تبدو معادلة: الربح أم المسؤولية الاجتماعية؟ محض خطأ؛ إذ إنها تفترض وجود تعارض بين طرفيها، في حين أن الواقع بخلاف ذلك؛ فالربح والمسؤولية الاجتماعية يأتيان دومًا يدًا بيد، لكن مكمن العلة ينبع من عدم فهم هذين الطرفين على نحو مستقيم.
إذًا يتوجب علينا أولًا أن نفهم ماهية/ جوهر المسؤولية الاجتماعية -وأظن أننا -أسهبنا في بسط ذلك في غير ما من مقال سابق- وأن ندرك ثانيًا أن بعض المنافع سهلة المنال قصيرة الأمد محض خسائر بل ربما تكون ذات عواقب وخيمة.
الربح أم المسؤولية الاجتماعية؟
ويحاول «رواد الأعمال» بيان بطلان وجهة النظر التي تفصل ما بين الربح والمسؤولية الاجتماعية؛ عبر بيان المنافع الجمة التي تنطوي عليها الممارسات والأنشطة الاجتماعية للشركات، وذلك على النحو التالي..
-
سعادة الموظفين
عندما يكون العمل التجاري أكثر من مجرد تحقيق الأرباح ولكنه أيضًا عبارة عن محاولة القيام بعمل جيد؛ لتحسين العالم أو حتى المجتمع المحيط فقط، سيكون الموظفون أكثر سعادة في وظائفهم ويعملون بجد أكبر مع العلم بأن مساهماتهم تحدث تأثيرًا إيجابيًا. وتلك أول نقطة تبين أن معادلة الربح أم المسؤولية الاجتماعية جد خاطئة.
علاوة على ذلك فإن هناك الكثير من الممارسات التي يمكن للشركات الناشئة أن تبدأ من خلالها في بناء إجراءاتها الاجتماعية. تتمثل الخطوة الأولى في تحديد نوع التأثير الاجتماعي الذي تريد الشركة المساهمة فيه، ومن ثم سيكون ما بعد ذلك أسهل، فتحديد التأثير المراد هو الخطوة الأساسية والتأسيسية أيضًا.
اقرأ أيضًا: المسؤولية البيئية للمشاريع الصغيرة.. الأهمية والمزايا
-
تعزيز الولاء واستدامة العملاء
ولكي تتأكد جزمًا أن معادلة الربح أم المسؤولية الاجتماعية محض خطأ فلتعلم أن هذه الأخيرة تسهم في تحسين وتعزيز ولاء العملاء والموظفين على حدٍ سواء.
ولا شك أن الفهم الجيد للمسؤولية الاجتماعية مهم أيضًا لأصحاب المصلحة والمساهمين، لاسيما أن الناس يعجبون بالأعمال التجارية التي تتخذ خطوات إيجابية نحو تحسين العالم.
ومن المرجح بناءً على ذلك أن يظل العملاء معك، وعلى ولاء لشركتك، وقد لا يكونون مهتمين بعمل آخر يقدم نفس الخدمة ولكن بدون تعهد الالتزام بمعايير ومقتضيات المسؤولية الاجتماعية للشركات.
-
تحسين صورة العلامة التجارية
يمكن أن يساعد اعتماد المسؤولية الاجتماعية في بناء سمعة طيبة كشركة مسؤولة، والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى ميزة تنافسية. معنى ذلك أنه لا مجال هنا لطرح السؤال: الربح أم المسؤولية الاجتماعية؟ فطرفا المعادلة يعزفان لحنًا واحدًا.
ليس هذا فقط بل إن الشركة/ الجهة التي تولي المسؤولية الاجتماعية اهتمامًا مخصوصًا غالبًا ما تحظى بتفضيل العملاء، بل الجهات التجارية الأخرى التي تجد نفسها مضطرة للتعامل معها.
وإذا التزمت الشركة بالتحرك في اتجاه المسؤولية الاجتماعية فسيكون سهلًا بالنسبة لها جذب مواهب جديدة؛ لإثراء فرقها، وستحرص أيضًا على تحفيز موظفيها والاحتفاظ بهم. وستعمل على تحسين صورتها مع عملائها؛ حيث يتم تقييم عمليتها.
اقرأ أيضًا: القطاع غير الربحي بالمملكة.. تاريخ من العطاء
-
جذب المواهب والكفاءات
هنا يتأكد تمامًا أن سؤال الربح أم المسؤولية الاجتماعية؟ لا محل له من الإعراب؛ فإذا أرادت الشركة أن تنجح، وكانت صادقة في ذلك فإنها مضطرة جزمًا إلى اعتماد المسؤولية الاجتماعية؛ فمن شأن ذلك أن يساعد الشركة في جذب الموظفين الأكفاء، والاحتفاظ بالمواهب الحالية الموجودة بالفعل لدى الشركة.
فضلًا عن كون الأنشطة والممارسات الاجتماعية والبيئية المسؤولة التي تنهض بها هذه الشركة أو تلك قد تحفز الموظفين للبقاء لفترة أطول، وبالتالي تقليل التكاليف وخفض نسب الدوران الوظيفي، والتخلص من تكاليف إعادة التدريب.
-
التميز التنافسي
يمكن أن يساعد تبني المسؤولية الاجتماعية بشكل عام في تعزيز تنافسية الشركة؛ إذ يرغب المستهلكون في مكافأة الشركات والعلامات التجارية المسؤولة.
ووفقًا لاستطلاع مركز هاريس للأبحاث في عام 2017 سيكون 80% من المستهلكين مخلصين للعلامات التجارية التي ساعدتهم في عيش قيمهم الجديدة.
وهناك شكل آخر من أشكال المنافسة وهو مشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم، فإذا تم القيام به بشكل صحيح يمكن أن يساهم تبني المسؤولية الاجتماعية للشركات في زيادة الاحتفاظ بالموظفين والمشاركة؛ من خلال برامج وعروض متخصصة وفريدة من نوعها، وزيادة الكفاءات التشغيلية مع انخفاض تكاليف العمالة وتوفير الطاقة، وزيادة الإيرادات مع نمو العملاء والمساواة في العلامة التجارية وتقليل المخاطر.
ليس ذلك فحسب بل يمكن لتبني المسؤولية الاجتماعية للشركات أيضًا زيادة قيمة المساهمين، والمساهمة في تقليل المخاطر وزيادة القيمة السوقية. أبعد هذا كله يصح أن نسأل: الربح أم المسؤولية الاجتماعية؟!
اقرأ أيضًا:
برامج المسؤولية الاجتماعية في المملكة.. مجتمع أكثر إنسانية
شركة أرامكو والحياد الصفري.. التأهب للاستدامة
تبني المسؤولية الاجتماعية.. ضرورة ملحة
مفاهيم المسؤولية الاجتماعية.. 4 مرتكزات أساسية
المسؤولية البيئية لرواد الأعمال.. تعزيزها ومجالاتها