قال المحلل الاقتصادي أحمد فلاح الجهني، إن فرص رواد الأعمال في المملكة تتزايد بشكل كبير، مع تزايد الإنفاق الحكومي والمبادرات الاقتصادية.
كما أضاف في تصريحات خاصة لموقع “رواد الأعمال”، أن المملكة تتبنى سياسات مالية توسعية؛ حيث يتوقع أن يصل الإنفاق في الميزانية إلى 1.28 تريليون ريال بحلول عام 2025، مع احتمالية ارتفاعه إلى 1.4 تريليون ريال بنهاية 2027.
وأشار إلى أن المملكة أنشأت هيئة متخصصة تحت مسمى “الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة – منشآت” لتكون المحرك الرئيس لدعم هذا القطاع الحيوي.
كما يأتي ذلك ضمن رؤية 2030 التي تسعى إلى رفع مساهمة هذا القطاع إلى 35% من الاقتصاد بحلول عام 2030، مقارنةً بنسبة 20% سابقًا.
تخطيط صندوق الاستثمارات العامة
وأوضح الجهني. في تصريحات خاصة لموقع “رواد الأعمال”، أن صندوق الاستثمارات العامة يخطط لضخ 150 مليار ريال سنويًا في الاقتصاد المحلي. ما سيفتح آفاقًا جديدة لرواد الأعمال في القطاعات المتنامية، مثل الاستهلاكية والخدماتية.
وأكد “الجهني” الحاجة الملحة لزيادة الوعي لدى رواد الأعمال حول إدارة المال والاستثمار.
كما أكد ضرورة تقديم برامج تعليمية متخصصة في هذا المجال. أيضًا أعرب عن أمنيته في إدخال مادة دراسية تتعلق بالاقتصاد وإدارة المال في المناهج المدرسية، لتغرس هذه المفاهيم في عقول الناشئة منذ الصغر.
التكنولوجيا المالية (FinTech)
وفيما يتعلق بدور التكنولوجيا المالية (FinTech) في تسهيل العمليات التمويلية، نوه “الجهني” إلى التقدم الكبير الذي حققته FinTech في السوق السعودية.
ولفت إلى أن المملكة تخطط لمضاعفة عدد شركات التقنية المالية ليصل إلى 525 شركة بحلول عام 2030. كما أوضح أن FinTech تقدم حلولًا تمويلية سريعة ومرنة، تجعلها أكثر جاذبية من البنوك التقليدية.
مستقبل المشروعات الصغيرة
أما عن مستقبل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في ظل التغيرات الاقتصادية، فيرى الجهني، أن التحديات العالمية تؤثر على الاقتصاد عمومًا، لكن السياسات الاقتصادية المحلية توفر بيئة محفزة لنمو هذه المشاريع.
كما أشار إلى أن الاقتصاد السعودي ينمو بوتيرة سريعة، خصوصًا في القطاعات غير النفطية. ما يوفر فرصًا واعدة لتطور المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع توقعات بزيادة الإنفاق المالي سنويًا.
وأضاف في تصريحاته لمجلة “رواد الأعمال”، أن الوضع الاقتصادي الحالي في المملكة العربية السعودية يشهد نموًا مشهودًا مع تزايد جهود التنويع الاقتصادي. الذي يعد من أبرز أهداف رؤية 2030.
كما تابع: تمكنت المملكة بالفعل من تحقيق تقدم ملحوظ في هذا الاتجاه. حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي 4 تريليونات ريال بنهاية عام 2023. كما ارتفعت مساهمة القطاع غير النفطي لتصل إلى 50% من حجم الاقتصاد. فيما تأتي هذه النتائج الإيجابية ضمن إطار الجهود المستمرة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتخفيف الاعتماد على النفط.
التحديات الاقتصادية
رغم هذه المؤشرات الواعدة، يواجه الاقتصاد السعودي تحديات ملموسة في الوقت الراهن. أبرز هذه التحديات:
التوترات الجيوسياسية: تفرض التوترات بالنتطقة تأثيرات سلبية على بيئة الاستثمار في المنطقة. فالمستثمرون يفضلون بيئة مستقرة، والتقلبات السياسية والأمنية قد تؤدي إلى تعطيل تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وتؤثر على الاستثمارات طويلة الأجل.
تقلبات أسعار النفط: لا يزال النفط يشكل جزءًا مهمًا من الإيرادات الحكومية، وتقلب أسعاره يمثل تحديًا للمملكة في تمويل مشاريعها الطموحة ضمن رؤية 2030. والحفاظ على استقرار هذه الأسعار أو إيجاد بدائل لتعويض الإيرادات يعد من أبرز التحديات.
كما يتطلب تنفيذ مشاريع رؤية 2030 الضخمة استثمارات هائلة، إذ تخطط المملكة لإنفاق حوالي 27 تريليون ريال حتى عام 2030. وهذا يتطلب توفير مصادر تمويل متنوعة ومستدامة لمواكبة تلك الخطط.
