لا يسع المتابع للشأن السعودي إلا أن يقر بالأشواط الكبرى التي تقطعها الحركة الريادية هناك، وما الاستثمار الجريء في المملكة إلا أحد تجليات ريادة السعودية عن حق في مجال ريادة الأعمال ككل.
والحق أن المملكة، وربما لا ينافسها في المنطقة سوى الإمارات العربية المتحدة، منذ بدأت في توجيه أنظارها إلى ريادة الأعمال _إدراكًا منها بحجم المخاطر والتحديات التي تعترض طريق الاقتصادات الوطنية التقليدية_ وهي تعمل على توطين ونقل الأفكار والخبرات العالمية في هذا المجال.
وتؤكد البيانات والإحصاءات حول الاستثمار الجريء في المملكة أنها ماضية في طريقها قُدمًا، ولنلاحظ أن السعودية، ورغم الظروف العسيرة التي فرضتها جائحة كورونا، حققت أرقامًا قياسية على صعيد صفقات الاستثمار الجريء.
يكفي، مثلًا، أن تعلم بأن الاستثمار الجريء في المملكة شهد نموًا تجاوز 900% من حيث قيمة الصفقات بين عامي 2015 و2019م، حتى أصبح ثالث أعلى بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (حسب تقرير MAGNITT) السابق، ناهيك عن حجم المبالغ المستثمرة والزيادة في أعداد صناديق الاستثمار الجريء.
إذًا عقدت السعودية العزم، ربما حتى قبل إطلاق رؤية 2030، على السير في الطريق الشاقة الوعرة، وأن تخط لنفسها مسلكًا جديدًا في مجال ريادة الأعمال، وها هي تحقق الإنجاز تلو الإنجاز، وهو أمر يؤكده النظر إلى واقع الاستثمار الجريء في المملكة.
اقرأ أيضًا: 5 استراتيجيات مالية ومحاسبية أساسية للشركات الصغيرة
منظومة الاستثمار الجريء
شهدت منظومة الاستثمار الجريء في المملكة، حسب التقرير الصادر عن منصة MAGNiTT المتخصصة في بيانات الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة، وبرعاية من الشركة السعودية للاستثمار الجريء التي أسستها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت»، نموًا سنويًا بنسبة 65%؛ لتسجل أعلى مبلغ استثمار جريء نصف سنوي لها في النصف الأول من عام 2021 على الرغم من انخفاض الصفقات بنسبة 7% على أساس سنوي.
وقد تلقت الشركات الناشئة في السعودية استثمارات جريئة بقيمة 186 مليون دولار في النصف الأول من عام 2021، وهو ما يعادل 94% من قيمة الاستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية في عام 2020؛ ما يضع المنظومة على المسار الصحيح لتحقيق رقم سنوي قياسي من حيث قيمة الاستثمار الجريء.
وساهمت الشركات الناشئة السعودية بنسبة 14% من قيمة الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واستحوذت على ثاني أكبر حصة من إجمالي الاستثمار الجريء في المنطقة بعد الإمارات العربية المتحدة؛ وكان هذا بسبب زيادة متوسط حجم الجولات بنسبة 77% على أساس سنوي.
وجمعت الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية استثمارًا جريئًا إضافيًا بنسبة 1700% مقارنة بالعام الماضي، بينما انخفض الاستثمار في التجارة الإلكترونية بنسبة 54%. إلى جانب كونهًا قطاعًا رائدًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واستحوذت الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية على ربع إجمالي الصفقات وقيمة الاستثمار الجريء المستثمر في المملكة العربية السعودية خلال النصف الأول من عام 2021 .
في الوقت نفسه تراجعت حصة التجارة الإلكترونية من إجمالي الصفقات (أقل بنسبة 19%) وقيمة الاستثمار الجريء (أقل بنسبة 46%) على أساس سنوي.
اقرأ أيضًا: التمويل اللامركزي وتحويل الخدمات المالية للشركات الصغيرة
الاستثمار الجريء في المملكة
ومما يدل على بلوغ الاستثمار الجريء في المملكة مكانة متقدمة تقدمها، حسب التقرير الصادر عن منصة MAGNiTT المتخصصة في بيانات الاستثمار الجريء بالشركات الناشئة، وبرعاية من الشركة السعودية للاستثمار الجريء التي أسستها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت»، من المرتبة الثالثة إلى المرتبة الثانية بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ من حيث إجمالي قيمة الاستثمار الجريء، مستحوذة على 14% من إجمالي قيمة الاستثمار و21% من عدد الصفقات في المنطقة.
وشهد النصف الأول من عام 2021 نمو الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة بمجال التقنية المالية بنسبة 1700% مقارنة بالعام الماضي.
واستحوذت الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية والأغذية والمشروبات معًا على 44% من الاستثمارات، في حين كان نحو ثلاثة أرباع المستثمرين الذين استثمروا في الشركات الناشئة السعودية خلال النصف الأول من عام 2021 من داخل المملكة.
وفي النصف الأول من 2020 شهدت السعودية العديد من الجولات الاستثمارية الكبيرة؛ من أبرزها: الجولة الاستثمارية لمنصة “جاهز” (36.5 مليون دولار)، ونعناع (18 مليون دولار)، وأكاديمية نون (13 مليون دولار).
وتنشط شركتا “جاهز” و”نعناع” في التجارة الإلكترونية بقطاع الأغذية والتموين، في حين تركز أكاديمية “نون” على منصات التعليم الإلكترونية.
وقد شهدت هذه القطاعات زيادة كبيرة في أعمالها خلال أزمة فيروس كورونا؛ ونتيجة لذلك حافظ قطاع التجارة الالكترونية على هيمنته بوصفه أكبر قطاع من حيث إجمالي الاستثمارات (67%) وعدد الصفقات (22%).
يُشار إلى أن الشركة السعودية للاستثمار الجريء هي شركة حكومية تأسست عام 2018م من قِبل منشآت ضمن برنامج تطوير القطاع المالي. وتهدف الشركة إلى تطوير منظومة الاستثمار الجريء عن طريق استثمار 2.8 مليار ريال سعودي (750 مليون دولار أمريكي).
اقرأ أيضًا:
علي أحمد أبو السعود: الاستثمار الجريء بالمملكة شهد نموًا تجاوز 900%
ما الذي يجب معرفته عن رأس المال الجريء؟
أنواع التمويل.. مزايا وعيوب التعامل مع المقرضين المباشرين