في الوقت الذي بادرت فيه الحكومة السعودية بتسخير إمكانياتها لتذليل الصعاب لمعالجة تداعيات الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا، وتأثيراتها على كافة الأصعدة، ومنها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ بإطلاق مبادرات، شملت العديد من مؤسسات القطاع الخاص؛ لتخفيف وطأة الجائحة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الغرق في دوامة الخسارة، إلا أننا شاهدنا شركات، مارست نظرية الهروب إلى الهاوية، والاستسلام سريعًا، فمنها من سرح كوادره، ومنها من أغلق النشاط نهائيًّا، ومنها من أوشك على الإفلاس.
وهذا بلاشك خطأ إداري بحت، ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكمية لأخطاء مارستها الشركات؛ بالعمل في ظلِّ الأمان؛ ما جعلها تتهاون في بناء استراتيجيات إدارية ومالية؛ بهدف تجنُّب مثل هذه الأزمات، والإبقاء على المنطقة الآمنة، في ظلِّ فقد التدفُّق النقدي والسيولة.
ولسنا في مقام جلد للذات أو التوبيخ، بل هي صفعة لتوقظك!
وهنا وقفة بعيدة عن التنظير، بعيدة عن الفلسفة الإدارية، لماذا تعيش الشركات الأزمة كالمريض الذي ينتظر ساعة موته؟! لماذا لا تبادر بتغيير نموذج عملها؛ لتتواكب مع تداعيات الأزمة فتتحول إلى العمل الرقميّ مثلًا؟
من وجهة نظري لا ترفع الراية البيضاء سريعًا إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون نشاطك فعلًا غير مجدٍ ماليًّا قبل الجائحة؛ فهنا فعلًا بادر بالإغلاق الكلي.
أما ما سوى ذلك فالمفترض دراسة الواقع؛ لتحول الأزمة إلى فرصة، والمحنة إلى منحة، واصنع من المشكلات حلولًا ونجاحات؛ بالاستفادة من المعطيات الممكنة لنشاطك..
وحتى لا تفقد الشركات الأخرى- التي صمدت في البداية- يجب التعلم السريع من المتضررين، والعمل على الحلول، ومنها:
- تحوّل وبسرعة للبيع إلكترونيًّا، لا سيَّما وأن الجائحة قد تطول، لا تبنِ آمالًا على ضباب، وبادر قبل أن تتلقى خسائر أكبر، فحصتك السوقية في البيع الإلكتروني لا تزال موجودة، فلا تفقدها.
- غير نموذج العمل لديك، بما يتناسب مع الإمكانيات المتاحة.
- ارفع سقف التأهُّب بالبحث عن بدائل سريعة لخدمات الإمداد، التوريد، التوصيل، التخزين.
- استفد من الكوادر، فنجاحك مبنيٌّ على استمرارهم معك، والاستفادة منهم للخروج من هذه الأزمة بحلول إبداعية.
- قُم بالتحوُّل التقني لكافة العمليات الإدارية والتشغيلية.
ومن المفارقات التي شاهدناها في هذه الأزمة، استغلال الأزمة من بعض الأنشطة المشابهة، بالخروج بأفكار إبداعية؛ مثل: بوكس الشواء، بيتزا غير مطهية، وفي المقابل استسلم بعض المنافسين لتلك الأنشطة للأزمة، وكأنهم اقتنعوا بالنقص الحادِّ للمبيعات.
اقرأ أيضًا:
المقومات التسعة لشخصية رائد الأعمال