لعل إحدى فضائل فيروس كورونا أنه لفت أنظار العالم إلى أهمية الممارسات الاجتماعية، وأن جميعنا (سكان كوكب الأرض) معرضون لنفس الخطر، وعلينا أن نتكاتف لدرء المخاطر، ومن ثم تأتي وجاهة طرح موضوع تفعيل المسؤولية الاجتماعية؛ خاصة أن كثيرًا من رواد الأعمال يريدون أن يضربوا بسهم في هذا الباب أو تكون لهم مساهمة فيه.
لم يعد الأمر متعلقًا بالبحث عن المنافع التي يمكن جنيها من جراء تفعيل المسؤولية الاجتماعية _أسهبنا نحن في «رواد الأعمال» في بسط هذه المنافع_ وإنما شهدنا انزياحًا من البعد الاقتصادي إلى الانشغال الأخلاقي؛ فكثيرون الآن يريدون تفعيل المسؤولية الاجتماعية؛ نظرًا لاستشعارهم أخلاقية هذه المشاركة الاجتماعية.
آليات تفعيل المسؤولية الاجتماعية
لكن السؤال الآن هو: كيفية تفعيل المسؤولية الاجتماعية؟ إليك الجواب..
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية لدى ماكدونالدز
-
الهدف والرسالة
أول ما عليك فعله فيما يتعلق بـ تفعيل المسؤولية الاجتماعية هو أن تعرف ما هي الرسالة التي تود أن إيصالها من خلال ممارساتك الاجتماعية، ثم، في مرحلة تالية، أن تحدد أهدافك بدقة، ليس من الصواب أن تهاجم أهدافًا كبيرة، وبشكل عشوائي، وإنما أن تركز على ما تستطيع فعله، ويمكنك إنجازه.
والمهم هنا إدراك أن أهدافك يجب أن تسير في اتجاهين: أولًا أن تكون ذات جدوى من الناحية الاقتصادية لمؤسستك، فتعمل على جذب العملاء لديك، وأن تكون، ثانيًا، هذه الأهداف ذات أثر اجتماعي إيجابي، ويا حبذا لو انطوت أيضًا على بُعد أخلاقي.
وليس من المستغرب أن يكون هذين البعدين يقودان إلى بعضهما، فالبعد الأخلاقي للأهداف يؤدي حصرًا إلى أثر اقتصادي جيد، فعلى سبيل المثال، إذا تبنت المؤسسة قضية أخلاقية أو ذات بعد اجتماعي فالمؤكد أن ذلك سينعكس على جذب العملاء ومعدلات المبيعات وما إلى ذلك.
اقرأ أيضًا: نمو المسؤولية الاجتماعية.. الضمير كرقيب داخلي
-
إشراك العملاء
إذا كنت حددت الهدف والرسالة لمؤسستك _وهي الخطوة الأولى على صعيد تفعيل المسؤولية الاجتماعية_ فإن الخطوة التالية هي إشراك العملاء في ذلك؛ فأنت، على أي حال، مطالب بإخبار عملائك بما أنت منخرط في خدمته من قضايا، كما أن عليك، على الناحية الأخرى، أن تسوّق لهذه القضية أو تلك.
ولكن، يمكنك أن تقوم بهذه الخطوة على نحو أبكر، بمعنى أن تسأل عملاءك عن نوعية القضايا التي يرغبون منك في خدمتها، سوى أن هذا أمر صعب من جهة ما، فمعرفة القضية الاجتماعية/ الأخلاقية التي يجب أن تكرس مؤسستك لخدمتها يجب أن تأتي في مرحلة لاحقة من مرحلة استهداف العملاء.
اقرأ أيضًا: مبادئ المسؤولية الاجتماعية لدى جوجل.. ممارسات مستدامة
-
التعاون مع المنظمات غير الربحية
لن يؤدي تكوين تحالف مع منظمة غير ربحية إلى إضفاء المصداقية على جهودك فحسب، بل يتيح لك الاستفادة من الخبرة الأكبر لهذه المنظمات فيما يتعلق بجمع التبرعات والأعمال الخيرية، كما سيوفر لك هذا التحالف المزيد من الفرص والمزايا، والتي ليس أقلها منح مؤسستك سمعة قوية في المجتمع المحلي الذي تعمل فيه.
-
المسؤولية الداخلية
لا يمكنك أن تعرف كيفية تفعيل المسؤولية الاجتماعية من دون البدء من الداخل؛ وهو ما يتصالح المتخصصون على تسميته بـ «المسؤولية الاجتماعية الداخلية»؛ فإذا كنت تود القيام بدور إيجابي في المجتمع فحقيق بك أن تبدأ بموظفيك أولًا.
ليس لأنهم جيشك، ولأنك من دونهم لن تقوى على فعل شيء ذي بال، ولكن لأن هذا هو مقتضى المنطق من جهة، وويمنحك المصداقية الحقيقية من جهة أخرى، وإلا فكيف بشركة تكرّس نفسها لخدمة المجتمع ثم، وفي ذات الوقت، تعصف بحقوق موظفيها وتضرب بمطالبهم عرض الحائط؟!
ويجب عليك، إذا كنت جادًا في رغبتك في تفعيل المسؤولية الاجتماعية، أن تبدأ في اتباع معايير الصحة والسلامة المهنية، خاصة أن العالم برمته رازح تحت نير فيروس كورونا، علاوة على أنه من الضروري القيام ببعض التوعية الصحية للموظفين كيما يتمكنوا من تجنب العدوى، والمحافظة على صحتهم وسلامتهم.
اقرأ أيضًا: المركز السعودي لـ «المسؤولية الاجتماعية».. جهود تنموية فعالة
-
تقارير المسؤولية الاجتماعية
هذه الخطوة متعلقة بالمؤسسة أكثر منها بالمجتمع، وهي أشبه ما يكون بـ «كشف حساب» حول ما قمت به بالفعل، فمن شأن استخدام المخططات والقصص والصور في التقارير السنوية والرسائل الإعلامية الخاصة بك أن يروق لأصحاب المصلحة والمساهمين على حد سواء.
لن تقدم معظم مشاريع المسؤولية الاجتماعية للشركات دفعة فورية للأداء المالي لشركتك، ولكن إن تم تنفيذها بإخلاص وبذكاء، فبإمكانها جلب دعاية إيجابية، وتعزيز سمعة شركتك، وتعميق تفاعل العملاء، بالإضافة إلى منحك الرضا بمعرفة أنك ساعدت شخصًا محتاجًا حقًا.
اقرأ أيضًا:
دراسة: 89% من موظفي المملكة يؤمنون بأهمية التقنيات الخضراء
طرق نظافة مكان العمل ومنع انتشار الفيروسات
المسؤولية الاجتماعية كأسلوب حياة.. من يقوم بالتغيير حقًا؟