يحتل القطاع غير الربحي بالمملكة مكانة بارزة في رؤية المملكة 2030 والتي تركز على تطويره باعتباره شريكًا مهمًا وفعالًا في النهضة التنموية الاستثنائية الشاملة التي تشهدها المملكة، وأحد الأعمدة الأساسية لعملية التنمية.
وتهدف رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 إلى تهيئة البيئة الملائمة لدفع القطاع غير الربحي بالمملكة نحو النمو، وتحويله إلى سوق عمل جاذبة، وتنمية المجتمع؛ وزيادة عدد المتطوعين إلى مليون متطوع، وزيادة نسبة الإنفاق التنموي للقطاع لتلك المؤسسات؛ لتصل إلى 51% بدلًا من 21% من إجمالي إنفاقها، بالإضافة إلى رفع كفاءة وفاعلية رأس المال البشري.
وإذا كنا نتحدث عن القطاع غير الربحي بالمملكة فأولى بنا أن نشير، أولًا، إلى أنه تندرج ضمن القطاع غير الربحي جميع الأعمال الفردية الموجهة للخير، مثل تلك الأعمال التي يقوم بها المحسنون في خدمة المحتاجين إلى المورد المالي والغذائي والخدمي عمومًا، وما يقومون به من أعمال خيرية أخرى تدعم المحتاجين في حياتهم وتمكنهم من العيش في كفاف، لا سيما أن التعاليم الإسلامية تنادي بمثل هذه الأعمال كإطعام المسكين والإيثار ومثلها من الصفات التي دعا الدين الحنيف إلى الاتصاف بها،
لذا فإن الأعمال غير المؤسسية لتقديم العون للمحتاجين هي من ضمن النشاطات غير الربحية. وتاريخ المملكة حافل بهذه الأمثلة من العطاء والبذل والإيثار.
اقرأ أيضًا: شركة أرامكو والحياد الصفري.. التأهب للاستدامة
القطاع غير الربحي بالمملكة
ولتأسيس مسار لحركة القطاع غير الربحي بالمملكة خصص المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- للقطاع غير الربحي مساحته ضمن الكيانات المؤسسية، وفيما يلي خط زمني لحركة القطاع غير الربحي بالمملكة في أربع محطات تاريخية:
-في عام 1928م أصدر جلالة الملك عبد العزيز -رحمه الله- نظامًا لتوزيع الصدقات والإعانات يحدد أهداف الرعاية الاجتماعية ومجالاتها.
-في عام 1929م تم تأسيس لجنة خيرية في مكة المكرمة باسم لجنة الصدقات العُليا.
-في عام 1934م افتُتحت أول دار لرعاية الأيتام أُطلق عليها “دار أيتام الحرمين الشريفين” في المدينة المنورة.
-في عام 1963م تم افتتاح أول دار للعجزة والمنقطعين في مكة المكرمة؛ بهدف احتضان المسنّين والعاجزين من الحجّاج الذي انقطعت بهم السبل.
وعلى الرغم من صعوبة وجود الأبحاث المحلية في القطاع غير الربحي بالمملكة والمعلومات التي تؤصل لهذا القطاع محليًّا بصفته عملًا مؤسسيًّا أو جهدًا فرديًّا إلا أنه يمكن رصد انطلاقته بصيغته الرسمية الحديثة وعلى المستوى المؤسسي، وذلك بالنظر إلى تاريخ تأسيس وزارة الحج والأوقاف في المملكة عام 1961م؛ إذ شهدت الوزارة العديد من المراحل حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن “الهيئة العامة للأوقاف”.
اقرأ أيضًا: تبني المسؤولية الاجتماعية.. ضرورة ملحة
جمعيات وهيئات
وبالنظر إلى الأبحاث الموجودة في القطاع غير الربحي بالمملكة فإن من أوائل الجمعيات المسجلة في هذا القطاع هي جمعية البر بمكة المكرمة التي تأسست في عام 1951م، وثمة من يقول إن أول منظمة غير ربحية مسجلة كانت قد تأسست منذ 70 عامًا، ويمكن القول إنها هي الجمعية المعنية؛ ما يؤكد أن القطاع غير الربحي بالمملكة كان له حضور متنامٍ في المجتمع المحلي بصفة رسمية منذ خمسينيات القرن الماضي وقبله كما يوضح الرصد التاريخي أعلاه في عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله-.
ويمكن القول إن المملكة شهدت أول ازدهارات القطاع غير الربحي في سبعينيات القرن الماضي؛ وذلك بسبب تنامي الاقتصاد المحلي من الصادرات النفطية للمملكة؛ إذ انطلقت الحكومة في دعم البرامج الاجتماعية بناءً على وارداتها من الصادرات البترولية.
وقد كان عام 2005م وما يليه من الأعوام شاهدًا على تنامي كيانات القطاع غير الربحي؛ إذ تخصصت هذه الكيانات في مجالات مختلفة مثل: البيئة، التأييد والمؤازرة، التعليم والأبحاث، التنمية والإسكان، الخدمات الاجتماعية، الدعوة والإرشاد، الصحة، دعم العمل الخيري.
وواصل القطاع غير الربحي بالمملكة مراحل نموه، حتى بلغ نمو الكيانات غير الربحية في المملكة ما بين عامي 2015 و2016م ما نسبته 20%. وجاءت رؤية 2030 لتغيّر هذا المشهد وتسارع وتيرة نمو القطاع غير الربحي بالمملكة.
اقرأ أيضًا:
مفاهيم المسؤولية الاجتماعية.. 4 مرتكزات أساسية
المسؤولية البيئية لرواد الأعمال.. تعزيزها ومجالاتها
اعتماد المسؤولية الاجتماعية ونجاح الشركات
مبادرات المملكة لدعم الشباب.. الاستعداد لتحديات المستقبل
أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات.. مكاسب خفية