تلعب الأنشطة البيئية في الشركات أكثر من دور؛ إذ هي ليست تعبيرًا عن وعي إداري وبُعد نظر من قِبل الإدارة العليا فحسب، ولا هي فقط مجرد نهوض بالمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق المؤسسة، ناهيك عن كونها ليست دلالة على وعي المؤسسة بحجم التحديات التي يفرضها علينا تغير المناخ والاحتباس الحراري وثقب الأوزون.
وإنما هي _أي الأنشطة البيئية في الشركات_ كل ذلك وربما أكثر، وليس بمستغرب أن نرى مؤسسة هنا أو هناك بدأت في إيلاء اهتمام أكبر لهذه الأنشطة البيئية في الشركات؛ ذلك لأن الاهتمام بالبيئة أمسى توجهًا عالميًا، فضلًا عن أن هناك مكاسب للشركة ذاتها يمكن أن تتحقق من خلال هذه الأنشطة.
اقرأ أيضًا: الأنظمة البيئية في الشركات.. التكامل والمنافسة
أهمية الأنشطة البيئية في الشركات
ويرصد «رواد الأعمال» بعض ملامح أهمية الأنشطة البيئية في الشركات وذلك على النحو التالي..
-
مسؤولية اجتماعية
أول ما يتطرق إلى الذهن عند الحديث عن الأنشطة البيئية في الشركات هو أنها تعبير عن التزام المؤسسة بواجباتها الاجتماعية؛ فمثل هذه الأنشطة، التي قد تكون توعوية أو أفعالًا مباشرة مثل الانخراط في عمليات التشجير أو ترشيد استهلاك الطاقة وما إلى ذلك، لا يمكن أن تأتي إلا من قوم واعين حقًا بحجم المخاطر التي تعترض طريق البشرية في هذه الحقبة، ومدركين أيضًا ما يتعين عليهم فعله.
لكن المجتمع وحده ليس هو المستفيد من هذا الدور، بل إن المؤسسة نفسها تستفيد من مثل تلك الأنشطة؛ فمجرد نهوض المؤسسة بمسؤوليتها الاجتماعية سيجلب لها الكثير من المنافع، وقد تناولنا من قبل وفي أكثر من مقال أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات.
اقرأ أيضًا: مؤشرات الأداء البيئي.. جولة جديدة من نجاحات المملكة
-
إسعاد الموظفين
وثمة نقطة أخرى يجب التطرق إليها عند الحديث عن أهمية الأنشطة البيئية في الشركات، وهي تلك المتعلقة بأثرها الإيجابي في الموظفين أنفسهم؛ إذ من شأن هذه الأنشطة وتلك الفعاليات أن تجلب سعادة غامرة على الموظفين.
وذلك لأنها، في الحد الأدنى، تساعد في كسر الملل، وبث روح جديدة في العمل، وإن كان من الممكن الترفيه عن الموظفين بأي طريقة أخرى فلمَ لا يتم الترفيه عنهم وتسليتهم بطرق وأنشطة نافعة؟!
علاوة على أن الأنشطة البيئية في الشركات تضيف معنى إلى ما يفعله الموظفون، وبالتالي لن يكون العمل مجرد وظيفة روتينية لا معنى لها يؤديها الفرد من التاسعة إلى الخامسة، وإنما سيكون هناك، من خلال الأنشطة البيئية في الشركات، معنى أكبر للوظيفة والعمل في حد ذاته.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية.. بناء علاقة شفافة مع الموردين
-
حفاظ على المال
بيد أن منافع وأهمية الأنشطة البيئية في الشركات ليست مقتصرة على الخارج فحسب؛ أي أنها لا تعود بالنفع على المجتمع وحده، كما أسلفنا القول، ولكن الشركة ذاتها ستحقق قدرًا لا بأس به من المكاسب.
وإنما آثرنا التشديد على هذه النقطة لأن هناك من قد يظن أن الأنشطة البيئية في الشركات لا تعمل سوى على إثقال كاهل الشركة بالأموال والنفقات، والحق خلاف ذلك؛ فلئن كانت الشركة تدفع بعض الأموال في هذه الأنشطة فإنها تجني من ورائها الكثير من المنافع والمكاسب.
بل إننا نجسر، ومن دون مرية، على القول إن الأنشطة البيئية في الشركات تعمل على الحفاظ على المال للشركة أولًا ثم للمجتمع ككل؛ فالمؤسسة التي ينخرط أفرادها في توعية الناس بأهمية الترشيد في استهلاك الطاقة، والاقتصاد في الاستهلاك بشكل عام، لا يمكن التصور أصلًا بأن يعملوا هم أنفسهم على الإسراف في استهلاك موارد المؤسسة.
اقرأ أيضًا: مبادرات المملكة للحفاظ على البيئة.. جهود لحماية الكوكب
-
مشاركة في الهم الإنساني
يتصور إدغار موران؛ عالم الاجتماع الفرنسي الشهير، أننا جميعًا سكان مركبة واحدة هي الأرض، وأن ما يحدث في أقصى بقعة في العالم يؤثر، بفعل الانفتاحات العولمية أو ما نسميه نحن «عولمة الكوارث»، في العالم ككل.
ومن ثم فإن محاولة محو أو إلغاء هذه الآثار الكارثية التي يرزح كوكب الأرض تحت نيرها لن تكون عبر جهود فردية، فماذا يمكن أن يفعل أفراد قلائل مشتتون حيال هذه الأزمات؟!
وإنما لا بد من وحدة وتضافر الجهود من أجل العمل على إنقاذ الكوكب بما فيه من موارد هي في الأصل شحيحة. وعلى ذلك يبدو الانخراط بالأنشطة البيئية في الشركات نوع من المشاركة الفاعلة في الهم الإنساني الكبير، ووعي بخطورة الموقف، واتخاذ خطوات إيجابية حيال أزمات كوكبنا وإنسانيتنا.
اقرأ أيضًا:
دمج استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية في الحملة التسويقية
3 أمور مهمة عن المسؤولية الاجتماعية عليك معرفتها
استراتيجيات الشركات للحفاظ على كوكب الأرض.. كيف نحقق الاستدامة البيئية؟