بينما تستخدم الشركات تقنيات جديدة، مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي والاستضافة في البنية السحابية ومنصات الخدمة وغيرها؛ بهدف جعل أعمالها أكثر كفاءة وتطورًا من الناحية الرقمية، تتحول كل الأعمال إلى أعمال ذات طابع تقني وتزداد تكاليف التقنية.
ففي عالم ما بعد جائحة كوفيد 19 تسارعت هذه الديناميكية وبرزت الحاجة إلى الرقمنة والاتجاه نحو التقنية الافتراضية، ويعني هذا التوسع من العالم المادي إلى العالم الرقمي أن العديد من الأنشطة والوظائف التي كانت تعتمد بشكل تقليدي على الأيدي العاملة أصبحت ترتكز الآن على التقنيات.
ورغم أن ميزانية التقنية قد ترتفع فمن المفترض أن تنخفض التكلفة الإجمالية. ومع استمرار نمو الطلب على التقنيات مع ظهور القدرات التقنية الجديدة فإن الشركات بحاجة إلى إيجاد طرق لترشيد الإنفاق على التقنية المسؤولة عن تسيير الأعمال، بالتزامن مع زيادة الاستثمار في التقنيات التي تعمل على تحسين وتنمية الأعمال.
ومع ارتفاع حجم الإنفاق على التقنية أصبحت أوسع انتشارًا في مختلف أقسام الأعمال بالمؤسسات والقطاعات المتنوعة؛ لهذا ينبغي للشركات تبني نهج أكثر دقة بشأن الإنفاق، حيث إن المعايير التقليدية، مثل قيد الإنفاق على تقنية المعلومات كنسبة مئوية من المصروفات أو الإيرادات، قد يكون غير ذي فائدة بل قد يصبح مضللًا؛ لأنه قائم على فكرة قديمة بأن تدني الإنفاق على التقنية يؤدي إلى تحسين مخرجات الأعمال.
وهنا يظهر التحدي الفعلي: عندما تفهم الشركات إنفاقها على التقنية كيف يمكنها ترشيد النفقات وإدارتها على الوجه الأمثل لتستثمر أكثر في تحقيق النمو؟
آفاق لتخفيض تكاليف التقنية الأساسية
لم يعد تحوّل التكلفة حدثًا مؤقتًا أو برنامجًا محدودًا لبضعة أشهر. ولأن الحاجة إلى الاستثمار في التقنية تشهد نموًا مطردًا فلا بد كذلك من مواصلة تخفيض تكلفة تشغيلها في الوقت ذاته.
وبوسع المسؤولين التنفيذيين تحقيق ذلك على ثلاث مراحل:
-
التخفيض
يمكن للإجراءات قصيرة الأمد أن تساعد في تخفيض التكاليف بنسبة تتراوح بين 10% و20%؛ منها نسبة تتحقق خلال الأشهر القليلة الأولى. كما أن العديد من تلك الإجراءات هي قرارات مرتبطة بالأعمال (مثل وقف التعيين وتعليق المشروعات غير الاستراتيجية وتخفيض النفقات)، بينما يعدّ البعض منها قرارات متعلقة بالتقنية (كالحصول على معدلات استخدام أعلى من الخوادم والتخزين).
وغالبًا ما تقاس التكلفة بمعادلة الكمية X السعر، ولكن فيما يخص الإنفاق على التقنية يمكن للشركة أن تضبط الكميات بشكل أكبر من خلال إدارة الاستهلاك والطلب على خدمات تقنية المعلومات، فيما يمكن لفريق التقنية ضبط الأسعار، سواء كان ذلك عن طريق رفع معدلات الاستخدام أو إعادة التفاوض مع الباعة والمزودين.
وتعتبر إدارة الطلب أساسًا لتخفيض التكاليف؛ حيث إن غيابها يقلل من قدرات الشركة بشكل يعيق تحقيق النتائج المرجوة.
-
الاستبدال
بوسع الشركات توفير نسبة إضافية قدرها من 20% إلى 30% من التكلفة باستبدال البنية التحتية التقنية المكلفة ببدائل أقل تكلفة، ومن الأمثلة على ذلك: استبدال البرمجيات المستخدمة في الشركة بتطبيقات توفير البرمجيات على شكل خدمات، والتعهيد الخارجي للمزيد من الأعمال والحصول على خدمات الاستضافة التي تقدم حلولًا أكثر قابلية للإدارة عند الطلب، وتحسين النموذج التشغيلي بحيث يتضمن مزيدًا من المرونة في التطوير والأتمتة.
وقد يكون لتغيير تلك النماذج بعض التكاليف على المدى القصير، ولكن ينبغي للشركات موازنة تلك التكلفة مقابل فرص الانخفاض على المدى الطويل.
-
إعادة التفكير
تأتي النسبة الأكبر والأكثر استدامة من توفير التكاليف، والتي تضاهي 30-40 بالمائة، من إعادة تصميم وهندسة التقنيات بشكل جذري (سواء في البنية أو الخدمات أو العمليات أو النموذج التشغيلي بحد ذاته)، أو عبر تبسيط الأعمال وتقنية المعلومات المرتبطة بها.
فتحديث البنية أو الاستثمار في الجيل الجديد، بالإضافة إلى الاستفادة من كامل إمكانات الأتمتة تسهمان في تقليص التكلفة الأساسية بشكل يسمح بالنمو. كما أن بعض الشركات ترتقي إلى مستوى أعلى من الإنتاجية بتمكين العمل عن بُعد بشكل أفضل؛ من خلال تحسين أدوات التواصل والتشارك.
التصميم والتنفيذ
يبدأ التصميم والتنفيذ بعد تحديد الأولويات، وتعد القفزات المرنة أفضل طريقة لإدارة التعاون بين الوظائف المختلفة؛ من خلال جمع آراء المستخدمين وملاحظاتهم واستعمالها لتحسين النسخة التالية، ومن ثم تتبع فرق العمل منهجية مرنة للتعاون مع قسم التقنية في وضع المبادرات التي تخفض التكلفة، فيما يجري اختبار الحلول الجديدة وتحسينها.
ومن خلال تلك المبادرات يتعين على القادة تحديد الوضع المعياري الجديد للتكلفة؛ بحيث يعكس تغيّر أسلوب التفكير تجاه التكاليف الأساسية ويضمن استمرارية العمل.
ومن المحتمل أن يؤدي التعافي من جائحة “كوفيد 19” إلى فرض ضغوطات جديدة على الكثير من المؤسسات فيما تواصل تعزيز عملياتها التشغيلية لتلبية الطلب المتزايد، كما تغتنم الكثير من الشركات انخفاض مستوى النشاط لتستثمر في تقنيات جديدة من شأنها المساعدة في تحسين المرونة وتسريع التعافي وتمكينها من تحقيق الصدارة خلال موجة النمو التالية.
ومن خلال السيطرة بشكل أفضل على الإنفاق وتكاليف سير العمل؛ سيكون بوسع الشركات تعزيز إمكاناتها لتستثمر في تقنيات تدعم الأعمال وتمضي بها للأمام.
اقرأ أيضًا:
ريادة الأعمال القابلة للتطوير.. توسع أسرع وأرباح أكبر
خطوات الإبداع والابتكار.. استراتيجية تضمن البقاء
نظام الزراعة المائية.. أساليب حديثة لإنتاج النباتات