خطوات تعزيز الاقتصاد غير النفطي
ولتجاوز هذه التحديات وتعزيز التنوع الاقتصادي، اتخذت المملكة عدة خطوات مهمة، من بينها:
زيادة مساهمة القطاع الخاص: تسعى المملكة إلى رفع مساهمة القطاع الخاص لتصل إلى 65% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.
وقد شهدت هذه المساهمة نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة؛ حيث وصلت إلى 48.7% بنهاية النصف الأول من 2024. وهذا يعكس نجاح الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تمكين القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار.
التوسع في القطاعات غير النفطية: تركز المملكة على تنمية قطاعات متعددة، منها السياحة، والتعدين، والصناعة، والخدمات اللوجستية. ففي قطاع السياحة، تستهدف المملكة جذب أكثر من 150 مليون زائر سنويًا بحلول 2030؛ ما يعزز من دور السياحة كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
دور القطاعات الأخرى في التنويع الاقتصادي
قطاع التعدين: تمتلك المملكة احتياطيات ضخمة من المعادن تقدّر قيمتها بأكثر من 9.3 تريليون ريال. وقد بدأت المملكة بالفعل في تهيئة بيئة استثمارية جذابة لهذا القطاع، بهدف زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 300 مليار ريال سنويًا.
الخدمات اللوجستية: أظهرت المملكة تقدمًا كبيرًا في مجال الخدمات اللوجستية، وحققت إنجازات ملحوظة في التصنيف العالمي؛ حيث ارتقت إلى المرتبة 38 في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي.
كما تعكف المملكة على تعزيز هذا القطاع، بهدف أن تكون من بين العشر الأوائل عالميًا. وأحد المشاريع الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها هو مشروع الجسر البري، الذي يربط بين البحر الأحمر والخليج العربي، بتكلفة تزيد على 50 مليار دولار. هذا المشروع سيعزز من قدرة المملكة على نقل البضائع ويساهم في رفع كفاءة البنية التحتية اللوجستية.
التجارة البحرية والفرص المستقبلية
وأوضح أحمد فلاح الجهني أن البحر الأحمر يُعد من أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم؛ حيث تمر عبره حوالي 12% من التجارة البحرية العالمية؛ ما يعادل قيمة تصل إلى 10 تريليونات ريال.
ومع تطوير مشاريع استراتيجية على طول ساحل البحر الأحمر، مثل مشروع نيوم وأمالا، ستحقق المملكة استفادة كبرى من هذا الموقع الجغرافي الفريد؛ ما يبشر بآفاق اقتصادية واسعة.
مستقبل الاقتصاد السعودي
كما أشار أحمد فلاح الجهني إلى أن مستقبل الاقتصاد السعودي يحمل في طياته الكثير من الأمل. خاصةً في ظل رؤية 2030 التي تضع أسسًا واضحة لتحقيق التنمية المستدامة.
وعلى الرغم من التحديات العالمية والمحلية، فإن السياسات الاقتصادية الطموحة للمملكة. تستند إلى رؤى مدروسة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص؛ ما يضمن تحقيق مستقبل اقتصادي مزدهر ومتنوع.
كما يعتقد أن هناك حاجة ملحة لزيادة الوعي لدى رواد الأعمال حول كيفية إدارة المال والاستثمار. مشيرًا إلى أن هذه المهارات تؤدي دورًا حاسمًا في نجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كذلك ورغم توفر الفرص الكبيرة في الاقتصاد السعودي. فإن الفهم العميق للإدارة المالية والاقتصادية يعد أمرًا أساسيًا لتمكين رواد الأعمال من اتخاذ قرارات استراتيجية تؤدي إلى استدامة مشاريعهم وتوسعها.
إدارة المال والاستثمار
كما أضاف أحمد فلاح الجهني أن رواد الأعمال بحاجة إلى برامج تعليمية متخصصة تركز على إدارة المال والاستثمار، موضحًا أن هذه البرامج يجب أن تتناول الجوانب المختلفة، مثل:
إدارة التدفقات النقدية: كيفية التعامل مع الأموال الواردة والصادرة وضمان توفير السيولة الكافية لتمويل العمليات اليومية.
التحليل المالي: تعلم كيفية قراءة البيانات المالية واتخاذ القرارات بناءً عليها.
إدارة المخاطر: فهم كيفية تجنب المخاطر المالية وتحديد الفرص الاستثمارية الأقل خطرًا.
استراتيجيات النمو: كيفية استثمار الأرباح لتوسيع نطاق المشروع على نحو مدروس.
كما أكد “أحمد فلاح الجهني”، في نهاية حديثه لـ”رواد الأعمال”، أهمية إدخال مفاهيم الاقتصاد وإدارة المال في المناهج التعليمية منذ المراحل الدراسية المبكرة.
كذلك أوضح أن تعليم الناشئة هذه المفاهيم يساعد على بناء جيل واعٍ. بأهمية التخطيط المالي والاستثماري، وهو ما يعزز من ثقافة ريادة الأعمال في المستقبل.
وفي نهاية المطاف، تمنى أن يتم إدراج مادة دراسية تتعلق بهذه الموضوعات في المناهج التعليمية. ليكون الشباب أكثر استعدادًا لخوض مجال الأعمال بثقة ومعرفة.
كتبت: منار بحيري