وإدارة البريد الإلكتروني).
القسم الثاني خاص بتطوير المشروعات (فكرة المشروع، إدارة وتخطيط الأعمال، المحاسبة المالية، عمليات الشراء ومراقبة المخزون، إدارة العمليات، البيع والتسويق، الموارد البشرية).
القسم الثالث خاص بريادة الأعمال (تحديد الفكرة، بدء الأعمال التنموية التجارية، متابعة وتحسين العمل، الاستدامة).
ما أهم البرامج التي تقدمونها لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟
الصندوق يقدم برامج للتعاون مع الجمعيات الأهلية واختيار المدربين والمتدربين من أصحاب المشروعات ورواد الأعمال، وتوجد برامج لبناء القدرات من خلال تدريب المدربين والمتدربين، وبرامج الدعم والتسويق، وبرامج تقديم الدعم والإرشاد لأصحاب المشروعات ورواد الأعمال، خاصة في مجال دعم التسويق الإلكتروني، وكذلك المساعدة على إقامة شراكات جديدة.
مسابقة “طموح” أحد المسابقات المهمة التي جذبت الشباب لريادة الأعمال.. ما أهميتها؟ وما الجديد فيها؟
تم إطلاق مسابقة طموح لثلاث سنوات بالتعاون بين الصندوق المصري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والحكومة اليابانية ووزارة الشباب على التوالي؛ بهدف تحفيز الشباب لبدء مشروعات ذات تأثير اجتماعي باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتتمثل المرحلة الأولى من المسابقة في القيام بإجراءات تسجيل المتسابقين وملء نموذج المسابقة، أما المرحلة الثانية تشمل التحكيم، وإقامة ورش العمل للتعريف بمشروعات الريادة الاجتماعية وكيفية إعداد خطة العمل، أما المرحلة الثالثة فتتضمن استقبال خطة عمل المشروع، وعمل عروض تقديمية للمتسابقين، وأيضا التحكيم للمرحلة النهائية، وإعلان الفائزين وتوزيع الجوائز.
ويعتمد التحكيم على التميز والابتكار في فكرة المشروع، الصفات الريادية للمشروع، التأثير الاجتماعي للمشروع، فرص الاستدامة، قابلية المشروع للتوسع والنمو، دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ما الصعوبات – التي ترونها من وجهة نظركم – تعوق تقدم ريادة الأعمال في مصر وكيفية التغلب عليها؟
الصعوبات كثيرة منها عدم تفعيل نظم التجارة الإليكترونية في مصر بشكل موائم للعصر حتى الآن سواء للشراء أو البيع؛ ما يحول دون نمو رواد الأعمال والمبادرين والقدرة على المنافسة الإقليمية والدولية أيضا، كذلك ندرة الإحصائيات والمعلومات والدراسات السوقية والتنموية المهمة لتطوير الصناعة والخدمات؛ ما يُصعّب الأمر على المبادرين في خلق فرص حقيقية قائمة على معطيات سليمة وواقعية.
كذلك صعوبة الإجراءات والتشريعات والسياسات الخاصة بتسهيل إنشاء المشروعات الصغيرة والريادية، والتغلب عليها يمكن أن يتم بتخصيص جهة واحدة لدعم كل أصحاب المشروعات الصغيرة والأفكار الابتكارية والريادية في كل المجالات، ولكل فئات المجتمع بمراحله العمرية المختلفة أيضا، تعمل على تسهيل التدريبات المناسبة وتذليل كل إجراءات وعقبات إنشاء المشروعات الريادية وتقديم استثناءات حقيقية من خفض رسوم وغيرها، إضافة إلى دعم هذه المشروعات بفتح أسواق جديدة والعمل على دعم صادراتها في الأسواق الإقليمية والدولية.
أحد المعضلات التي لم نتجاوزها حتى الآن هي ربط التعليم بسوق العمل، فما رأيكم؟
هناك ضرورة حتمية لربط التعليم بسوق العمل.. فالعالم يشهد الآن تطورات وتغيرات هائلة في كل الميادين؛ ولهذا نعمل دائما على تطوير كل جديد في الأساليب والمناهج المتعلقة بأحدث طرق التعلم الإليكتروني والتعلم عن بعد، وكذلك التعليم الحر وهو ما يقع أيضا على كاهل المؤسسات التعليمية التي صار لزاما عليها أن تطور من مناهجها وأساليبها التعليمية للإسهام بشكل فاعل في بناء الإنسان وإعداده وربطه بتلك المتغيرات.
فأكثر المشكلات التي تعانيها نظم التعليم في مصر والعالم تتعلق بعدم قدرتها على إعداد الإنسان لمواجهة احتياجات سوق العمل.
وما زالت مصر ودول كثيرة تعاني مشكلة البطالة بين المتعلمين نتيجة الزيادة العالية في أعداد طلاب المؤهلات العليا، وكذلك فقدان القوى العاملة المهنية المُدربة، فلك أن تدرك مثلا أن الطبيب أو المهندس يرضى بوظيفة عمل كتابي أو إداري! ظاهرة لها نتائج اجتماعية سلبية انعكست على عديد من الشباب بالإحباط واللامبالاة أحيانا.
وأرى أنه لا بد من تفعيل دور الإعلام الجماهيري لتوعية المجتمع بضرورة الاختيار الجيد للتخصصات التي قد يتوافر لها مجالات عمل مستقبلا مهنيا واقتصاديا. فما فائدة الأعداد الغفيرة من القانونيين والمحاسبين والأطباء والطيارين في ظل التطور التكنولوجي الهائل الآن دون تطوير مهاراتهم الفنية وتأهيلهم لمواكبة هذه المتغيرات.
معظم الشباب يشكون من نقص فرص العمل ونقص الدعم، فما رأيكم؟
هذا حقيقي، ولكن هنا يأتي الدور الأساسي لوسائل الإعلام، في نشر ثقافة ريادة الأعمال وتوعية الشباب بأهمية إقامة المشروعات الخاصة من خلال عقد ندوات وحوارات في مختلف وسائل الإعلام في ضوء شراكة بين المهتمين بريادة الأعمال ووزارتي التعليم والتعليم العالي ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة.
ما نصائحكم لشباب المبدعين والمبتكرين؟
نصيحتي لكل شاب في كلمة واحدة: “ابدأ”، ادرس ما حولك من معطيات وابحث عن الفرص العملية فيها، ابذل ما تستطيع من وقت وجهد ومال، فكر خارج الصندوق، ابدع، لا تخش من المخاطر طالما قمت بدراسة وتخطيط أهدافك ومواردك البشرية والمهنية الخاصة بمشروعك جيدا.