توجه خلال السنوات الأخيرة، كثير من الشباب إلى ريادة الأعمال؛ بافتتاح مشاريع خاصة عوضًا عن الوظيفة، منهم رائد الأعمال الشاب عبد الرحمن العقيل، الذي بدأ من الصفر، ولم يعتمد على ثراء والده؛ حتى أصبح الآن يمتلك مصنع أثاث، ويسعى لتأسيس آخر؛ حيث نلتقيه في هذا الحوار للوقوف على تجربته الناجحة..
* ماذا عن دراستك الجامعية، وكيف كانت بدايتك مع التجارة ؟
درست علاقات عامة وإعلام، ولكنني أحببت العمل التجاري منذ صغري، فكنت أبيع التمر والحلويات أمام المساجد بالرغم من ثراء والدي الذي كان يمتلك شركة، لكنه هو من حبَّب إلي العمل، فقد كان حريصًا على أن نعمل منذ سن مبكرة، فكان يعطينا في الصيفية ألف ريال لشراء سلعة وبيعها، وعندما تنتهي الصيفية، كان يطالبنا برد رأس المال “الألف ريال” بعد أن نكون قد حققنا منها أرباحًا. وإلى الآن، لا يزال يتبع نفس الأسلوب مع إخوتي الصغار.
حوار- عبد الله القطان
مساعد للمدير
*كم كان عمرك حينها، وما أثر تلك الفترة عليك الآن بعد أن أصبح لك مشروعك الخاص؟
– كان عمري أربعة عشر عامًا ، وبعد أن أكملت الصف الأول الثانوي عملت مع والدي في إحدى شركاته في مجال المقاولات والعقارات والمفروشات، ووضعني في المعرض. وطبعًا بعد إكمال الثانوية كان طريقي معروفًا؛ وهو العمل مع والدي أثناء دراستي الجامعية. في البداية كنت أجادله وأقول له: أنت تحرمني من الخروج مع أصدقائي، فكان الشباب في تلك السن يخرجون للبر والمؤانسة، بينما كنت أذهب للعمل بالشركة بعد عودتي من الجامعة.
في البداية، كان عملي في الإدارة وعندما رأى والدي احتجاجي، حولني للعمل بالمعرض كمساعد للمدير، واستمر هذا الوضع حتى تخرجت في الجامعة، وبحمد الله وجدت نفسي في العمل.
500 ريال
*وهل كان يعطيك راتبًا ثابتًا؟
في الأشهر الستة الأولى، كان يعطيني مصروفي فقط، حوالي 10 ريالات في اليوم، ثم رفعها بعد خمسة أشهر إلى 500 ريال، ثم بعدها بستة أشهر زادت إلى ألف ريال. وفي العام 2001 افتتح معرضًا جديدًا للأثاث جعلني فيه مسؤولًا عن المشتريات، فكنت أسافر إلى الصين لجلب الأثاث. وفي أول رحلة للصين، جلبت معي مائة حاوية، وكان عمري حينها 22 عامًا، لكن تمكنت من تحملها بمعاونة والدي وأخي الأكبر.
العلاقات العامة والإعلام
*لماذا اخترت دراسة العلاقات العامة والإعلام؟
– أنا بطبعي إنسان اجتماعي، وجميعنا يحتاج إلى العلاقات العامة في حياته اليومية.
ومع ذلك، ما تعلمته في الجامعة شيء، والواقع العملي شيء آخر، فالحياة أوسع بكثير؛ لأنك تواجه فيها كل أصناف البشر وتتعلم منهم، وعندما كنت أعمل بالمعارض كنت أواجه مختلف الثقافات والناس.
بيئة السوق
*هل استفدت من فترة عملك مع والدك في فهم بيئة السوق، وماهي الصعوبات التي واجهتك؟
– بالتأكيد، استفدت منها كثيرًا، أما عن الصعوبات فكانت كثيرة، فقد حاربني كثيرون؛ لأنني كنت أصغر تاجر بالسوق. وعندما كنت أذهب للمصانع للاتفاق معهم، كان بعضهم يتساءلون باستغراب: من الذي سيتفق معنا؟، وكيف سنوقع معك العقود؟، لكن اسطعت بجديتي أن أثبت وجودي في السوق.
بدأت من الصفر
*هل والدك هو من أسس لك المصنع؟
– لا، كنت أعمل معه لغاية العام 2013 وكان عمري 24 عامًا، حين افتتحت ورشة صغيرة متخصصة في عمل الكنب، مساحتها 380 مترًا مربعًا، ثم تركتها بعد عام، لافتتاح مصنعي في العام 2014. بالتأكيد وقفة والدي معي دفعتني للأمام، ولكن ماليًا بدأت الورشة، ثم هذا المصنع من الصفر. والآن يدخل المصنع عامه الرابع. وبفضل الله، اشتريت أرضًا مساحتها 11 ألف متر لتشييد مصنع جديد العام المقبل.
*ألم تأخذ تمويلًا من أية جهة رسمية؟
– لم يحدث، ولكن قد ألجأ إلى ذلك عند إنشاء المصنع الجديد.
أين الشباب؟
*كيف ترى السوق السعودي مفتوحًا أمام الشباب ليحققوا آمالهم ومشاريعهم؟
– السوق السعودي حافل بالفرص، ومفتوح أمام الشباب ليحققوا النجاح المأمول، فقد وفرت لهم الدولة كل شيء، ودعمتهم. ولكن أين هم الشباب؟، فمَن مِنهم وهو في سن 24 سنة ويتحمل اقتراض مليون ريال مثلاً لتأسيس مشروع استثماري، فالمسألة تحتاج أن يكون قويًا، ويخلق علاقات واسعة وسط التجار؛ حتى يكسب ثقتهم.
الآلات بديلًا
*هل يعمل معك في مصنعك شباب سعوديون؟
– بحثت عن الشباب ليعملوا معي، ولكن لم أجدهم، فتواصلت مع كلية التقنية لطلب نجارين للعمل معي بالمصنع فقالوا لي: للأسف لم يتقدم إلينا أحد لدراسة النجارة، ثم اتصلت بالمعهد الصناعي التابع للدولة، فوجدت نفس الإجابة، يوجد قسم للنجارة ولكن لا يتقدم إليه أحد، فلجأت للحل الأخير أمامي وهو أن أعتمد في المصنع بالكامل على الآلات فقط (FULL OTOMATIK).
*أيهما أفضل وأقل تكلفة، الأثاث المستورد أم الذي تصنعونه ؟
– لماذا أستورد من الصين مثلًا، وأنا قادر على صناعة الصيني والإسباني والتركي والإيطالي وكل أنواع الأثاث بذات الجودة وأفضل؟!. أفكر في الفترة القادمة في تأسيس مصنع خشب حتى يصبح الخام والإنتاج محليًا؛ أما بالنسبة للتكلفة، فتتوقف على نوع المنتج ومقدرة المشتري وطلبه.
وأؤكد أن الغالبية يفضلون الصناعة الوطنية ويقبلون عليها أكثر من المستورد؛ لذا ننفذ عددًا من المشاريع منها حوالي 17 مدينة سكنية خارج الرياض، كما نفذنا أكثر من 140 موقعًا من شقق مفروشة وفنادق وشاليهات، جميعها بمنتجاتنا الوطنية من الأثاث والأخشاب.