تمثل العلاقات الإيجابية في العمل ركيزة أساسية لتوفير بيئة عمل مزدهرة، ذات مردود إيجابي على سعادة الفرد وإنتاجيته، فعندما يتمتع الموظف بعلاقات قوية مع زملائه وفريقه يزداد شعوره بالانتماء والتحفيز؛ ما يعزز رغبته في بذل الجهد والعطاء.
وما من شكٍ في أن مهارات العمل الجماعي الفعال تعد ثمرة أساسية لبناء العلاقات الإيجابية في العمل؛ حيث تسهم بشكلٍ كبير في تحقيق الأهداف المشتركة بكفاءة عالية، وتضفي شعورًا بالتعاون والانسجام على بيئة العمل.
ولكن من المهم التمييز بين الزملاء في العمل والأصدقاء المقربين؛ فالعلاقات المهنية لا تتطلب بالضرورة وجود صداقة حميمة بل يكفي وجود الاحترام المتبادل والثقة والتعاون البنّاء.
ما العلاقات المهنية؟
العلاقات الإيجابية في العمل هي تلك الروابط التي ينسجها الفرد مع زملائه ومدرائه في مكان العمل، وعلى الرغم من أنها قد لا تكتسب نفس الطابع الحميمي لعلاقاتنا مع العائلة والأصدقاء فإنها تبقى ضرورية للغاية لنجاحنا المهني.
أهمية بناء علاقات مهنية قوية
تشكل العلاقات الإيجابية في العمل حجر الزاوية لبناء بيئة عمل مثالية تحفّز على الإنتاجية والإبداع، فمن خلال التفاعل الفعّال مع الزملاء والمدراء نتمكن من:
- تعزيز مهارات التواصل: تتيح لنا العلاقات المهنية فرصة صقل مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي؛ ما يساعدنا في التعبير عن أفكارنا بوضوح وبناء علاقات قوية مع الآخرين.
- تحسين العمل الجماعي: تمثل العلاقات المهنية القوية ضرورة للعمل الجماعي الفعّال؛ حيث تتيح لنا التعاون مع الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة بكفاءة.
- حل المشكلات: تساعدنا العلاقات المهنية في تبادل الأفكار والخبرات مع زملائنا؛ ما يسهم في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي نواجهها في بيئة العمل.
- التقدم المهني: تسمح لنا العلاقات المهنية الجيدة ببناء سمعة طيبة داخل المؤسسة، وهذا يعزز في نهاية الأمر فرصنا في الحصول على ترقيات أو فرص عمل جديدة.
الفرق بين العلاقات المهنية والشخصية
تعرّف العلاقات الشخصية بأنها الروابط القوية التي ننشئها مع العائلة والأصدقاء، وتتميّز بمشاركة المشاعر والأفكار الشخصية، بينما تشير العلاقات المهنية إلى تلك الروابط الرسمية مع زملائنا ومدرائنا في مكان العمل، وتركز على تحقيق الأهداف المشتركة وتعزيز الإنتاجية.
تأثير علاقات العمل في حياتك المهنية
أظهرت دراسة أجرتها منظمة “جالوب” أن الموظفين الذين يتمتعون بعلاقات قوية مع زملائهم أكثر عرضة للانخراط في وظائفهم بسبع مرات، وبشكل عام لا تشترط الصداقة الحميمة لإنشاء علاقات عمل إيجابية؛ حيث وجدت “جالوب” أن الموظفين الذين لديهم صديق واحد جيد في مكان العمل أكثر سعادة، وإلى جانب ذلك ترتبط علاقات العمل الجيدة بزيادة الإنتاجية وتحسين مشاركة العملاء؛ ما يؤدي بدوره إلى زيادة الأرباح.
بناء العلاقات الإيجابية في العمل
لا عجب أن العلاقات القوية في بيئة العمل تعد حجر الأساس لتحقيق النجاحات على مختلف المستويات. إنها بالفعل مفتاح تعزيز التعاون، ورفع الإنتاجية، وتوفير بيئة عمل إيجابية ومحفزة. لكن بناء هذه العلاقات لا يحدث بعصا سحرية بل يتطلب استثمارًا من الوقت والجهد والصبر. وإليكم بعض الإرشادات التي تساعدكم في تحسين علاقات العمل الخاصة بكم:
-
التواصل الفعال
التواصل، ذلك الجسر الذي يربط بين الأفكار والمشاعر، يعد حجر الأساس لبناء العلاقات الإيجابية في العمل. وفعالية هذا التواصل لا تقتصر على مجرد التعبير عن أفكارنا، بل تمتد لتشمل فن الاستماع بانتباه وتركيز.
