باعتبارها عصب النمو الاقتصادي ومحرك الابتكار لا يمكن للمؤسسات أن تترك مصير مشاريعها للصدفة. ففي بيئة الأعمال التنافسية اليوم أصبح قياس أداء المشاريع ضرورة حتمية لضمان تحقيق الأهداف المحددة وتجاوز التحديات المحتملة.
هذا القياس المنهجي يمكّن القادة وصناع القرار من اتخاذ خطوات استباقية وتصحيحية؛ ما يعزز من فرص نجاح المشاريع واستدامتها على المدى الطويل.
وفي إطار سعيها المستمر نحو تحقيق أفضل النتائج تعتمد المؤسسات، وفقًا لكلية هارفارد للأعمال، على مجموعة من المؤشرات الحيوية لتقييم أداء المشاريع.
تلك المؤشرات لا تقتصر على الجوانب المالية فحسب، بل تشمل أيضًا إدارة الموارد، ورضا العملاء، وصحة المشروع. وكفاءة العمليات، وأداء محفظة المشاريع بشكل عام.
علاوة على ذلك يمثل قياس أداء المشاريع عملية شاملة تقدم صورة متكاملة عن كيفية تقييم نجاح المشاريع وإدارتها بفعالية.
الأداء المالي والجدولي
يعد تقييم الجانب المالي والجدولي للمشروع حجر الزاوية في أي عملية تقييم شاملة. هذا التقييم يمكّن المؤسسات من فهم مدى التزام المشروع بالموارد المخصصة له.
من ناحية أخرى تبرز مؤشرات، مثل: عائد الاستثمار (ROI)، الذي يحدد مدى ربحية المشروع. بالإضافة إلى القيمة المكتسبة (Earned Value)، التي تقيس التقدم الفعلي للمشروع مقابل التكاليف المتكبدة.
كذلك يعد مؤشر أداء التكلفة (CPI) ومؤشر تباين التكلفة (CV) أدوات حاسمة لتقييم الكفاءة المالية؛ حيث يظهران ما إذا كان المشروع يسير في حدود الميزانية المحددة.
في حين يقدم تباين الجدول الزمني (SV) مؤشرًا واضحًا على مدى التزام المشروع بالجدول الزمني المحدد. وهو ما يساعد على تحديد أي تأخير محتمل في مراحله المختلفة.
إدارة الموارد وجودة الأداء
تشكّل الإدارة الفعالة للموارد عاملًا حاسمًا في نجاح أي مشروع. ومن أبرز المؤشرات المستخدمة في هذا الصدد معدل استغلال الموارد الذي يقيس كفاءة استخدام الموظفين والأصول المتاحة.
بينما يقدم تباين تكلفة الموارد (Resource Cost Variance) وتَباين جهد الموارد (Resource Effort Variance) صورة مفصلة عن مدى التزام المشروع بالميزانية المخصصة للموارد.
وبالإضافة إلى ذلك يعد رضا العملاء والجودة جانبًا لا يقل أهمية عن الجانب المالي. ويقاس هذا الجانب من خلال مؤشر رضا العملاء (CSAT) الذي يقيّم مدى تلبية المشروع لتوقعات العملاء. ومؤشر الجودة الذي يحدد مستوى المنتجات أو الخدمات المقدمة.
كما أن كثافة العيوب (Defect Density) تعطي إشارة واضحة إلى مدى الالتزام بمعايير الجودة. ما يساهم في تحسين المنتج النهائي.
مؤشرات صحة المشروع وكفاءة العمليات
يقدم مقياس صحة المشروع صورة عن الحالة العامة للمشروع وقدرته على الاستمرار. وتشمل مؤشراته: حجم طلبات التغيير التي تظهر مدى استقرار متطلبات المشروع، وإدارة طلبات التغيير التي تعبر عن فاعلية التعامل مع التعديلات.
فيما تقاس صحة المشروع بمشاركة الأطراف المعنية (Stakeholder Engagement) ودرجة تعرض المشروع للمخاطر (Risk Exposure).
وعلى صعيد كفاءة العملية تركز هذه المؤشرات على مدى فاعلية سير العمليات داخل المشروع. من أبرزها: تباين تاريخ البدء (Start Date Variance) الذي يحدد مدى الالتزام بالجدول الزمني الأولي.
كما يقدم مؤشر استقرار المتطلبات (Requirements Stability Index) نظرة على مدى التغير في متطلبات المشروع. بينما يعطي زمن الدورة (Cycle Time) مؤشرًا على سرعة إنجاز المهام.
أداء المحفظة والمؤشرات الختامية
عادةً ما تستخدم مؤشرات أداء محفظة المشاريع لتقييم أداء مجموعة من المشاريع ككل. ما يمكّن الإدارة العليا من اتخاذ قرارات إستراتيجية مبنية على بيانات موثوقة.
ومن أبرز هذه المؤشرات: النسبة المئوية للتسليم في الموعد المحدد (On-Time Delivery Percentage) ومعدل نجاح المشروع (Project Success Rate) الذي يعطي صورة عامة عن فاعلية المشاريع.
وفي السياق ذاته تقاس فاعلية المحفظة أيضًا من خلال النسبة المئوية للمشاريع التي تم تسليمها في حدود الميزانية، ومعدل إنجاز المشروع.
بينما يعد عدد المشاريع الملغاة والمشاريع المكتملة مقابل المشاريع الملغاة خلال فترة زمنية محددة مؤشرات حاسمة تظهر مدى كفاءة إدارة المحفظة. وتخصيص الموارد بشكل صحيح.
حجر الزاوية لتحقيق النجاح والاستدامة
في ختام هذا الطرح يتبين أن قياس أداء المشاريع ليس مجرد عملية روتينية، بل هو حجر الزاوية لتحقيق النجاح والاستدامة في عالم الأعمال.
وبالتالي فإن تبني منهجية شاملة لتقييم المشاريع، تشمل: الجوانب المالية، وإدارة الموارد، والجودة، وصحة المشروع، يمكّن المؤسسات من اتخاذ قرارات مدروسة وتصحيح المسار في الوقت المناسب.
وهكذا تصبح هذه المؤشرات بوصلة حقيقية تقود المؤسسات نحو تحقيق أهدافها، وتعزز قدرتها على الابتكار وتجاوز التحديات. بما يضمن لها مكانة تنافسية قوية في السوق.




