عندما يسلط أحد رواد الذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف في ظل الـAI، فاعلم أن الموضوع سيكون محط جدلًا واسعًا. في حين يتهرب البعض من الرد على سؤال: ماذا لو قضى الذكاء الاصطناعي على ملايين الوظائف البشرية؟
وكما هو معتاد، يعود التصريح ،هذه المرة، إلى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي، حيث كثيرًا ما حذر من خطر قضاء الـAI على الوظائف البشرية.
كذلك أثار ألتمان فكرة جدلية خلال مقابلة على هامش مؤتمر DevDay هذا الأسبوع،قائلا: “ربما الوظائف التي يهدد الذكاء الاصطناعي بقائها ليست عملاً حقيقياً من الأساس”.
كما أضاف أن عصر الذكاء الاصطناعي شهد زوال عدد ضخم من وظائف المعرفة دون استبالها بوظائف أخرى. ما يشير إلى أن مستقبل الإقتصاد لا يزال غامضًا مثلما كان الإنترنت شيء مجهول في بداية ظهوره.
وجدير بالذكر أن هذه الفكرة جاءت كجزء من حواره مع الصحفي روان تشيونغ، الذي شبه الموقف الحالي بوجهة نظر مزارع قبل خمسين عامًا لو أخبرته أن الإنترنت سيوفر مليار وظيفة جديدة.
بينما التقط ألتمان التشبيه بالمزارع ليثبت صحة رؤيته. قائلًا: “من المرجح أن ينظر ذلك المزارع إليك وإلي ويقول: ما تفعلانه ليس عملاً حقيقيًا”.
أيضًا، أوضح ألتمان أن هذا يجعله “أقل قلقاً من بعض الزوايا، وأكثر قلقاً من زاويا أخرى”. مضيفًا: “حين تكون مزارعًا، فأنت تفعل شيئًا يحتاجه الناس فعلًا . هذا هو العمل الحقيقي”.
واستكمل حواره قائلًا:”أما نحن فنبدو كمن يلعب لعبة لملء وقته، كذلك، لا نؤدي عملًا حقيقيًا”، كما أضاف قائلًا: “بالتأكيد أنه لو استطعنا أن نرى وظائف المستقبل، سنعتقد أن وظائفنا الحالية لم تكن حقيقية مثل عمل المزارع. لكنها تظل أكثر واقعية من الألعاب التي سيقضي الناس وقتهم فيها لاحقاً لمجرد التسلية”.
من ناحية أخرى، يرى ألتمان أن الوظائف تتغير بمرور الزمن. لذا لا داعي للقلق بشأن اختفاء الوظائف الحالية، لأن التطور الطبيعي سينتج أقسام جديدة من الوظائف البشرية.
كما اختتم حديثه قائلاً: “أنا مستعد تماماً لأن أراهن على دافع الإنسان للبقاء والإبداع كما هو. كما أظن أن سيكون هناك شيئاً نفعله”.
كذلك، أثارت تصريحاته جدلًا واسع النطاق حول تأثير الذكاء الاصطناعي، وطبيعة العمل في عصر الأتمتة، ومستقبل الوظائف البشرية في ظل شركات تبني أنظمة قد تعيد تعريف مفهوم العمل الناجح نفسه.
الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي..توجه عالمي لاعتماد الأتمتة في الوظائف البشرية
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر “أوبن أيه آي” نتاج حزمة من الاستثمارات والصفقات الضخمة. وخلال الشهر الماضي، وقعت الشركة صفقة بقيمة 100 مليار دولار مع “إنفيديا” لتوسيع البنية التحتية الرقمية لمراكز البيانات من خلال شرائحها المتقدمة.
كما، أعلنت “أوبن أيه آي” شراء معدات بمليارات الدولارات من شركة AMD المنافسة لإنفيديا، ما وضعها في قائمة المنافسين لعملاق الرقائق الإلكترونية الأمريكية.
من ناحية أخرى، استثمرت مايكروسوفت وأوراكل مئات المليارات في مشروعات مرتبطة بـ OpenAI. من أهمها، مشروع Stargate الضخم في تكساس. الممول بالشراكة مع SoftBank اليابانية، والذي تم الإعلان عنه في البيت الأبيض خلال الأسبوع الأول من رئاسة دونالد ترامب.
كذلك، تملك إنفيديا حصة في شركة CoreWeave، التي توفر لـ أوبن أيه آي بنية تحتية هائلة لمعالجة البيانات. كما يرى بعض المحللين أن هذه الصفقات المعقدة قد تؤدي إلى تشويش الصورة الحقيقية للطلب على الذكاء الاصطناعي. وهو ما يسمى بـ”التمويل الدائري” أي أن الشركات تمول عملاءها لشراء منتجاتها الخاصة.
مخاوف وتحذيرات
وفي السياق ذاته، قال ألتمان “نعم، هذه الصفقات غير مسبوقة، لكن أيضًا معدلات نمو الإيرادات التي نشهدها غير مسبوقة”.
ورغم المخاوف والتحذيرات، يشير البعض إلى أن حتى الاستثمارات الزائدة تودي بنتائج فعالة. حيث يرى جيف بودييه من منصة Hugging Face أنه على الرغم من وجود خطر مالي، فإن النتيجة ستمكن جيل جديد من الابتكارات والتجارب غير المتوقعة اليوم.
علاوة على ذلك، يحذر محللون من أن السيولة الاستثمارية بدأت تتراجع. ويقول ريهارد يارك، مؤسس نشرة UncoverAlpha:”تبدو إنفيديا اليوم وكأنها آخر المستثمرين الكبار القادرين على ضخ 100 مليار دولار في شركة واحدة. ولكن يظل السؤال: من التالي؟”.
كذلك، تبدو صناعة الذكاء الاصطناعي اليوم وكأنها تسير على خيط رفيع بين الابتكار الحقيقي والمخاطرة المالية المفرطة.
وبينما يصر سام ألتمان على أن ما يحدث حقيقي. يرى آخرون أن التاريخ يعيد نفسه مع ظهور كل فقاعة تكنولوجية.
المقال الأصلي: من هنـا