فعندما يقترب منك زميل أو مدير خصص له أذنيك الصاغيتين، واستمع باهتمام لوجهة نظره. ولا تنتظر بفارغ الصبر دورك للرد بل امنح أفكاره المساحة الكافية لتتضح أمامك.
-
كن جديرًا بالثقة
الثقة هي حجر الزاوية لبناء علاقات قوية ودائمة، سواء في العمل أو الحياة الشخصية. فهي تمثل شعورًا بالأمان والاطمئنان بقدرة الآخر على الوفاء بوعوده والتزاماته. فإذا قطعت وعدًا لعضو في الفريق التزم به بكل دقة. وأكمل المهمة أو الواجب في الوقت المحدد؛ لأن هذا يظهر التزامك بمسؤولياتك واحترامك لزملائك.
-
تجنب النميمة
لبناء العلاقات الإيجابية في العمل لا بد من تجنب النميمة بكل أشكالها. فمشاركة ثرثرة عن زميل آخر، سواء أكانت صحيحة أو خاطئة، تسمّم بيئة العمل وتصنع جوًّا من التوتر وعدم الثقة. فإذا سمعت ثرثرة عن زميل لا تشاركها مع أي شخص آخر. بدلًا من ذلك حاول تغيير الموضوع والتحدث عن شيء إيجابي أو بناء.
وإن واجهت مشكلة مع زميل عمل فلا تلجأ إلى النميمة أو التحدث عنه مع أشخاص آخرين. بل حاول حل المشكلة مباشرة معه من خلال محادثة مهذبة وصادقة.
-
دعم زملاء العمل
الدعم هو أحد أهم عناصر بناء علاقات قوية وفعالة مع زملاء العمل، فهو يولّد بيئة عمل إيجابية تحفز الإنتاجية وتعزز روح الفريق. وإذا كنت في منصب رفيع فاحرص على تقديم التوجيه والإرشاد للموظفين المبتدئين قدر الإمكان. وشاركهم خبرتك ومعرفتك، وساعدهم في التطوير المهني وتحقيق أهدافهم.
وكن دائمًا مجاملًا تجاه زملائك، وكرّم إنجازاتهم بدلًا من التركيز على إخفاقاتهم. وشجّعهم على بذل قصارى جهدهم، وقدم لهم التعليقات البناءة التي تسهم في تطورهم.
-
الحفاظ على الإيجابية
في أوقات العمل الصعبة، عندما تواجه المواعيد النهائية أو ضغوط العمل، تلعب الإيجابية دورًا مهمًا في الحفاظ على تحفيز أعضاء فريقك. وبدلًا من التعبير عن القلق كن مصدرًا للإلهام وشجّع نفسك وزملاءك. واتخذ نظرة إيجابية للمواقف الصعبة. وذكرهم بقدراتهم وإنجازاتهم السابقة.
-
آداب العمل
لفهم كيفية بناء علاقات مهنية ناجحة من الضروري معرفة القواعد والتوقعات غير الرسمية السائدة في بيئة العمل. تختلف هذه الأعراف من شركة إلى أخرى، وتتأثر بثقافة الشركة وطبيعة عملها.
في بعض الشركات تسود بيئة عمل أكثر راحة؛ حيث يُشجّع الموظفون على التفاعل بشكل غير رسمي والتواصل بحرية. بينما في شركات أخرى تكون بيئة العمل أكثر رسمية. وتتطلب من الموظفين الالتزام بمعايير محددة في السلوك والمظهر.
-
العمل بمسؤولية
في بيئة العمل الجماعية يعدّ إنجاز المهام بجودة عالية وفي الوقت المحدد سلوكًا ضروريًا لبناء علاقات إيجابية مع زملائك. فأداء عملك بمسؤولية لا يدل فقط على احترافية ومهارة في مجال عملك بل يظهر أيضًا احترامك لزملائك وتقديرك لجهودهم. فعندما تكمل مهامك في الوقت المحدد تخفف العبء عن زملائك. وتسهم في سير العمل بسلاسة وتعزز روح الفريق والإنتاجية.
باتباع هذه النصائح سوف تتمكن من بناء العلاقات الإيجابية في العمل التي بلا شك تسهم بشكل كبير في تحقيق أهدافك. وتعزز شعورك بالسعادة والرضا في حياتك المهنية. استثمر في بناء هذه العلاقات وستجني ثمار هذا الاستثمار على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
الدوران الوظيفي.. الأسباب واستراتيجيات الحد منه
السعادة في بيئة العمل.. خطوات أساسية
الوظائف الأعلى أجرًا في 2024.. فرص استثنائية