لم يكن من المستغرب أن تطلق المملكة استراتيجية السياحة الرقمية؛ إذ إن هذا القطاع، كغيره من القطاعات الأخرى، سائر نحو الرقمنة بشكل حثيث، سواءً بفعل التحولات التقنية التي تجتاح العالم برمته، أو بسبب جائحة كورونا، وما أعقبها من تغيرات بنيوية على صعيد العمل، أو حتى ممارسة شتى أنشطة الحياة الأخرى، والتي من بينها: فكرة السفر، والسياحة، وإجراء الحجوزات.. وغيرها.
ومن هنا تظهر راهنية استراتيجية السياحة الرقمية، التي أطلقها أحمد بن عقيل الخطيب؛ وزير السياحة، على هامش معرض ومركز التجارة “ليب – LEAP” العالمي والرائد في مجال التكنولوجيا، وضمن جهود وخطط الوزارة لتنمية قطاع السياحة المحلية.
استراتيجية السياحة الرقمية ورؤية 2030
وأوضح الوزير أن استراتيجية السياحة الرقمية سوف تساعد في إثراء جهود إعادة بناء قطاع السياحة في المملكة، بما يحقق مستهدفات “رؤية المملكة 2030” التي تعمل على وضع المملكة ضمن أهم الوجهات السياحية في العالم، مضيفًا أن تجربة المملكة في تنفيذ هذه الاستراتيجية ستكون ملهمة لقطاع السياحة العالمي.
ودعا «الخطيب» المبدعين في هذا المجال للمشاركة في تحسين الإجراءات التي تنظم فضاء السياحة الرقمية، واستطرد قائلًا: «نريد أن يتيقن المسافرون والزوار أن قطاع السياحة في المملكة يعمل ضمن لوائح تنظيمية ذكية».
وأضاف أن المملكة العربية السعودية ستواصل القيام بدور رائد وقيادة الجهود في مسار دعم القطاع السياحي على الصعيدين المحلي والدولي؛ من أجل توفير المزيد من فرص العمل، وتحقيق الازدهار، وجذب المزيد من السياح والزوار إلى المملكة.
ونوه وزير السياحة، بمناسبة إطلاق استراتيجية السياحة الرقمية، إلى الدعم غير المحدود الذي يلقاه قطاع السياحة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
وكانت استراتيجية السياحة الرقمية قد حصلت على دعم من منظمة السياحة العالمية والبنك الدولي والشركاء الرقميين، مثل مايكروسوفت وسيسكو.
اقرأ أيضًا: الاستثمارات السياحية.. فرص وتحديات
برامج الاستراتيجية
وتضم استراتيجية السياحة الرقمية 9 برامج إضافة إلى 31 مبادرة يجري العمل على تنفيذها لمدة ثلاثة أعوام، وسوف تُستكمل بحلول عام 2025، وسيتم من خلال هذه البرامج والمبادرات تطوير بيئة عمل ذكية تدعم رحلة التحول الرقمي في القطاع؛ بحيث تستفيد منها منظومة السياحة في المملكة، وتوفر منصة شاملة لتلبية جميع الاحتياجات، مع التركيز بشكل أساسي على رضا العميل فيما يخص الخدمات المتاحة.
وستعمل وزارة السياحة على تحقيق ذلك من خلال توظيف أحدث التقنيات؛ لتعزيز فعالية اتخاذ القرارات، وتعظيم قيمة البيانات المتوفرة، وإتاحة الفرص الثمينة أمام المستثمرين.
ويهدف تطبيق استراتيجية السياحة الرقمية إلى توفير تجربة سلسة للسياح والجهات المعنية بما يدعم ازدهار قطاع السياحة؛ إذ تركز استراتيجية السياحة الرقمية على عدد من المحاور تشمل:
- السفر السلس: تقديم حلول رقمية لتبسيط إجراءات السفر.
- سهولة ممارسة الأعمال: إطلاق منصة موحدة لربط مقدمي الخدمات السياحية وتطبيقاتها.
- الابتكار: توفير بيئة تفاعلية تسمح للمبتكرين في القطاع التقني بتجربة حلول السياحة الرقمية الجديدة.
- السفر الرقمي: دعم تطبيقات الواقع الممتد للسياحة (مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز).
- تشجيع الاستدامة: مكافأة السياح على الممارسات الصديقة للبيئة.
- صناعة القرارات المدروسة: بناء الحلول التي تسمح بجمع البيانات وتوفر التحليلات اللازمة لقطاع السياحة.
- القوى العاملة الرقمية الاحترافية: صناعة جيل من المحترفين ورواد الأعمال في مجال السياحة.
- جذب المستثمرين: بناء شبكة من المستثمرين في القطاع السياحي وإشراكهم؛ من خلال المنصات الرقمية.
وتعمل استراتيجية السياحة الرقمية على تبني نماذج عمل رقمية مبتكرة من شأنها أن تسهم في رفع مستوى الطلب على الخدمات السياحية، وتشمل: وضع لوائح مبتكرة لتنظيم الفنادق الذكية، واعتماد طرق مرنة لإجراءات السفر الرقمي، وتوفير تجارب سفر سلسة للسياح ورجال الأعمال ومنتسبي الجهات الحكومية.
وتشمل استراتيجية السياحة الرقمية أيضًا: تشجيع توفير الخدمات الجديدة وتأسيس الشركات الناشئة في القطاع السياحي؛ عن طريق الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات لجذب المستثمرين، وتعزيز جاهزية الوجهات، وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة.
ويجري العمل، ضمن استراتيجية السياحة الرقمية، على تطوير نظام مرن وفعال يدعم رحلة التحول الرقمي للقطاع، ويسهم في تبني ثقافة الابتكار.
وستقود وزارة السياحة، اتساقًا مع أهداف وتطلعات استراتيجية السياحة الرقمية، جهود تطوير مؤشر عالمي للسياحة الرقمية؛ بهدف تحفيز المنافسة ضمن القطاع على مستوى العالم.
وتم تطوير استراتيجية السياحة الرقمية بالمواءمة والتنسيق مع هيئة الحكومة الرقمية ووحدة التحول الرقمي، كما تم عرضها من خلال مجلس استشاري يضم 22 خبيرًا دوليًا في مجالي التحول الرقمي والسياحة.
اقرأ أيضًا: الخطوط السعودية تطلق أول رحلة طيران مباشرة من باريس إلى العلا
رقمنة السياحة العالمية
يتناغم إطلاق استراتيجية السياحة الرقمية مع التوجه العالمي نحو رقمنة هذا القطاع؛ إذ أدت حاجة الناس إلى السفر بشكل أسرع وأكثر أمانًا وكفاءة إلى اختراع حلول تكنولوجية مبتكرة.
ووجدت دراسة أُجريت في يوليو 2020 أن أكثر من 60% من المسافرين في جميع أنحاء العالم يؤمنون بأهمية التكنولوجيا لتقليل التفاعل البشري عند السفر.
وبين يوليو وأغسطس 2020 تم إجراء مسح عالمي لتحديد النسبة المئوية لنزلاء الفندق الذين قد يستخدمون تطبيقًا لفتح باب غرفهم، وأشارت النتائج إلى أن غالبية كبيرة من المستجيبين “73%” يفضلون استخدام تطبيق لحجز الغرف أو الفنادق.
ووفقًا لدراسة أُجريت عام 2020 اشترى أكثر من نصف وكالات السفر الأوروبية ومنظمي الرحلات خدمات الحوسبة السحابية المستخدمة عبر الإنترنت، في حين أن 29% فقط فعلوا الشيء نفسه في عام 2016.
وفي الوقت نفسه ركز استطلاع أُجري في ديسمبر 2020 على استخدام روبوتات المحادثة بين السفر والضيافة، وقد اقترحت الشركات في جميع أنحاء العالم أن هذا النوع من البرامج يمكن أن يلعب أيضًا دورًا كبيرًا في المستقبل؛ حيث ادعى ما يقارب 46% من المشاركين أنهم يعملون على تنفيذ روبوتات الدردشة لتمكين الضيوف من إجراء استفسارات أو حجوزات عامة.
اقرأ أيضًا:
تطوير قطاع السياحة في المملكة.. أسرع الوجهات العالمية نموًا
عودة مناسك العمرة وتوطين تقنية الذكاء الاصطناعي
السياحة في المملكة خلال 2022.. بداية نجاح جديد
ملامح التعاون بين الخطوط السعودية و«إثراء».. تجربة قيّمة للعملاء
مسرعة أعمال السياحة وتمكين الشركات الناشئة